عين على القدسفلسطينيات

القدس في منظومة ثلاثية الأبعاد

تقرير: إسراء أبو زايدة 

وسط زحام الاستيطان, وعمليات الحفر التي طالت شتى مساحات المسجد الأقصى, وتهويد القدس الذي ما زال يفتك بالمقدسيين ويهجرهم من ديارهم تزامناً مع ثورات الشعوب التي بدأت تنتفض على الظلم, تعالت أصوات حناجر الغزيين في محاولات لإعادة المسجد الأقصى, وصيانة حقوقه السليبة, وقد أتى مشروع عمران القدس ذاكرة الأمة, لتعزيز مكانة القدس في القلوب قبل السطور, وجعلها قضية عربية إسلامية لتتربع على عرش الإعلام العربي بجميع أطيافه, ومن هنا تأتي الصيحات الغزية, لتلبية نداءات وصيحات تنزف دما لحماية مقدساتنا التاريخية الإسلامية.

شاركت وكلها حماسة وعزيمة وإصرار لتقول ما خطته يمناها قبل أن نسمع صدى حروفها, حيث تقول المهندسة نيفين الكولك:” إن المشروع يهدف إلى توثيق المباني الأثرية في مدينة القدس باستخدام برنامجي
(Google sketch up& Google Earth) وذلك ضمن مجموعة عمل تكونت من عدد من المهندسات المعماريات”, معبرةً بالقول:” المهندسين والمهندسات أولى الناس بالحفاظ على عمران وجذور الهوية الفلسطينية, ولهم دور كبير في مشاطرة الأمة مهنياً ووجدانياً”.

وأوضحت م. الكولك أن فكرة المشروع نبعت لديهم نتيجة شعورهم بأنهم ليسوا أقل تقدماً من الدول التي تقيم النماذج الثلاثية الأبعاد عن أهم المباني في مدنهم وعواصمهم, مضيفة:” لنا تراثنا المعماري والحضاري والمباني المهمة لدينا و ليس هناك أولى من القدس لتكون في أولويات اهتماماتنا”.

وتضيف المهندسة الكولك :”مدينة القدس من أقدم مدن العالم, ولها تاريخها الحضاري الهام والذي يجب نشره من خلال دعوة مفتوحة على الشبكة العنكبوتية بزيارة مدينة القدس من خلال النماذج الثلاثية الأبعاد المنشورة بها”.

منوهة إلى أن المشروع عبارة عن توثيق إعلامي هندسي, حيث يتم نشر الرسومات ثلاثية الأبعاد على (Google Earth) الذي بدوره يستخدم الشبكة العنكبوتية لعرضها لزائري البرنامج والباحثين, وذلك بعد رفعها كنماذج ثلاثية الأبعاد , وإضافتها على البرنامج السابق ذكره من خلال برنامج(Google sketch up).

وعن الجهات الداعمة للمشروع تقول الكولك:” احتضنت المؤسسات فكرة الموضوع حين عرضت عليها, بدافع الإحساس بالمسئولية اتجاه القدس ولقدسيته و مكانته العظيمة في النفوس، فكان له قبولا كبيراً”.

وتضيف الكولك :” هناك الكثير من المؤسسات التي دعمت فكرة المشروع, منها لجنة المهندسات في نقابة المهندسين, ومركز إيوان, ووزارة الثقافة, وتم ذلك برعاية كريمة من اللجنة الوطنية العليا للقدس عاصمة الثقافة العربية للعام 2009م”.

وعن أهمية الموضوع أدلت بقولها :” إن المشروع يعتبر الحلقة الأولى من حلقات سلسلة توثيق التراث المعماري والعمراني لمدينة القدس”, موضحةً أن كثير من الصهاينة يحاولون نسب هذه الآثار إليهم, ونتيجة الاعتزاز النابع من القائمين على العمل بمدينة القدس وضرورة تعريف العالم بها، انبثقت لديهم هذه الفكرة بهدف العمل على تغيير النمط السائد في التعامل مع قضية القدس والمسجد الأقصى”.

وتحدثت المهندسة الكولك عن مراحل حياة المشروع ومدته حيث تقول:” المشروع بدأ بالمرحلة النظرية, حيث تم فيها وضع قاعدة بيانات للمشروع, من خلال معلومات نظرية, ومجموعة من الصور”, مبينة أنه تم الحصول على المعلومات والصور من وزارة الثقافة, بالإضافة إلى الاستعانة ببعض مخرجات مساق دراسات فلسطينية باعتباره أحد المساقات لطلاب قسم العمارة بالجامعة الإسلامية”.

ونوهت الكولك إلى أهمية المرحلة العملية باعتبارها مرحلة احترافية باستخدام برنامج(Google sketch up), حيث تم التمهيد للمشروع من خلال دورة مكثفة في البرنامج, تم خلالها تدريب المهندسات, وتعريفهن على أدوات البرنامج وإمكانياته, عن طريق إنشاء بعض النماذج ثلاثية الأبعاد لبيوت أثرية قديمة في مدينة القدس, باعتباره جانب تطبيقي أولي لاحتراف البرنامج”.

وعن المرحلة الثالثة من المشروع تحدثت الكولك:” في هذه المرحلة تمت عملية النمذجة, حيث تم تحويل مجموعة الصور, والسكتشات التوضيحية إلى مخططات أوتوكاد ثنائية, تم تحويلها وبنائها كنماذج ثلاثية الأبعاد باستخدام برنامج (sketch up) “.

وتضيف الكولك :”و اختتم المشروع بمرحلة التوثيق, ويتم فيها تحميل النماذج ثلاثية الأبعاد على برنامج
(Google Earth) في مكانها الصحيح, بحيث تم تجميع النماذج ضمن نموذج تطبيقي واحد, وتصديرها كملف بامتداد (Kmz) حتى يتسنى تصديرها على برنامج(Google Earth).

وتطرقت م. الكولك إلى الحديث عن العقبات التي كادت أن تهدد وقف المشروع خلال مراحله الأولى و التي تتمثل في النقص الشديد في المعلومات والبيانات حول التصور الحقيقي لطبيعة العناصر ونمذجتها.

وتوضح الكولك أن المشروع اشتمل على مجموعة من العناصر المعمارية البالغة ما يقارب (90) معلم ومبنى, والذي تم تصنيفها ما بين (المآذن , الجوامع, الأسبلة, القباب, المدارس, الآبار, المصاطب, والأروقة) , والموجودة داخل سور المسجد الأقصى, مقدرة مساحة المسجد بما يقارب (144متر), أي ما يعادل(1\6) من مساحة البلدة القديمة من مدينة القدس.

وتنوه الكولك إلى ما يضفي الميزة على سور المسجد الأقصى وجود رواقين, أولهما الرواق الشمالي البالغ طوله (321) متر, وتتوسطه مئذنة هي مئذنة باب الأسباط, واحتوائه على عدد من المدارس والأبواب مثل( المدرسة الجاويلية, الداويديرية, المالكية, وباب العتم, حطة, الأسباط).

أما الآخر فهو الرواق الغربي البالغ طوله (490) متر, ويحتوي على ثلاث مآذن( مئذنة باب الغوانمة, مئذنة باب السلسلة, مئذنة باب المغاربة وهي المئذنة الفخرية), بالإضافة احتواءه على عدد من المدارس والأبواب( باب المغاربة, السكينة, وسوق القطانين, الحديد, الناظر, الغوانمة, والمدرسة الأشرفية, التنكيزية, العثمانية, الخاتونية, الأرغوانية, المنجكية).
كان ذلك هو المشروع الذي أنجزته مجموعة من المهندسات، ليرسلوا عبره رسالة مفادها أنه رغم كل محاولات التهويد, إلا أن العزيمة تأبى الخنوع , وتولد من رحم المعاناة الفلسطينية ضمائر حية تدافع عن القضية الفلسطينية, عزائم تولد, وطاقات تتفجر, وأناس باقية على العهود، ورغم الحصار والتجويع فهي لا تنكسر ولا تتنازل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى