غير مصنف

” بيان ” و ” بسمان ” شهود عيان على شريعة الغاب الأمريكية

حوار/  محمود هنية – الثريا

دقائق الساعة تشير إلى الثانية عشر ، إنها اللحظات الأخيرة التي تختتم معاناة تسعين شهرا في حياة الأخوين ” بيان ” و” بسمان ” العشي معاناة تجسدت في أبشع صور الطغيان السياسي التي تمارسه الإدارة الأمريكية بحق الكثيرين ممن يناصرون القضية الفلسطينية ، ويعملون لمؤازرة الشعب الفلسطيني بغية تحقيق أهدافه السياسية العادلة.

تسعون شهرا قضاها الأخوان “بيان وبسمان العشي” بتهمة أمريكية لا أصل لها، يعدون الأيام والساعات وحتى اللحظات، فقد باتت طويلة جدا في حياتهم، توقفت فيها عقارب الساعة عن المواصلة، لكن عقولهم وقلوبهم المتصلة بغزة، وإيمانهم لم يتوقف بل زاد أضعافا، وفي قضيتهم أسدل الستار عن مسرحية العدالة الأمريكية التي تجيرها سياسة البلد، دون اعتبار لحقوقهم القانونية وحتى الإنسانية.

كانت لحظات مروعة تلك التي أعلن فيها القضاء الأمريكي بسجن كل من الأخوين بتهمة تقديم مساعدات مالية “غير مباشرة” لحركة “حماس”، من خلال مؤسسة الأرض المقدسة التي امتلكها “بيان” و”بسمان” و”حاتم” و”إحسان العشي” وكان معهم في ذات القضية الفنان الإسلامي “محمد أبو راتب” ، وهي من أكبر المؤسسات الخيرية ذات الأصول الإسلامية في الولايات المتحدة والتي أسست عام 1987 في ولاية تكساس.

ولم ترتكب المؤسسة منذ تأسيسها أي مخالفات قانونية، وقد أنشئت المؤسسة كما يؤكد العشي حسب الأصول القانونية المتبعة في أمريكا وكافة معاملاتها الإدارية والمالية موثقة ومعتمدة رسميا.

ولم يتوقع الأخوان قرار المحكمة وتصرف القضاء الأمريكي بهذا الشكل معهما، حيث مرت قضيتهم بحلقات متعددة من مسلسل المضايقات في قضية “الأرض المقدسة”، كان بدايتها ممارسة الحكومة الأمريكية ضغوطات كبيرة مورست عليهم لإجبارهم على وقف تقديم المساعدات المالية للعوائل الفلسطينية .

ويقول بيان للثريا:”لم نتوقع هذا التصرف مع الحكومة الأمريكية خاصة وأننا نعمل في مجال إنساني بحت يتعلق بتقديم مساعدات مالية لفقراء يتم التنسيق لها عبر مؤسسات فاعلة في ذات الشأن ومسجلة قانونياً في بلادها “

وتبدأ الحكاية حسب “بيان” عندما صدر قرار وقف عمل المؤسسة من قبل القضاء الأمريكي في شهر أيلول / عام 2002 قبل إغلاقها وإحالة مسئوليها إلى المحاكمة؛ حيث يشير “بيان” إلى تبرئة الهيئة القضائية الـأولى التي نظرت في قضيتهم لكافة التهم الموجهة إليهم ثم قامت الإدارة الأمريكية بإحالة القضية لهيئة قضائية أخرى وفق المواصفات التي تريدها الحكومة الأمريكية لتوجيه الاتهامات لـ”الأرض المقدسة”.

وحول أصابع الاتهام الإسرائيلية أشار” بيان” إلى الدور الإسرائيلي في القضية حيث تقدم في القضية شاهد وحيد “إسرائيلي” ، حيث لم تسأل المحكمة مطلقا عن تفاصيل الشاهد ولم تكتب عن هويته وهو ما مثل خرقاً واضحاً في القانون الأمريكي.

ويضيف بيان :”من الواضح أن القرار كان معداً سلفاً ولم يكن فيه من القانون سوى الشكل الهزلي التي تقدمت به المحكمة، وكان القرار بالنسبة للمحكمة مسألة أمنية غير قابل للنقاش القانوني وقد تبنت رأي الحكومة دون النظر في المعطيات القانونية للقضية “.

ومن العجائب التي واجهها الأخوان العشي في القضية قال ” بيان “:”ما تقدم به المدعي العام الـأمريكي الذي رأى في دور المؤسسة إرهاباً يتمثل فيما تقدمه المؤسسة من دعم بنظر المدعي يخفف من الحصار الاقتصادي المفروض على الحكومة الفلسطينية المنتخبة في قطاع غزة وهو ما يستدعي محاكمتهم عليها.

وعن طبيعة المعاملة الأمريكية مع الأخوين العشي في السجون الأمريكية نفى بيان أن يكون قد تعرض لتعذيب جسدي ، ولكنه تحدث عن ظروف قاسية تعرضا لها من أوضاع السجن حيث مكثا في زنزانة لا تتسع لشخص واحد يوجد فيها أكثر من شخص إضافة إلى “مرحاض صغير” في نفس الزنزانة التي تفتقد لأشعة الشمس .

وأشار بيان إلى حجم التعذيب المعنوي التي مارسه السجان بدوره من منع لزيارة الأهل واستفزازات أخرى تتعلق بممارسة السجان الذي يستمتع بحرمانهم من الأشياء التي تقدم لهم حيث كان يحرمهم من الفورة اليومية ساعة من كل أربع وعشرون ساعة ، إضافة إلى حرمانهم من الاستفادة من الاستعارة من المكتبة المركزية ، والطرق المخالفة للدين الإسلامي في الطهي المقدم لهم .

وعما آلت إليه أوضاع ” بيان ” و” بسمان ” أشار بيان إلى سعادته لعودته إلى أرض غزة ، ورد بالقول ” لم ولن أشعر بالندم لأنني أقف بجانب شعب يبحث عن الحرية وأعلم أنني حر في إرادتي وشعبي سيحقق أهدافه العادلة “.

وعن اللحظات الـأخيرة للإفراج تحدث بيان عن قيام أربعة من أفراد الشرطة الأمريكية باصطحاب بيان وأخيه إلى المطار ومن ثم ترحيلهم لمصر التي قامت بدورها بترحيلهم لقطاع غزة كما هو التعامل مع جميع الفلسطينيين، فيما قامت الحكومة بترحيل أزواجهم وأبنائهم كذلك “.

وقد أشار بيان إلى احتمالية نجاح كبيرة في قدرة الفلسطينيين على التأثير على الموقف الأمريكي حيث يرى أن نسبه كبيرة من الأمريكيين لا يعلمون حقيقة ما يجري في الأراضي الفلسطينية ، والكثير منهم أيضا متعاطف مع الشعب الفلسطيني؛ داعيا إلى تحقيق إستراتجية وطنية متكاملة في الإعلام والسياسة والمقاومة للوصول لتحقيق التضامن الدولي المساند لعملية التحرر الوطني الفلسطيني “.

وفي معرض رده على آخر تساؤل حول إن كانت لـ”بيان” نية للرجوع إلى أمريكا ، فهز رأسه وبدت على محياه الابتسامة وأجابنا بصوت رخيم ” هل يملك من يعيش بحرية أن يعود للمعتقل مرة أخرى، ففلسطين هي حريتي وهوائي ومتنفسي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى