متى يستحب رفع اللوزتين؟

إعداد: د. عبد الله بعلوشة
كثر الحديث في السنين الأخيرة عن عملية رفع اللوزتين، حيث يميل الكثير من الجراحين إلى رفع اللوزتين ، سواء في الأطفال أو الكبار ، لمجرد التهابهما أو تضخمهما. وفي هذا المقال سنتعرف على اللوزتين والتهابهما والدواعي الحقيقية لاستئصالهما .
تطلق كلمة لوزتين على العقدتين اللمفاويتين المحيطتين بفتحة الحلق ، وهما جزء من منظومة لمفاوية تشكل ما يعرف بحلقة فالدير ، والتي تتألف من هاتين اللوزتين المذكورتين أعلاه ، مع عقدتين لمفاويتين تتمركزان في المنطقة الواصلة ما بين الأنف والبلعوم ، وتسمّيان الزوائد ، مع النسيج اللمفاوي خلف جدار البلعوم ، مضافاً إليها النسيج تحت اللسان …
هذه الحلقة اللمفاوية التي تحيط بفتحة الحلق ، مهمتها الأساسية هي تشكيل خط دفاعي ، ضد كل ما يهدد جسم الإنسان من ميكروبات مهاجمة ، فإذا ما دخل ميكروب عن طريق فتحتي الفم أو الأنف ، فإن هذا الخط الدفاعي يتصدى له ، وتدور رحى معركة ضارية ، لا تهدأ حتى يتم تحطيم ذلك الميكروب ، ومن الطبيعي أن تكبر هذه العقد اللمفاوية ، بما فيها اللوزتين ، وهو دليل صحة لا مرض ، لأنه يعني فعالية تلك العقد ونشاطها في الدفاع عن الجسم ، والحفاظ على صحته …
ولكن قد يحدث أن تكون الميكروبات من القوة والشراسة بحيث تتغلب على هذه الوسائط الدفاعية وتعطبها ، فتصبح هذه العقد عبئاً على الجسم ، بدلاً من أن تكون عوناً له ، وهنا يصير من المناسب رفعها لتخليص الجسم من ضررها … ولكن يبقى السؤال المهم ، وهو : متى نرفع هاتين اللوزتين .!؟
يستحب رفع اللوزتين في الحالات المرضية التالية:
• التهاب اللوزتين المزمن والمتكرر: فكل طفل يعاني من التهاب مزمن ومتكرر في الحلق واللوزتين ، بمعدل سبع مرات أو أكثر للسنة الماضية وحدها ، أو خمس مرات أو أكثر لكل سنة من السنتين الماضيتين ، مثل هذا الطفل يرخص له في عملية رفع لوزتيه ، لأنهما باتتا تشكلان عبأً يجب التخلص منه .
• ضخامة اللوزتين والزوائد المزمن والمتسبب في أعراض اختناقية : إذ ليس كل ضخامة في اللوزتين تستدعي رفعهما ، بل كون هذا التضخم مزمنا، وليس ضخامة مؤقتة فيهما بسبب الالتهاب. كما أن الضخامة لوحدها ليست سببا كافيا لرفع اللوزتين ، ما لم تكن مترافقة بأعراض وعلامات مزعجة للطفل ، مثل : صعوبة التنفس والاختناق ، وخاصة أثناء النوم، وتأخر النمو ..
• ومن الأسباب المهمة لرفع اللوزتين ، حصول خراج فيهما أو حولهما: إذ أن العلاج الناجع لمثل هذه الحالة يكون في رفع اللوزتين مع الخراج في الوقت ذاته .
هذا هو القدر المتفق عليه من دواعي رفع اللوزتين ، وهي حالات نادرة ومحدودة ، أما رفعهما لمجرد التهابهما أو تضخمهما، أو كوقاية أو حتى علاج لالتهاب الجيوب الأنفية ، أو التهاب الأذن الوسطى ، أو التهاب الرئة … فهذا كله غير وارد ، وهو من باب تضخيم الأمور.
بقيت قضية وهي إلحاح بعض الآباء والأمهات على الأطباء لرفع اللوزتين عند بعض أبنائهم ، ظنا منهم بأن هذا هو التصرف الصحيح ، الذي يمكن أن يقلل الالتهابات عند أولئك الأبناء ، أو يزيد من شهيتهم للأكل ، وبالتالي يزيد من وزنهم وعافيتهم .!!!
وهنا يأتي دور الطبيب الحاذق والمخلص ، الذي يبذل كل ما يستطيع لإقناع أولئك الآباء ، بأن مجرد ضخامة اللوزتين في الأطفال الصغار هو أمر طبيعي وفيزيولوجي ، لا يلبث أن يزول وتضمر اللوزتين في عمر أقصاه ثماني سنوات ، ولذلك يجب أن لا يشكل ذلك مصدر قلق ، ما لم يكن مترافقاً مع أعراض مزعجة يقدرها الطبيب نفسه … كما يجب على أولئك الآباء أن يعرفوا بأن عملية رفع اللوزتين في الأطفال ليست خالية من المخاطر والمضاعفات ، التي أقلها : النزف ، والتهاب الحلق والبلعوم ، مع مضاعفات التخدير … وأكثرها قد يصل إلى حد تهديد الحياة ..!!!