قضايا طبية معاصرة وموقف الإسلام منها”الجزء الأول”

بروفيسور محمد حافظ الشريدة
أستاذ الشريعة الاسلامية – جامعة النجاح الوطنية – نابلس
عملية نقل الأعضاء وزراعتها!
إنّ التطورات الهائلة العلمية التي توصل إليها الأطباء المعاصرون في مجالات العلوم المختلفة، وبخاصة الطب والأحياء والهندسة الوراثية، وعلى رأسها نقل الأعضاء الداخلية والخارجية ، تدل على عبقرية الإنسان( هذا الكائن الحي المخلوق الضعيف )، وعلى عظمة الربّ المعبود، الذي وهب الإنسان هذا العقل المفكر أعظم نعم الله المادية والمعنوية بعد نعمة الإيمان ، وتدل كذلك على بديع صنع الله الذي أتقن كل شيء، وعلى أن هذا الوجود بمن فيه وما فيه، من أنفس وأشياء في الأرض والسماء والآفاق والفضاء من خلق الإله القادر العليم الخبير الحكيم المدبر العليم المريد العظيم!
وهذه التطورات العلمية المعاصرة تؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك أنه ما من شيء في الوجود ما علمنا منه وما لم نعلم من عالم الغيب والشهادة إلا ويسير حسب سنة الله ونواميسه وإرادته، وأن العلم وعلى رأسه الطب محراب الإيمان، وأن الإسلام يتحدّى تعارض العقل والنقل، وأن العلم عالمي قد يستخدم في الخير وقد يستخدم في الشر- وأن على الناس جميعاً أن يتذكروا الفرق العظيم بين الخلق والتخليق، وأن البشرية لم تؤت من العلم إلا القليل، وأن التقدّم العلمي البعيد عن منهج الله لن يحقق سعادة الفرد أو المجتمع لا في الحال ولا في المآل.
وهذه التطورات العلمية المعاصرة تؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك أنه
ما من شيء في الوجود ما علمنا منه وما لم نعلم من عالم الغيب والشهادة
إلا ويسير حسب سنة الله ونواميسه وإرادته، وأن العلم وعلى رأسه الطب محراب الإيمان،
وأن الإسلام يتحدّى تعارض العقل والنقل، وأن العلم عالمي قد يستخدم في الخير وفي الشر
بل هو أعظم وبالاً على أصحابه في الدنيا قبل الآخرة! وواقع الإنسانية اليوم أكبر دليل على ذلك. وأخشى ما أخشاه أن يتحقّق في هذا العصر قول الله تعالى: { حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّيّنتْ وظنّ أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس } [ سورة يونس آية 24 ].
إنّ عملية نقل الأعضاء من باطن الجسم أو ظاهره سواء في النزع أو الزرع مسألة فقهية حديثة لم يبحثها فقهاؤنا القدامى(عليهم رحمة الله)، وهذه القضية وليدة التطور العلمي الكبير الذي حدث في هذا العصر، ومعلوم أنه أينما كانت المصلحة فثمّ وجه الله، والحسن ما حسّنه الشرع وحده، والمنكر والقبيح ما أنكره وقبّحه الشرع فحسب! وبناءً على ذلك فإنني اشترط لجواز عملية نقل الأعضاء-نزعاً أو زرعاً أو التبرع بها عدة شروط، هي:
1- أن تتم هذه العملية بإشراف هيئة دينية طبية مستقلة.
2- عدم التبرع بعضو تتوقف عليه حياة المتبرع.
3- أن لا تؤدي هذه العملية لأضرار مادية أو معنوية للمتبرع أو للمتبرع له، في الحال أو المآل بشكل مباشر أو غير مباشر.
4- عدم التبرع بعضو وحيد في جسم المتبرع،سواء أدى ذلك لموت المتبرع أم لم يؤدّ إليه.
5- ضمان نجاح عملية كل من النزع والزرع، وذلك بغلبة الظنّ والاعتياد.
6- عدم التبرع بكل ما يمتّ إلى الأعضاء التناسلية(الإنجاب)بصلة مباشرة أو غير مباشرة.
7- عدم بيع وشراء الأعضاء، وتحريم استغلال حاجة المتبرع أو المتبرع له.
8- يحرم التبرع بالأعضاء للمحاربين، ويكره التبرع للمسالمين من الكافرين.
9- يجوز تبرع الكافرين للمسلمين.
10- يحرم التبرع لمريض ميؤوس من شفائه، أو يصعب استفادته من العملية.
11- يحرم تبرع الإنسان للحيوان في الحياة أو بعد الموت، ولو من باب إجراء التجارب.
12- يشترط في المتبرع أن يكون مكلّفاً حرّاً عاقلاً بالغاً.
13- يشترط رضى المتبرع، وحاجة المريض الماسة، وعدم وجود بدائل طبية.
14- أن تكون عملية النقل لإزالة عيوب جسدية أو نفسية حقيقية من باب التداوي وإزالة الضرر ورفع الحرج لا من باب الكماليات أو الجمال أو التغيير لخلق الله.
15- يحرم نقل الأعضاء من باب اللهو والعبث والترف العلمي.
16- تحرم إعادة عضو قطع في حدّ أو قصاص، وتجوز إعادته بوساطة بدائل طبية صناعية.
17- يحرم التبرع لفاسق يستغل عملية النقل في انتهاك حرمات الله تعالى.
18- يحرم التبرع بكل ما يؤدي إلى تشويه المتبرع أو المتبرع له.
19- يحرم التبرع بجزء في الجسم يحتوي على عدة أعضاء ( كرأس مثلاً).
20- يحرم التبرع بأحد الحواس الخمس وبكل ما يؤدي للمثلة.
21- تنفّذ وصية الميت في التبرع بأحد أعضائه بعد الموت وله أن يرجع عن هذه الوصية إن شاء.
22- يجوز لأولياء الميت أن يتبرعوا بأحد أعضائه ولو لم يوص فقيدهم بذلك، وذلك في حالات اضطرارية خاصة.
23- أن تكون عملية النقل هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ المريض ومداواته.
إلى هنا نقف اليوم معكم و نستكمل ما بدأناه في المقال القادم بإذن الله تعالى.