حوارات

الأول على الفرع العلمي “أسامة السودة”: أحلم بأن أصبح مجدداً مصلحاً عالماً لأخدم أمتي

حوار: عبد الرحمن الشيخ

عام مضى، تحكي أيامه حكاية الاجتهاد، وتشهد لياليه على العيون الساهرة التي واصلت الليل بالنهار لتصنع نجاحا يقهر الأعداء، ويعد جيلا للنصر القادم، عام قضاه أسامة في سباق مع الزمن ، يحلم باليوم الموعود، الذي يرفع فيه رأسه عالياً ابتهاجاً بما صنع وأنجز، كيف لا؟ وقد قال الله تعالى:” قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون”، ومن يواصل الليل بالنهار حرصاً على تحقيق ذاته، ليس كمن ينام الليل الطويل، وفي النهاية لا يحصد سوى الحسرة والندامة.

أسامة عدلي السودة مثال للطالب المجتهد الذي جد ووجد، وزرع فحصد، فقد استطاع أن يحصل على المرتبة الأولى في الثانوية العامة (الفرع العملي) بقطاع غزة بمعدل 99.6%، تحاوره “الثريا” بقرب لتتعرف على حياته وأحلامه.

القدوة الحسنة

في ضيافة الثريا يقول السودة:”على المرء منذ بداية حياته أن يقتدي بشخص يحبه ويسير على نهجه، فيتعلم منه وينهل من فيض علمه، وليس هناك أفضل من خير الرسل وخير البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي علمنا أن نيل المطالب لا يأتي بالتمني بل تؤخذ الدنيا غلابا، وأن الحياة فيها الكثير من الكبد والمشقة تحتاج منا للصبر والمواجهة والثبات، والذي علمنا أيضاً أن نعمل لدنيانا كأننا نعيش أبداً ونعمل لآخرتنا كأننا نموت غداً”.

كلمات أذهلت من يسمعها وهي تخرج من فم أسامة وقد استيقنها قلبه، هذا الشاب الذي لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره ، لكنه حقق ما لم يحققه الكثيرون.

ويضيف أسامة قائلاً:” أجمل شيء في النجاح، أن تشعر أنه بفضل الله تعالى وأنه منحة وهدية منه سبحانه، والمهم ليس الوصول للقمة، بل أن تحافظ عليها”.

أمل رغم التحديات

ورغم ما مر خلال العام الدراسي من تحديات جمة، وعلى رأسها الانقطاع المستمر في التيار الكهربائي، فقد استطاع أسامة أن يقهر كل تلك التحديات قائلاً:” إن انقطاع الكهرباء لم يكن ليضعفني أبداً، بل كنت أستمد قوتي من رحم المعاناة، فهي التي تصنع الرجال، فقد مزجت الألم بالأمل، والسعادة بالحزن، واستطعت أن أنتج مزيجاً فريداً اسمه النجاح، فما أحلى مذاقه وما أزكى سرائره”.

مساندة العائلة والمدرسة

وفي حديثه عن مساندة عائلته له قال أسامة: “نحن أسرة تتكاتف مع بعضها في جميع الظروف، وبالتأكيد فقد لقيت دعماً كبيراً من أمي التي لم تبخل علي بأي شيء، والتي كانت تدعو لي في صلواتها وخلواتها، وكذلك أبي وإخواني الذين وفروا لي الأجواء الملائمة لكي أدرس بعيداً عن الضوضاء أو أي معيقات، كما لا أنسى أساتذتي في المدرسة الذين بذلوا مجهودات رائعة لكي يفهمونا المنهاج بأبسط الطرق، حقيقة كل الشكر والتقدير لكل من ساندني وسهل لي الطريق لأصل إلى ما وصلت إليه”.

هل كان يتوقع؟

وفي معرض رده عما إذا كان قد توقع حصوله على المرتبة الأولى أجاب أسامة: “في الحقيقة كنت أتوقع أن أتفوق وأحصل على معدل كبير، لكن بصراحة لم أكن أتوقع أن أكون الأول على الفرع العلمي، فالحمد لله عدد ذرات الكون على ما حباني وأعطاني”.

كيف نظم وقته؟

ويعرض أسامة أسباب النجاح ومنها تنظيم الوقت حيث يقول: “النظام أساس السعادة في الحياة، وسبيل الوصول للمعالي، وقد أعددت جدولاً يتلاءم مع ظروف حياتي لأسير عليه، وذلك من بداية العام الدراسي أو حتى قبله، وقد خصصت جل وقتي للدراسة، وقد كنت أجد متعتي وأنا أسير على جدولي وأنظم حياتي وفقاً له، لكن مع ذلك لم أقصر في الصلاة أو صلة الأرحام أو زيارة الأصدقاء، فالمهم أن تحقق التوازن في حياتك، فلا إفراط ولا تقصير”.

بماذا تحلم؟

ويرسم السودة حلمه بفرشاة النجاح مستمدا ألوانه من الجد والاجتهاد والإرادة فيتحدث عن حلمه: “أحلم بأن أكون من أصحاب الهمم العالية، أولئك النجوم الذين يهتدي بهم الناس، والذين يهدون الناس إلى سبل الصلاح والرشاد، أحلم بأن أصبح مجدداً مصلحاً عالماً لأخدم أمتي بكل ما أملك، أحلم باليوم الذي أقف فيه أمام الله تعالى، وآخذ فيه كتابي بيميني، فيقول الله تعالى قوله لعباده الصالحين:” ادخلوها بسلام آمنين”، ثم أسمع المنادي يقول:” يا أهل الجنة خلود بلا موت”، فلا فرحة تعلو هذه الفرحة”.

هذا هو الطالب أسامة عدلي عبدالله السودة، الحاصل على المرتبة الأولى في الثانوية العامة (الفرع العملي) بقطاع غزة بمعدل 99.6% ، قد سلطت “الثريا” عدستها عليه، فاستطعنا أن نعرفه عن قرب ونعلم جيداً كيف استطاع أن يصل إلى تلك المرتبة السامية، فبالتوكل على الله ثم بالجد والعمل والإرادة التي لا تهزها الجبال نستطيع أن نصنع المعجزات، وبتلك الإرادة القوية والفهم العميق لرسالة الإنسان نستطيع القول أننا سننتصر بإذن الله بتلك السواعد وتلك العقول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى