من يقوم بتربية أطفالنا

بقلم/ عبد الخالق محمد البحيصي- مدير الإرشاد والإصلاح الأسري
لقد جعل الإسلام نظام الأسرة نظاما متكاملا كيف لا والمنظم سبحانه وتعالى، وقد حدد شروطا لاختيار كلٍّ من الزوجين واعتمد على محورين أساسيين وهما: الخلق والدين؛ ليتسنى لهذه الأسرة أن تدوم وتستطيع أن تصل إلى بر الأمان في كل ما يعترضها وما يعتريها من أهواء وعواصف تتعرض لها الأسرة وبهذا نجد مجتمعا مسلما متكافلا بين أفراده قلب ينبض بالحب والمودة والإحسان.
وبنظرة سريعة على صفات الزوج الصالح التي ينبغي أن تتوفر في الزوج وهي: أن يكون صالحا ذا خلق حسن أمينا في دينه وفي جسده، قال تعالى: (إن خير من استأجرت القوي الأمين)، ولهذه الأسباب زوج الشيخ الصالح ابنته نبي الله موسى عليه السلام.
ومن الصفات التي يجب أن تتوفر في الزوجة الصالحة أن تكون صالحة مطيعة لزوجها فيما لا يسخط الله، محافظة على نفسها في غيبة زوجها محافظة على ماله، محافظة على أن لا يرى زوجها منها إلا كل خير قال عليه الصلاة والسلام: ( الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة)
ومن المهام العظيمة والتي تقوم بها المرأة تربية الأبناء وبناء جيل مسلم نعتز به وتبدأ هذه التربية من لحظة الولادة إلى مرحلة عدم احتياج الطفل لرعاية النساء؛ ولكن مرحلة التربية لا تنقطع ويبدأ أسلوب آخر يعتمد على التوجيه والإرشاد وبث الثقة في نفسه وبناء شخصية سوية .
نرى في مجتمعنا الفلسطيني ومن خلال عملنا في المحاكم الشرعية حالات من إقدام الأم لترك أطفالها الصغار الذين لم يتجاوزوا الثلاث سنوات لزوجها وطلبها بإلحاح الطلاق ظنا منها أنها تنتقم من زوجها .
أختاه بالله عليك كيف طاوعك قلبك الذي تحملينه بين أضلعك أن تتركي أطفالك في سن هم أحوج ما يكونون لرعايتك وتربيتك؟ تحرمين نفسك من أغلى كلمة وأول كلمة تنطق بها شفتا طفلك (مـامـا )، كثير من الناس يبحث عن الذرية ويصرف أموالا طائلة وينتظر سنوات طوال في أن يرزقه الله بذرية وتذهب كل جهوده هباء منثورا؛ لأن الله بقدرته وعلمه قدر له ذلك ويعيش في رضى نفس هكذا حال المؤمن.
أيتها الأم الظالمة لنفسك كيف سمح لك قلبك أن تتركي أولادك عند أبيهم من أجل خلاف أسري مهما كان عاصفا ومهما كانت أسبابه الواهية من وجهة نظر الزوجين وتكون ضحيته فلذة كبدك والله كأنك تقطعين في جسدك .
ابن السنة والثلاث سنوات كيف يعيش في كنف والده, لقد أوجد الله في تكوينك البيولوجي غرائز ليست لدى زوجك، من سيقوم برضاعة الطفل وإطعامه وتنظيفه وتعليمه الكلام، لقد أودع المولى في صدرك صبرا لا يعلم قدره إلا الله، هانت عليك نفسك وطاوعتك عقليتك أن تتركي أطفالك بلا مربية.
أيتها الأم راجعي نفسك وعودي عن عنادك واطلبي الأجر من رب العباد وساهمي معنا في بناء جيل يتربى على القيم والتضحية حتى نصنع جيلا يحرر أرض الإسراء والمعراج من دنس يهود.
أيها الزوج غير الواعي لدوره.. رفقا بالقوارير أكرموا نسائكم وابحثوا عن عواقب تخلي الأم عن دورها العظيم مصداقا لقول الشاعر: الأم مدرسة إذا أعددتها*** أعددت شعبا طيب الأعراق .