خذوا العلم عن أهل الورع وطبقوه بالاعتدال

بقلم د. صادق قنديل أستاذ الشريعة الإسلامية
اعلموا أيها الشباب أن من ادعى علم السنة، وطعن في علماء الأمة، فليس بمأمون على أحكام الدين، ومن أخذ الشريعة بنصوص تحفظ ، من غير أن يدرك معانيها، ويقف على مقاصدها.
فقد أهمل أصل الدين وغاياته، وجعل مصادر الشريعة جامدة لا روح فيها، وقد يوجد من الناس من يتخصص في علم من العلوم كالتاريخ، والأحياء، والهندسة، فهؤلاء يستفاد منهم في مجالهم.
ولكنهم ليسوا أهلا للفتوى، ولا يصلحون لتلقي العلم الشرعي عنهم، وقد يكون من بينهم من يجيد فن الدعوة والخطابة، والقدرة على التأثير في الجماهير، ومع هذا لا يعنى أنهم من أهل التحقيق العلمي، فكثيرا ما يجمعون بين الغث والسمين، والأصيل والدخيل، والصحيح والضعيف، ومع هذا كله يمكن أن يستفاد من وعظهم، إن وعظوا بالصحيح من الكتاب والسنة.
وفي مقابل هؤلاء من تخصصوا في العلم الشرعي، لكن منهم من يحرم كل شيء، ومنهم من يحلل كل شيء، وهذا ما قاله الحسن البصري – رحمه الله- ” يضيع هذا الدين بين الغالي فيه والجافي عنه ” ولكن الصنف المطلوب لتتبعوه أيها الشباب، هو صاحب العلم والورع، الذي يجمع بين عقل الفقيه وقلب التقي، ويدرك الواجب المطلوب، والواقع الموجود، ويفارق بين ما يخص الخواص، ويحتاجه العوام، لا يدفعه التيسير إلى الزعم بأن الدين رفع الحواجز بين الحلال والحرام.
ويأخذ بالاحتياط من غير أن يدفعه إلى التشديد والتعسير، شعاره يسيروا ولا تعسروا وفق الدليل، منهجه الدليل الصحيح، ومادته قال الله وقال الرسول، لا قال فلان ولا أرى كذا ورأي كذا، وهذا ما نص عليه شيخ الفقه والورع سفيان الثوري حين قال: إنما العلم الرخصة من ثقة، أما التشديد فيحسنه كل أحد” .
ونصيحتي لكم أيها الشباب أن تتصفوا بصفات أهل العلم والورع، بأن تكونوا أصحاب همم عالية، وعزائم جادة، وإرادة فاعله، يمنعهم ورعهم من الطعن في أحد، أو الكذب على الله ورسوله، أو حتى الغمز واللمز بمن أحب أن يبلغ ولو آية، اجعلوا همكم البناء لا أخطأ فلان وقصر علان، بل علموهم وأرشدوهم وخذوهم بطرف من اللين، قال تعالى: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِك }.
ولتتحصلوا على هذا كله خذوا العلم الشرعي من ثقات يجمعون بين العلم والورع ، لا تأخذوه من مبتدئين همهم أن يتحلق الناس حولهم، وطبقوا ما أخذتم من علم بالاعتدال، قال ربكم:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} وقال نبيكم – صلى الله عليه وسلم- فيما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: قَالَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم:”إن الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ ” والدلجة بجزء يسير من الليل.