ودقَّت الإجازة أبوابها

بقلم/ أ. سمية صايمة محاضرة بالجامعة الإسلامية
لقد دقت إجازة الصيف أبوابها، معلنة انتهاء شهور من الاجتهاد والمذاكرة المتواصلة، لتبدأ فترة طويلة نسبياً من الراحة والفراغ، ويندفع الآباء والأمهات للتفكير والتنسيق في مجالات مثمرة يقضي فيها الأبناء أوقاتهم.
فهناك المخيمات الصيفية، الرحلات، التلفاز، والحاسوب بألعابه المتنوعة؛ ولكن اللافت للنظر في عصر التكنولوجيا أن المجال الذي يحظى بأقل درجة من اهتمام الوالدين هو مجال القراءة، رغم أن القراءة هي من أهم العادات الي يتصف فيها الانسان المثقف، وهي البوابة الأولى لمن أراد أن يسلك طريق المعرفة، والقراءة ليست هواية كما نسمع.
فهناك من يهواها وهناك من يكرهها؛ بل هي منهج هذه الامة، والدليل أن أول آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه جل وعلا كانت (اقرأ)، ولكن أين نحن من هذا المنهج؟!
ففي إحصائية مخجلة نشرتها منظمه الأمم المتحده للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) أشارت إلى أن متوسط القراءة في العالم العربي ست دقائق في السنة للفرد، ولا أجد تعليقا مناسبا على هذا العار؛ ولكن اوضاعنا السيئة وسط أمم الأرض وضحالة إنتاجنا قي مجالات المعرفة الإنسانية والتقنية نتاج طبيعي لهذه الأمية الثقافية المفرطة التي نتمتع بها !!.
لذا وجب أن ننبه إلى أهمية غرس قيمة القراءة في الطفل؛ فالقراءة عادة إن مارسها الطفل في صغره شب على حبها، وإن أهملت ولم يعتد عليها استثقلها في كبره، وصار النعاس والتثاؤب ضيفيه إن عزم على تصفح الكتاب، من هنا أشدد – عزيزتي الأم – على أهمية القراءة لولدك، فأنتِ قادرة –إن أردتِ- على تكوين عادة القراءة لديه.
فشراء القصص الجميلة وقراءتها له، ومساعدته على قراءتها تعد الخطوة الأولى، ويذكر شيخنا الكبير الأستاذ الدكتور زغلول النجار أن والده كان يقدم له ولإخوته في صغرهم –في أثناء الطعام- السيرة النبوية والكثير من القصص والمواقف الأخلاقية، وهو ما جعلهم ينتظرون وقت الطعام ليستمتعوا بأسلوب والدهم الجذاب، والمعلومات القيمة .
وكذلك حكاية قبل النوم والتي أُهملت في عصر التلفاز فلها أهمية كبرى في حياة الطفل، فمن خلالها يمكننا زرع القيم والمبادئ التي نريدها، وخاصة أنها تظل راسخة في ذاكرته وتثبت في مخه أثناء النوم، فإذا اشترينا مجموعة من القصص وجعلنا لكل ليلة قصة نحكيها له قبل النوم كان ذلك مداعاة لأنْ يحب الطفل تلك القصص ويهواها،
كذلك وجود مكتبة في البيت تقع عليها عين الطفل منذ نشأته أمر مهم كذلك، والأهم من هذا كله أن يشاهدكِ ابنك تقرأين، فيستشعر قيمة القراءة وأهميتها، ومن الجميل وأنتِ تقرأين أن تُنادي عليه لتقصي على سمعه طرفة أو قصة قد قرأتيها لِتوِّك، فهذا سيجعله يحب الكتاب الذي يحتوي على المتعة والإثارة.
ومن الأشياء المهمة التي يجب معرفتها أيها الأم الحانية، أن الطفل لن يقرأ إذا لم يجد فيما يقرأه المتعة واللذة، فكثير من الآباء يشتكون من أنهم أحضروا لأبنائهم قصصا هادفة، لكن الأولاد يلقونها جانباً في ملل..
ولا يعلم الأب الحزين أن طفله لا يريد قصصا وعظية بقدر ما يريد قصصا ممتعة، وهذا يوضح تلك الإشكالية التي يواجهها بعض الآباء المستنكرين ميل أبنائهم لقصص “ميكي ماوس” و”والت ديزني” على تفاهتها، وعدم ميلهم للقصص التربوية والدينية الهادفة وهذا يعود للذكاء الذي يتعامل به الغرب مع الطفل ومعرفتهم بحاجته إلى المتعة والإثارة وإلى تعامل بعضنا بجهل مع حاجات الطفل.
وظنهم أن القصص المحشوة بالقيم والمثل هي القصص الناجحة، ويؤسفني أن أقول لهؤلاء: إن معيار نجاح القصة هو تقبل الطفل لها، فإذا ألقاها جانباً فهي قصة فاشلة حتى ولو كانت تحتوي على الفضائل مجتمعة.