“رحلة العمرة ” رحلة إيمانية بين الطابع السياحي والاهتمام الشبابي

تقرير: محمود عبد الكريم هنية – غزة
الزمان :في لحظة عابرة الحدود ثابتة الدلالة، المكان: على بوابة قريبة من بوابات الجامعة الشمالية، الحدث: قرار جماعي بين عدد من الـأصحاب للتوجه لبيت الله الحرام لأداء العمرة في رحلة سياحية مغموسة باللذة الإيمانية .
تلك لمحات سريعة ومقدمة مختصرة تفسر طبيعة الشكل الجديد لرحلات سياحية بات يقبل عليها الكثير من الشباب الفلسطينيين في قطاع غزة بهدف زيارة بيت الله الحرام في المملكة العربية السعودية ، حيث عكف العديد من الشبان على تنظيم رحلات عمرة يشارك فيها مجموعة من الـأصحاب ، حيث يقومون بممارسة الشعائر الدينية ويستفيدون من تعميق العلاقة فيما بينهم ونظرة على تلك الجهود كان لموقع الثريا هذا التقرير .
سعيد الحاطوم شاب فلسطيني سافر لبيت الله الحرام مع عدد من أصدقائه المقربين لأداء العمرة في بيت الله الحرام ومكث عدداً من الأيام في السعودية ، يستذكر سعيد تلك الرحلة ويتحدث للثريا عن الدافع وراء تنظيمه لها فيقول: ” إن الدافع الديني وتزكية الروح هي أهم ما يدفع الأصحاب الملتزمون دينياً وسلوكياً للبحث عن راحة نفسية ممزوجة بالطقوس الإيمانية مستفيدين من تواضع أسعار تلك الرحل”، ويضيف الحاطوم:” حرص الأصدقاء على تعميق العلاقة فيما بينهم وتقويم الأرواح المشتركة على أساس الطهر والعفة الإيمانية في بلاد الله الحرام هي من الأسباب التي يبحث الشباب عن تعزيزها في تلك الرحل كأهداف يحرصون عليها “
وعن طبيعة الأوقات التي يقضونها في تلك الرحلة يوضح الحاطوم طبيعة الخطة التي يقومون على تنظيمها قبل إقلاعهم من القطاع حيث يقررون قضاء أوقاتهم بالعبادة وزيارة الآثار النبوية والإسلامية في تلك البلاد والتعرف على العلماء والمشايخ المعروفين والالتقاء بدروس الوعظ التي ينظمونها في مساجد المملكة ” .
ويضيف الحاطوم بالقول: ” نحاول التعرف على كل ما نقرأه في التاريخ الإسلامي لنرى بعيوننا مشاهد المسلمين الأوائل والتعرف على الكثير من الوفود المتضامنة مع الشعب الفلسطيني والتعريف بما يجري على أرض فلسطين الحبيبة “.
وحول التكاليف المالية للرحلة يرد سعيد بالقول: ” سعر العمرة متواضع في قطاع غزة ويسعى الكثير من الشبان المشتركين على تجميع أموالهم شهوراَ متعددة من مصاريفهم ويستعينون بأولياء أمورهم حتى يتدبروا أمرهم ويستطيعون من خلالها تسيير الرحلة”.
وفي لقاء الثريا مع المعتمر أيمن عرفات 26 عاما يقول للثريا: “أضحت العمرة حلم كل شاب فلم يعد الاهتمام بأداء العمرة أو الحج على كبار السن فقط، ومن لم يمتلك المال يسعى للحصول عليه من مصروفه الشخصي ومن جمعية يشارك بها مع أصدقائه، فتزكية النفس مطلب قوي جدا ورضا المولى عز جل تستحق منا بذل كل شيء، ويضيف ما أروعها من لحظات تلك التي قضيتها هناك تشعر بنفسك كالقطعة السوداء التي تذهب هناك فتعود ناصعة البياض”.
ويشاركه أدهم عيسى 22 عاماً، ذات الشعور الروحاني الذي طغى على ملامحهم وكلماتهم حيث يقول: “شعور لا يمكن وصفه حينما تزور قبر الرسول الكريم و تتعرف على ما قرأته في التاريخ الإسلامي فقراءة ألف كتاب منها لا تعدل لحظة واحدة وأنت تقف بعز تستذكر أمجاد الأمة، حينما تكون هناك تشعر بنفسك في غنى عن الناس جميعا فلا تريد أخا أو أختا أو صديقا أو أي شخص، فقط تكون بحاجة لقضاء أكبر وقت ممكن في الصلاة والعبادة والتسبيح والاستغفار “.
من جانبه “الأستاذ الدكتور ماهر حامد الحولي المحاضر في كلية الشريعة الفلسطينية وعالم من رابطة علماء فلسطين” يوضح ما تمثله رحل العمرة من أهمية من حيث ما يمثله القائمون عليها من شباب ملتزمين دينياً يحاولون قضاء أوقاتهم بطرق إيمانية شرعية “
ويشير الحولي إلى ما تمثله رحلة العمرة من مؤشرات ايجابية تدلل على توجه الشباب الفلسطيني نحو الالتزام الشرعي وتميز بطريقة ايجابية بين اهتمامات شريحة عريضة من الشباب الفلسطيني نحو الالتزام الهادف ونظيرهم من الشبان التائهين في عباب الحياة .
ويدعو الحولي للاهتمام بمثل تلك المشروعات والمبادرات لما لها من أهمية بالغة بما تقوم به من تثبيت مفاهيم الترويح الايجابي التي يحرص الإسلام على تعزيزها في نفوس التابعين له حسب الحولي، ويكون بمثابة البديل لتلك الرحلات التي تنتهي عادة بالتقاط عادات غريبة ووافدة على ثقافة وسلوك المجتمعات الإسلامية .
من جانبه يوضح “الدكتور وليد شلاش شبير رئيس قسم الخدمة الاجتماعية في الجامعة الإسلامية ” أهمية الرحل الشبابية لبيت الله الحرام ، فيرى فيها فائدة تعود على العقل والسلوك الشبابي الفلسطيني وتعد بمثابة فرازة خلقية وسلوكية تتماهى معها قيم الكثيرين من الشبان، وتؤسس لمرحلة حاسمة في القضية الخلقية التي يستند عليها المجتمع الفلسطيني في صموده مع الاحتلال.
[divide style=”2″]وحول أثر تلك الرحل على سيكولوجية التفكير لدى الجيل الجديد يعتقد الدكتور شبير أن الأهمية تنبع مما يفكر فيه الجيل الجديد وما يمثله من اهتمامات بالنسبة إليه ، وهو ما يعتبره شبير بمثابة علامة فارقة فيما كانت تفكر فيه الأجيال السابقة من سياحة قائمة على الترويح العاطفي وما يفكر فيه شباب اليوم وما يقوم عليه من تفكير منطقي نابع من منطلقات ويهدف من ورائها تحقيق غايات “. [divide style=”2”]
ومن الجدير ذكره بأن الكثير من الجمعيات والأطر التنظيمية ذات المرجعية الإسلامية تسعى لتنظيم رحلات مستمرة ودائمة ، وكانت آخرها ما تنظمه الكتلة الإسلامية من رحلة عمرة للطلبة المتفوقين الحاصلين على درجات الامتياز في المدارس الفلسطينية وكذلك ما قامت به الرابطة الإسلامية مؤخرا من تكريم بعض الفائزين والمتفوقين .