أدوار الشباب نحو قضية القدس

تحقيق: محمود عبد الكريم هنية – غزة
شبان فلسطينيون يجسدون معالم الخارطة الوطنية بتجاربهم
يبدو من العبث الفكري والحضاري التعريف بمدينة القدس على أنها اعتبار أو ممثل لدين أو لأمة أو لقومية بعينها، ذلك أن هذا التعريف عدا عن كونه اعتباراً ناقصا بشواهده وحقائقه ومفرغاً للمضمون الحضاري والقيمي للمدينة المقدسة، ـفإنه أيضاً يعتبر اختزال حقيقي لتلك المزايا التي تتمتع بها مدينة القدس.
حيث إنه لم يتسنَّ لأي مَعْلم ديني أو موقع جغرافي في كل دول العالم أن تحظى على قيمة قدسية تعبر عن شراكة الأمم والأديان في ثقافة وحضارة مشتركة كتلك القيمة التي تتمتع بها مدينة القدس بما تحتويه من وجود لمعالم دينيه تدلل على التواجد التاريخي والحضاري لجملة من الحضارات والأديان والشعوب التي عاشت على هذه الأرض، وذلك بما تحويه من مساجدها وكنائسها، وهي ما زالت مستمرة ومحافظة على نفسها برغم التشويه والاستهداف المستمر لتغيير صبغة تلك المدينة من قبل الاحتلال الصهيوني .
نحاول عبر هذا التقرير أن نبدأ خطوة المعرفة ونبحث عن النموذج والتجربة الشبابية للدفاع عن القدس بالأفعال لا بالكلمات.
نرصد في هذا التقرير مجموعة من النشاطات الشبابية التي تهدف إلى نصرة قضية القدس وأول حديثنا عن ” رابطة شباب لأجل القدس” تلك الرابطة التي نشأت من رحم مؤسسة القدس الدولية في بيروت، يقول الدكتور عبد الله معروف: “بأنها ممثل وحاضن للجهود الشبابية التي تسعى لخدمة قضية القدس، وهي فكرة نشأت لتفعيل الجهود والعمل على تنظيم الفعاليات من قبل الشباب المسلم العربي التي تستهدف دعم وتعزيز صمود المدينة المقدسة وسكانها”.
في غزة شُكلت مؤخرا “رابطة شباب لأجل القدس” كامتداد لتلك الرابطة الممتدة في معظم الدول العربية والإسلامية، حيث يقول رائد أبو شعبان منسق الرابطة في القطاع: “بأنهم استطاعوا مؤخراً تشكيل مجموعات شبابية استطاعت القيام بأنشطة متعددة من ورش عمل وندوات ودورات تدريبية وإيفاد شباب للتدريب في المخيمات الصيفية عدا عن تنظيم مهرجانات إنشادية وغيرها من الفعاليات التي تستهدف شريحة الشباب لتعزيز دورهم في دعم القدس المباركة”.
بدورها الناشطة الشبابية في قطاع غزة الإعلامية “هدى فضل نعيم ” تتحدث عن تجربتها في ” نادي عشاق فلسطين ” حيث تقول: “بأنها قامت مؤخراً مع عدد من زملائها بتأسيس ذلك التجمع الشبابي بهدف القيام بتنظيم فعاليات فكرية ممثلة بالندوات وورش العمل ومسابقات ثقافية ميدانية، وكذلك القيام بفعاليات ميدانية أخرى استرعت اهتمام الصحافة في كثير منها وأخذت طابعاً إعلامياً متميزاً”.
وتضيف هدى بأن ما يميز النادي الشبابي بأنه يضم شباباً متنوعين سياسياً وثقافياً، وتؤكد بأن النادي بدأ بتدشين صفحات ومجموعات عبر الإعلام الجديد من الفيس بوك وتويتر، وكذلك شرعت بعمل أفلام وثائقية ونشرها عبر قناتهم على اليوتيوب.
من جهتها ” هيام سابا ” الناشطة الشبابية “تؤكد بأن مهمة الدفاع عن الحق تستوجب تكاتفاً شبابياً بكل اتجاهاته السياسية والفكرية والثقافية والدينية ، لتعزيز محور الدفاع عن المدينة المقدسة التي احتضنت يسوع ومحمد عليهما السلام.
وتضيف ” هيام”: “نحن كفلسطينيين نتعرض للقتل والإبادة من قبل إرهاب الدولة العنصرية وهي لا تميز بين أبناء شعبنا فهي كما تستهدف المسجد الأقصى تستهدف كنيسة القيامة، ومن قبل استهدفت كنيسة المهد وكانت تحمى من أبناء شعبنا المسلمين، وذلك يعبر عن عمق شعب يواجه الاحتلال وعنصرية محتل” .
وتؤكد على مشاركتها في إعداد منشورات ودراسات توضح حجم الاستهداف الإسرائيلي للمدينة المقدسة ، وقامت بنشرها مؤخراً في أكثر من محفل ديني في القاهرة وفرنسا لفضح الاحتلال عند المسيحيين في الغرب ، وإطلاقها لصفحة على الفيس بوك معنونة باللغة الانجليزية تحت عنوان ” العبادة حق مقدس ” لفضح ممارسات الاحتلال”.
وتشير إلى سخط كبير بدأت تتلمسه ممن تعاملت معهم من ممارسات الاحتلال ، مؤكدة أن خداعا كبيرا يسيطر على الكثير من أبناء الغرب ، بسبب آلة الإعلام الكبير الموجه إليهم من قبل الاحتلال بمساندة الولايات المتحدة الأمريكية التي تساعده في حربه ضد الفلسطينيين للأسف الشديد.
من جانبه الصحفي الفلسطيني الشاب ” خليل طروانة” يعتبر “دولة إسرائيل ” بأنها دولة عنصرية قائمة على الإرهاب والتمييز ، ويتحدث عن تجربته حيث يقول: “لأنها ” أسرائيل ” التي لا تعبر عن _الدين اليهودي الذي أنزله الله _ قررنا فضح ممارساتها والتأكيد على براءة الدين اليهودي منها”.
فقد عمل خليل على تأسيس مدونة خاصة به على الانترنت يكشف من خلالها الخداع الديني الذي يمارسه الاحتلال ليحظى على تعاطف المجتمع الدولي ، وقد شرع بتأسيس صفحة ناطقة باللغة العبرية تنادي بضرورة إنهاء الاحتلال للأرض الفلسطينية للوصول لسلام عادل في الأراضي الفلسطينية “.
بدوره أكد الدكتور “أحمد أبو حلبية” رئيس مؤسسة القدس الدولية في فلسطين على دور الشباب في تعزيز موقع مدينة القدس وترسيخها في عقول الناس ودفعهم للعمل على حمايتها ، واعتبر أبو حلبية في معرض رسالته بأن الشباب هم الواجهة والدفعة التي يراهن عليها في ظل ما تتعرض له المدينة المقدسة.
ودعا أبو حلبية الشباب للعمل على تعزيز أدوارهم ضمن منظومة يستطيعون من خلالها وضع قواعد داعمة ومعززة لقضية القدس، وكذلك ضرورة احتفاظهم بمرجعية ثقافية عالية عن المدينة المقدسة تساعدهم في رسالتهم .
وفي لقاء مع المطران ” الأب عطا الله حنا ” يؤكد على ضرورة الاهتمام بقضية القدس وتعزيز مفاهيمها لدى الشباب ، فهم الأمل في استعادة الحق المسلوب ومواجهة الصلف لدولة الإرهاب العنصري ، والعمل على افشال مخطط التهويد الإسرائيلي ومحاولات طمسه للحقائق التاريخية والواقع الفلسطيني في المدينة.
ويشيد” حنا ” بالأنموذج الشبابي القادر على إدارة اهتماماته ليصوبها نحو المدينة المقدسة ، داعياً الجميع لأن تكون القدس معبرة عن ألوان العلم الفلسطيني ليرفرف العلم في وجدان وقلب كل فلسطيني حر.