كتاب الثريا

حماة ترد دينها إلى ابنها

بقلم/ عبد الخالق محمد البحيصي- مدير الإرشاد والإصلاح الأسري- بديوان القضاء الشرعي

من الأسباب التي تؤدي إلى تفسخ وتمزيق وانهيار العلاقات الأسرية لدى مجتمعنا الفلسطيني والتي تشكل عبئا على خطط التنمية وتفسد كل البرامج التنموية حالات الطلاق المنتشرة في مجتمعنا الفلسطيني  والتي من أسبابها تدخل الحماة في أدق شئون الحياة الزوجية .

وإصرارها العجيب على هدم الحياة الأسرية لأعز الناس على قلبها إصرار لتشريد وتفكيك هذه الأسرة وكأن لها خطة مبرمجة تسير على محاورها لا تحيد عنها قدر أنملة لتحقيق هدفها الرئيسي هدم الأسرة وتشريد أطفالها والتنكيد على فلذة كبدها .

نتساءل هنا هل ولدت الحماة لتقوم بهذا الدور دون أن تمر بمراحل عديدة من مراحل النمو المختلفة  التي  يمر بها  كل إنسان ؟  ألم تكن الحماة طفلة صغيرة تتلقى الرعاية والحنان من والدتها وتحيطها بأسوار الاهتمام والخوف من أي مكروه وسهر الليالي الطوال بحرها وبردها لتنعم بالراحة والاطمئنان إلى أن بدأت تخطو خطواتها الأولى إلى أن احتفل الأهل بدخولها المدرسة لتتلقى تعليمها خطوة بخطوة  حتى أنهت مراحل التعليم الأساسي .

وبإصرار الأهل وهذا حال جميع أهلنا إصرارهم على تعليم الفتاة لتحمل شهادة في يدها تكون سلاحا لها في النوائب التحقت بإحدى جامعات وطننا الحبيب  ووصلت إلى مرحلة التعليم الجامعي وأصبحت محط أنظار الجميع من  حولها لأنها أصبحت شابة يطلبها العديد من الشباب خاصة إذا حباها الله جمالا .

ومرت السنون وتخرجت ورزقها الله بوظيفة مريحة وزوج مخلص مطيع لكل الأوامر لا يعصي لها أمرا وبدأت حياتها في تكوين أسرة مسلمة وعانت الكثير من تدخل والدة زوجها في أدق الأمور الحياتية وربما في الحياة الجنسية مع وجود زوجها الذي احتار بين زوجته ووالدته ولكنه كبت هذا في صدره وتحمله لوحدة حتى لا تنهار أسرته لأنه من الجيل الذي يسعى للحفاظ على النسيج الاجتماعي للمجتمع الفلسطيني ,

ولكنها اختزلت كل هذه المعاناة لترد الدين إلى امرأة ابنها وكأنها موروثات أجيال , وسنن كونية وجاءها الدور لتكون حماة لزوجة ابنها وفلذة كبدها وتسقط عليها كل ما عانته على هذه الأسرة الحديثة وهي لا تدري أن أول المتضررين من هذا الحكم الاستبدادي هو ولدها حيث تصبح حياته جحيما وربما جيل اليوم لا يعرف كيف يسير أموره وقراراته صعبة وقاسية على أحد الطرفين .

إن ارتفاع حالات الطلاق في مجتمعنا الفلسطيني المرابط المجاهد الرافض  لكل أشكال الحصار والمعاناة على المعابر والحدود تتصرف كثير من النساء في إفساد الحياة الزوجية ويتلذذن  في فرض أمر واقع بالسيطرة على زوجات أبنائهم .

أيتها الحماة الطيبة تأكدي أن الحياة الزوجية أطرافها رجل وفتاه جمع الله بينهما بروابط المودة والمحبة وأحاطها بميثاق غليظ حرصا على استمرارها وتحقيق الهدف الأسمى من خلق الإنسان عبادة الله سبحانه وتعالى  , ساعديهم على أن تكوني أما رحيمة رءوفة على أولادك لا تتدخلي في حياتهم الزوجية واتركيهم يخوضوا تجربة حياتهم بأنفسهم واجعلي من نفسك مستشارة أسرية حين يطلب منك ذلك  ذللي كل الصعاب قدمي كل النصائح والإرشادات لصناعة أسرة فلسطينية مستقرة بعيدا عن فرض الآراء وفرض الآمر الواقع وتكميم الأفواه وتذكري انك مررت بهذا الدور وتعرضت لتدخلات الغير في حياتك .
وأخيرا فإن التسامح من صفة المؤمنين الصابرين فتمتعي بها ولا تتعمدي إساءة الآخرين لنبني مجتمعا مثاليا يعرف كل منا دوره وواجبه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى