إصلاح القلوب

بقلم: أ. محمد رجب محاضر في الجامعة الإسلامية
إنَّ الحَديث عَن القلوبِ أيُّها الأَحِبة حَدِيث ذُو أُهمِّية بَالغة, كَيف لاَ وَأن مَدار نَفع الإِنسَان يَوم القِيامة لا يَكُون إلاّ بالقلبِ السليِم وحسب, قالَ تَعالى:(يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) الشعراء(88ـ89).
وأنا هنا لا أريد أن أتحدث كثيراً عن كيفية ووسائل نَقل الَقلب من المَرض إلى الصِّحة, بقدر ما أُريد أَن أنبه إخْواني وأخواتي إلى التَّعرف على القَلب وأحْواله, فإن القلب يعمى, لقوله تعالى : ” فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ “، كما أن القلب يَقسو , فقال عز وجل : ” ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً “.
وإن القلوب تمرض ومرضها أشد من مرض الأجساد , حيث يقول تعالى:”فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا “، كما أن القلب يُختم عليه ويُطبع والعياذ بالله و ذلك من اكتساب الذنوب والمعاصي والتفريط في الأوَامِر والوَاجِبات, قال تعالى: ” كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ “.
ومن أحوال القلوب أنها تصغي لوسوسة الشيطان , قال سبحانه : ” ولِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ “، وبعض القلوب لا تعقل , قال جل وعلا : “ لهم قلوب لا يعقلون بها “.
كما أن القلب يمتحن ويختبر كما يمتحن الجسد فيسقط أو ينجح , مصداقاً لقوله تعالى: ” أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ” .
وهُنَاك أمْراض خَطِيرة تَرِد علَى القُلُوب, وبُعضها يُوصِل إلَى الآَخر والعِياذ بِالله , ولكِن العَجب العجَاب أَنَّ الناسَ يبذلون الجُهود الكَبيرة ويَدفَعون الأَموال الطَائلة مِن أَجْل إِصلاَح الجَسد والذِّي هو مَحل الفنَاء, ولا يبذُلون الكَثير مِن أجْل إصْلاحِ قُلوبِهم والتِّي بصَلاحِها خلودهم في جناتِّ النَّعيم, إلاّ من رَحِم الله تعالى.
فالكيِّس من راقبَ قلبَه وصفّاه من هذه الأَمراض, وداوَم علَى ما يصلح هذا القلب من الأَعمَال والأَورَاد, حتَّى يكون قلباً سليماً ينفعُ صاحبه يومَ القِيامَة .
وسنتَعرفُ فِي المَرَّة المُقبِلة بِإذن الله تَعالى عَلى القلبِ السَّليم ووسائِل الوُصول إِليه .