تعريف عام بالمسجد الأقصى المبارك

بقلم الأستاذ الدكتور محمد حافظ الشريدة – جامعة النجاح الوطنية – نابلس
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
فإن المسجد الأقصى المبارك: أولى القبلتين، وثاني مسجد بني في الأرض، وثالث المساجد التي تشد إليها الرحال، وقد بنته الأنبياء، وجددته الخلفاء، وانتسب إليه كثير من العلماء، وسكنه وشدّ الرحال إليه كثير من الأولياء، وسقط على أرضه الكثير من الشهداء.
فتحه الإسلام، وحرّره الإسلام، وسيعيده الإسلام، وفضائله –وفضائل ما حوله- الدينية والدنيوية كثيرة جدًا .. حيث باركه الله مادّيًا ومعنويًا بالثمار والأنهار، وبالرسالات الإلهية، وهو معدن الأنبياء، وموئل الأتقياء، وعش العلماء، وهو عقر دار الإسلام، في نهاية الزمان، وإليه تمّت رحلة الإسراء، ومنه كان المعراج، وهو أرض المحشر والمنشر، وأهله مرابطون إلى يوم القيامة، والركعة فيه بمائتين وخمسين (وقيل بخمسمائة ركعة)، وعلى أرضه المباركة المقدسة الطهور تعيش الطائفة الظاهرة المنصورة، وهو دُرّة تاج القدس (عاصمة فلسطين الأبدية)، وأكثر بقعة في العالم دار حولها الصراع العقائدي بين الحق والباطل على مدار التاريخ .
تبلغ مساحته (144) دونمًا تقريبًا، وفيه قبّة الصخرة المشرّفة أجمل بناء مقدّس في العالم، وحوله مئات العقارات والمدارس والزوايا والأربطة، الوقفية والأثرية والدينية .
وأبواب المسجد اثنا عشر، ومآذنه الحزينة أربعة، ومساطبه أربع وعشرون، وآباره سبع وعشرون، وقبابه مع الصخرة عشرة، ومدارسه خمس وأربعون، لم يبقََ منها سوى ثلاث مدارس، ورواده اليوم قلّة، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم.
وعرض المسجد المسقوف خمس وخمسون مترًا، وطوله ثمانون مترًا، وله أحد عشر بابًا، ومائة وثلاثون نافذة، وثلاثة وخمسون عمودًا، وترتفع قبّته عن الأرض سبعة عشر مترًا.
وقد تعرّض المسجد الأقصى المبارك لاعتداء اليهود، أبرزها حريق كبير أتى على منبر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله في شهر آب عام 1969م، وفي عام 1996م تمّ فتح النفق تحت سور المسجد الأقصى بحجّة واهية هي تنشيط السياحة، والربح الاقتصادي، ولكن الحقيقة هي البحث عمّا يُسمّى بهيكل سليمان وهدم الأقصى بعد ذلك، والله من ورائهم محيط، ولكيدهم بالمرصاد، والله خير الماكرين. ومنذ احتلال إسرائيل لجميع فلسطين عام 1976م، وهي تسعى لتهويد القدس عن طريق هدم وإزالة ومصادرة كل المنازل والمدارس والآبار والآثار والحارات الإسلامية حول الأقصى، وعن طريق الاستيلاء على آلاف الدونمات في القدس، وبناء آلاف الوحدات السكنية في العاصمة المقدسة، وإقامة مئات المغتصبات في الديار الفلسطينية .
وقد قامت السلطات الإسرائيلية بحفريات مدروسة تدريجيًا أسفل العقارات الوقفية والأثرية الملاصقة للمسجد الأقصى تمهيدًا لهدم الأقصى، مع أنّ سليمان بن داود، هو الذين جدّد بناءه، ونشر عقيدة التوحيد، وقضى وثنية مملكة سبأ . والعجيب أنّ النبي سليمان عليه السلام دعا الله واستجاب الله دعاءه، بأن يغفر ذنوب كل من يمّم وجهه للصلاة فيه، ولكن اليهود اليوم يمنعون كل من يريد التوجّه إليه من أبناء الشعب الفلسطيني، ويزعمون أنهم من أتباع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، مع أنّ أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام ما كان يهوديًا ولا نصرانيًا ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين.
إن المسجد الأقصى يرتبط به مسلمو العالم عقائديًا، ويرتبط العالم العربي به عقائديًا وقوميًا، ويرتبط الشعب الفلسطيني عقائديًا وقوميًا ووطنيًا.
ولذا فإن الصراع الفلسطيني اليهودي المعاصر؛ صراع ديني وتاريخي وحضاري، لا مجال للتهاون فيه، والعجيب أن العدو يتمسّك بباطله بالنواجذ، وأهل الحق مقصّرون في الدفاع عن دينهم وبلادهم وتراثهم !
إنّنا اليوم بحاجة إلى بعث جديد يعيد المجد والعزّة ، ولا يرضى بالذلة والهوان، بعث جديد يعيد لهذه الأمة الإمامة في الأرض، ولن يتأتى ذلك إلا إذا عُبِد الله عزّ وجلّ حقّ العبادة، وتخلّق أهل هذا الدين بالوفاء الذي تخلّق به أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، وتمسكوا بأوامر الله الواردة في كتابه، وعلى لسانه نبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فجاهدوا في الله من أجل ذلك حقّ الجهاد، وأعدّوا لذلك كله العدّة .
أهمّ الكتب القديمة التي تحدّثت عن فضائل المسجد الأقصى :
- مخطوط فضائل البيت المقدّس، الواسطي الخطيب، والذي حقّقه إسحاق حسون عام 1979م.
- مخطوط أبي المعالي المشرف بن المرجا، فضائل بيت المقدس والخليل، والذي حقّقه ونشره مؤخرًا في العام 1995م مستشرق يهودي الدكتور عوفر ليفنه.
- الأسنا في محل الأسرا في فضائل المسجد الأقصى، لأبي المعالي المشرف بن المرجا.
- كتاب في فضائل بيت المقدس وفضائل الشام، لأبي إسحاق إبراهيم المكناسي المغربي من علماء القرن السابع الهجري.
- المستقصى في فضائل الأقصى، لنصر الدين بن خضر الحلبي الرومي، نشره المستشرق اليهودي أشتور، في مجلة تبريز العبرية.
- فضائل بيت المقدس، لابن طولون الصالحي، وله اسم آخر فصل الخطاب في تضعيف الثواب.
- المستقصى في فضائل المسجد الأقصى، لنصر الدين محمد بن محمد العلمي الحنفي القدسي.