عندما ينقلب السحر على الساحر

تقرير/ هدى فضل نعيم،،
عندما ينقلب السحر على الساحر ماذا تكون النتيجة؟، فلكل قوي من هو أقوى منه، واعتبروا يا أولى الألباب، فلا يزال القصف والدمار مستمرا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر منذ سبعة أعوام يتوقف أياما ليعود مباغتاً أهالي القطاع ويقصف المنشآت والأفراد لمحاولة إضعاف قوتهم وإحكام الحصار المفروض عليهم , إلا أن أهالي غزة يصرون على أنه (هيهات أن يمس أحد بعزائمنا وبكرامتنا) ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين .
تتجلى معاني هذه الآية الكريمة ليلة الثامن والعشرين من أغسطس حيث قامت قوات الاحتلال وبشكل مفاجئ كعادتها بقصف عدة مقرات في مدينة غزة باستخدام طائرات الإف ستة عشر, شاء القدر ليلتها بأن لا يصاب أحد ولا يرتقي أحد شهيدا بحمد الله، وقدرا كان يتواجد على تراب الوطن الحبيب وفد أجنبي من جنوب أفريقيا جاء لغزة ضمن حملة إعادة إعمارها، وكان هذا الوفد لا يبعد سوى مائة متر من منطقة الاستهداف .
وعاشوا اللحظات التي يعيشها الشعب الفلسطيني بذات الخوف وبذات الصراخ والرعب على الأحبة الذين قد يتواجدوا في مكان الاستهداف، تذوقوا ذات الطعم المر الذي يذيقنا إياه المحتل حينما نفقد حبيبا سواء كان أخا أو أختا أو زوجا أو أبا أو ابنة، فالصاروخ حينما يباغتنا لا يميز بين رجل أو امرأة، طفل أو شيخ مريض أو معاق فهو عام وشامل لجميع الفئات والأعمار، وتلاشت الصورة لدى الوفد القائلة بأن غزة تحيا حياة عادية، وأحال القصف تلك الصورة إلى أخرى تختلف كليا في تفاصيلها، ترك لديهم انطباعا جديدا فقد علق مسئول الوفد جونيد فانديربلانك على ما حدث أنه إجرام ولا يمكن لأي إنسان أن يعيش في ظل هذه الظروف” .
ويتابع جونيد فانديربلانك:” في البداية عندما وجدت غزة جميلة وفيها مناطق رائعة قلت: إن وضع غزة جيد؛ لكن عندما حدث ما حدث ليلة أمس، وجدت غزة بلدة رائعة صامدة وتغيرت الفكرة حيث إنني وجدت شعبا يريد الحياة ومستمرا في الإبداع وصنع الحياة رغم كل الظروف فهذا الشعب يعي جيداً أنه أي لحظة سيتم استهدافه إلا أنه مستمر بالبناء والإعمار وصنع الحياة رغم أنف الاحتلال .
ويضيف جونيد فانديربلانك:” كنت سأخرج من غزة للترويج للقضية الفلسطينية كأي قضية لكن الآن سأعمل جاهدا لفك الحصار ووقف هذه الجرائم التي ينفذها الاحتلال في غزة ! .
أما الصحفي نيشيل رامبيرسادا الذي كان يبدو عليه معالم الصدمة والذهول من صوت الانفجارات التي سمعها, ويصف للثريا بالقول:”لا يمكن استمرار الحياة هكذا، ولا أعرف كيف تعيشون في هذا الوضع، نحن كنا ذاهبين للنوم في غرفة الفندق التي تطل على إحدى المواقع التي استهدفت ولم يتم إنذارنا أو تنبيهنا بأن هناك شيئا قد يحدث وفجأة أصبحت تنهال الصواريخ من دون توقف والزجاج ينكسر وهناك نساء وأطفال، وبرعب يتحدث:” كان الموقف صعبا جداً لا يمكن وصفه لكنني وجدت في أهالي غزة الصمود والتحمل لهذا الوضع وبصراحة أصبحت احترم قضية غزة أكثر من الماضي بكثير وأصبحت مهتماً بها أكثر وسأعمل على جعلها قضية رأي عام بشتى الطرق والوسائل” .
وبإجماع من جميع أفراد القافلة أن ما يحدث بغزة هي جرائم يجب أن يحاسب عليها الاحتلال ويجب أن يكون هناك حد لذلك, لأن شعب غزة شعب يحب الحياة ومبدع وصابر على كل هذا الأذى فهو شعب يستحق الحياة أكثر من غيره .
أما الأستاذ محمد الجاجا منسق الوفد في غزة فيقول واصفاً تلك الليلة التي مرت على الوفد: “كانت ليلة صعبة جداً، كان الخوف منتشرا بينهم وكان من الصعب السيطرة عليهم لأنهم كانوا في صدمة شديدة من قوة الانفجارات وهي التجربة الأولى لهم والتي يعايشونها مع القصف “.
وأبدى الجاجا تخوفه من ردة فعل أفراد القافلة اتجاه ما حدث لكنه فوجئ بهم في صباح اليوم التالي أنهم مصرون على القدوم على غزة مرة أخرى رغم ما حدث معهم، وأنهم سينقلون القضية الفلسطينية إلى العالم أجمع، بل وقال مسئول الوفد: إنه سيجلب دعما أكبر وسيعمل على نشر القضية بشكل أوسع لأن ما يحدث في هذا الشعب هو جريمة، وأن أهالي غزة يعيشون وكأن هناك سيفا على أعناقهم في أي لحظة يمكن أن يقطعها الاحتلال بظلمهم، وهذا الوضع لا يمكن أن يتحمله أحد” .
ويتابع محمد الجاجا: ربما أراد الاحتلال التأثير علينا وعلى المقاومة إلا أن السحر انقلب على الساحر وكسبت غزة تضامناً أكبر ودعما للمقاومة بشكل أكبر، حيث قال أحد أفراد القافلة لرجال المقاومة قبل أن نغادر: اليوم تأكدنا أنه عندما تطلقون الصواريخ على الكيان إنما هو من أجل الدفاع عن النفس وهو من حقكم ويندرج تحت قانون البقاء، فالإنسان يسعى لتوفير الحياة والصمود من أجل البقاء في هذه الحياة “.