وقفة في نهاية كل يوم

بقلم: أ. سمية صايمة / محاضرة في الجامعةإسلامية
قد يصاب بعض الآباء بصدمة عندما يكتشفون فجأة تراجعا في المستوى الأخلاقي لأبنائهم.. ويبدو ذلك من خلال سلوك غير لائق للأبناء، أو كلمة بعيدة عن قواعد الأدب والذوق.. وقد يبادر البعض فيقول: لم أقصر في تربية أبنائي، وفرت لهم الحياة الكريمة واجهتدت كي أغرس فيهم حب الله والانتماء لمبادئ الدين القويم، ولكن للأسف ما نشأوا عليه في البيت يفسده الشارع والمجتمع المحيط..
فما هو الحل..؟؟
هل نحجز أطفالنا داخل البيوت.. ولا نسمح لهم بالخروج..؟؟
إنهم سيخرجون إلى المجتمع الواسع.. الذي يعج بالفساد.. لا حيلة لنا ولا خيار..
عزيزتي الأم.. عزيزي الأب..
لابد من الغسيل اليومي الشاق والمرهق الذي قد يفلح تماماً وقد لا يفلح.
ولكنه بلا شك سوف يخفف أدران التلوث الذي يصيب أطفالنا.. ويمحو شيئاً من آثارها.
لا توجد حلول سحرية لهذه المشكلات، ولكن الأسلوب التربوي الوقائي لهذا الواقع الشائك هو أن يقوم الآباء بعملية غسيل يومية..
إن هذه الوقفة في نهاية كل يوم سوف تغسل دماغ طفلك من شوائب الجاهلية التي تحيط به في الشارع، في وسائل الإعلام،وحتى في المدرسة سواء من الأقران الملازمين له، أو بعض المدرسين الذين غفلوا عن دورهم التربوي فكانوا قدوة غير حسنة لا خيار، ولا حلول سحرية.
لابد من الغسيل اليومي الشاق والمرهق الذي قد يفلح تماماً وقد لا يفلح.. ولكنه بلا شك سوف يخفف أدران التلوث الذي يصيب أطفالنا.. ويمحو شيئاً من آثارها.
وخير ما يعينك أيها الأب والأم هو أن تجعل العلاقة بينك وبين طفلك قوية متينة عميقة.. فحين يكون الطفل محباً لوالديه، متعلقاً بهما.. يكون وزن البيت في نفسه أعظم من وزن الشارع.. فيستطيع البيت من ثم أن يصلح ما يفسده الشارع بإذن الله وتوفيقه..
وفي هذا المقام أحب أن انقل لكم هذه القصة الرائعة..
يروي أحد الفضلاء عن موقف كان له كبير الأثر في حياته كلها.. والحديث على لسانه:
حدث في يوم من الايام أني أردت دفتراً لواجباتي.. لكني نسيت أن أخبر والدى، وكان من عاداتنا أن جميع أمورنا يتولاها الأب، ونمت واستيقظت فإذا أبي قد ذهب إلى العمل.. فلم أجد بداً من طلب ثمن الدفتر من أمي، فأعطتني أمي مبلغاً يزيد عن ثمن الدفتر على أن أعيد لها ما تبقى حال عودتي من المدرسة بعدما أخبر أبي.. وقد حدث أن جئت ونسيت الأمر برمته، ونمت بعد يوم مرهق.
وجاء والدي وكان من عادته التي اكتشفتها هذا اليوم أن يفتش ملابسي انا وإخوتي الخمسة، خشية أن يجد فيها أثرا لتدخين أحدٍ أو دليلاً على مسلك مشين.. ووجد الأب المبلغ المتبقي من ثمن الدفتر والذي يعد مبلغاً كبيراً لمثلي، وهو يعلم أنه لم يعطني هذا المال.. فأيقظني في هدوء ثم اقترب مني قائلاً: يا بني، إني لم أعطك نقوداً اليوم، فمن أين لك بهذا المال؟؟، يقول الابن: فقلت له وانا أنفض بقايا النوم عن جفني المرهق: أما كان لك أن تنتظر للصباح يا أبي؟ فقال له الأب: لن أستطيع يا بني، فإن استطعت أنت أن تنام فلن يجرؤ النوم أن يزورني الليلة حتى أعلم من أين لك بهذا المال؟
فقال له الابن: لقد احتجت دفتراً ونسيت أن أطلب منك المال، فأعطتني أمي هذا المبلغ لكني عدت مرهقاً ونمت ناسياً أن أخبرك، فانفجرت أسارير الأب واحتضن ولده قائلاً: الحمد لله الذي لم يخيب ظني فيك أو يذهب بتعبي سدى، أخلد للنوم يا صغيري فقد آن لنا جميعاً أن ننام بأعين قريرة..
إنها وصية عظيمة لكل أب.. وأم..
لا تهدأ.. لا تنم.. فكل يوم مع طفلك له وقفة..