طفلٌ مُعاقٌ عقلياً؛ يحفظُ القرآنَ كاملاً من قناةِ المجدِ الفضائيةِ

الثريا- خاص
“خالد محمد موسى”؛ ثماني سنواتٍ يعاني من استسقاءٍ بالرأسِ، وضمورٍ في المخِّ، وتشنُّجاتٍ عصبيةٍ، وتأخُّرٍ في النموِّ الذهنيِّ والعضليِّ، إلاَّ أنه فجَّرَ قدْراتٍ لا نمتلكُها نحن ؛وهي القدرةُ علي حفظِ القرآنِ الكريمِ كاملاً بقراءاتٍ مختلفةٍ ؛بالإضافةِ إلى حِفظِه للأحاديثِ النبوية.
لوحِظَ على المعجزةِ “خالد” وهو بعمُرِ عامٍ ؛ انتباهُه الشديدُ وتركيزُه على قناةِ المجدِ الفضائيةِ للقرآنِ الكريمِ، وعند إغلاقِ التلفزيون، أو تغييرِ القناةِ ؛تظهرُ عليه علاماتُ الاستياءِ والبكاءِ، واستمرَّ على ذلك إلى أنْ أصبحَ بعمُرِ أربعِ سنواتٍ؛ حيث بدأ في تَكرارِ الآياتِ التي يسمعُها.
وتتمنّى جدَّتُه “أم أمجد” وهي تتحدثُ بعيونٍ دامعةٍ؛ تتمنّى أنْ تراهُ بصحةٍ وعافيةٍ مثلَ باقي الأطفالِ، وتقولُ: “رغمَ ذكائهِ وشِدّةِ ملاحظتِه وقدرتِه على الحفظِ؛ إلاَّ أنَّ قَدَرَهُ أرادَ أنْ يكونَ مُعاقاً؛ لِيعوِّضَه اللهُ بِنِعَمٍ أُخرى، ومميِّزاتٍ مفقودةٍ عند الآخَرين”.
وتذكُرُ جدَّتُه التي أشرفتْ علي متابعةِ حالتِه، وحفظِه للقرآنِ؛ أنها لاحظتْ على “خالد” أنه بمجردِ سماعِه صوتَ القارئِ؛ يعرِفُ من هو الشيخُ، كذلك يَسبِقُ في بعضِ الأحيانِ القارئَ في ذِكرِ الآيةِ القرآنية.
وتضيف: “في أحدِ أيامِ الجمعةِ سألني “خالد”: ما هو اليومُ؟ فقلتُ له الجمعةُ، فبدأ بقراءةِ سورةِ الكهفِ، وكان ذلك مفاجئاً لي, كما أصبحَ يقرأُ قبلَ أنْ ينامَ آيةَ الكرسي، والعشرةَ الأواخِرِ من سورةِ البقرةِ، والآياتِ الصغيرةَ، وسورةَ الواقعةِ، وبعضَ أذكارِ المساءِ”.
وتحدثتْ “أم أمجد” لوالدِ “خالد” عن قدْراتِ ابنِه، ولم يصدِّقْ في البدايةِ، لكنه بدأَ يسمعُ بعضَ الآياتِ القرآنيةِ التي يقرأُها ابنُه، وبسببِ صعوبةِ نطقِه للألفاظِ والكلماتِ؛ كان صعباً أنْ يفهمَ كلَّ الكلماتِ؛ وخاصةً أنّ الجدةَ هي من تتابعُ أمورَه.
بعدَ أنْ توجَّهَ “خالد” إلى الروضةِ في سنِّ أربعِ سنواتٍ؛ اكتشفتْ مدرِّستُه أنه يحفظُ آياتٍ كثيرةً من سورةِ البقرة ،وأنه يستطيعُ أنْ يقرأَ القرآنَ من الكتابِ بكلِّ سهولةٍ، رغم أنه لم يبدأُ بعدُ في تعلُّمِ الحروفِ والكلماتِ، كما أنه لا يقدِرُ أنْ يقرأَ من أيِّ كتابٍ مهما كانت الكلماتُ سهلةً وبسيطةً، بعكسِ الآياتِ القرآنيةِ فهو يستطيعُ أنْ يقرأَها حتى لو كانت على جِدارٍ.
استطاعَ “خالد” أنْ يحفظَ جميعَ القراءاتِ، ويُفرِّقَ بينها بمُجردِ سماعِ صوتِ القارئ، ويحفظَ عدداً من الأحاديثِ النبويةِ؛ التي كانت تُبَثُّ على إحدى القنواتِ الفضائيةِ، ويستطيعَ أنْ يحدِّدَ رقمَ الصفحةِ؛ إذا سألتَهُ عن أيِّ آيةٍ من القرآنِ, كلُّ ذلك رُغمَ صِغَرِ سِنِّهِ وإعاقتِه.
وكان للأهلِ وخصوصاً والديهِ وجدَّتَه دَوراً في مساعدتِه وحفظِه للحروفِ والكلماتِ، وإنْ لم يستطِعْ أنْ يقرأَ جُمَلاً أو كلماتٍ بشكلٍ واضحٍ, وخصَّصَ والدُه له تلفازاً ؛حتى يتابعَ قناةَ المجدِ الفضائيةَ بأريحيةٍ؛ ليُكمِلَ مشوارَه في حفظ القرآنِ الكريمِ.
وعن آمالِها تقولُ جدّتُه: “أتمنّى أنْ يصبحَ حفيدي من مشاهيرِ القُرّاءِ، مثلَ الشيخِ “عبد الباسط عبد الصمد” والشيخِ “محمد محمود الطبلاوي”، وأنْ يجِدَ مَن يرعاهُ ليتحققَ هذا، فهو يحاولُ أنْ يقلِّدَهم”.
في حين يقولُ والدُه: :” أتمنّى أنْ يأتيَ اليومُ الذي يأخذُ فيه كلُّ معاقٍ ذهنيٍّ حقَّهُ في اكتشافِ مواهبِه؛ التي لا بدّ أنه يملكُ الكثيرَ منها، وأتمنّى أنْ نرتقيَ بمستوى التعليمِ في مدارسِ التربيةِ الفِكريةِ، وأنْ يقبَلوا بهم، عِلماً بأنهم رفضوهُ في العديدِ من المدارسِ الحكوميةِ، وأنْ تكونَ على أعلى مستوىً؛ لتواكِبَ التطورَ العالميَ في تعليمِ هذه الفئاتِ”.
وعَدَّ المهندسُ “محمد جاد الله” مديرُ دارِ القرآنِ الكريمِ والسُّنةِ بخان يونُس؛ أنّ “خالد” لَديهِ مَلكةٌ خاصةٌ في الحفظِ والاستيعابِ بشكلٍ كبيرٍ جداً؛ يختلفُ عن أقرانِه رُغمَ أنه يُعَدُّ مُعاقاً، حيثُ استطاعَ أنْ يحفظَ القرآنَ وَحدَه بمساعدةِ جدَّتِه؛ من خلالِ متابعةِ قناةِ المجدِ القرآنية”.
ووعدَ “جاد الله” عائلةَ موسى بأنْ يتلقَّى “خالد” الرعايةَ الخاصةَ في تثبيتِ القرآنِ، ودعمَه نفسياً وتربوياً، ومساعدتَه وِفقَ برنامجٍ خاصٍّ له؛ وخاصةً فيما يخُصُّ حِفظَ القرآنِ الكريمِ من حيثُ تعليمهِ اللغةَ العربيةَ وقواعدَها، ومخارجَ الحروفِ وطرُقَ النطقِ الصحيحةِ، وتعليمِه القاعدةَ النورانيةَ.
ويبيِّنُ أنه تمَّ اختبارُ “خالد”؛ عندما تمَّ اكتشافُ حِفظِه للقرآنِ من قِبلِ لجنةٍ خاصةٍ من دارِ القرآنِ في ثلاثةِ مواضِعَ مختلفةٍ، وتُعَدُّ من أصعبِ المواضعِ علي الأصِحاءِ؛ وهي من سورةِ “يوسف والأنعام والنحل”؛ حيثُ أثبتَ قُدْرةً خاصةً في الحفظِ بطريقةٍ سَلِسةٍ، وإنْ كان يوجَدُ عندَه صعوبةٌ في نُطقِ بعضِ الحروفِ، ولذلك هو بحاجةٍ إلى تدريبٍ وتعليمٍ بشكلٍ خاصٍّ, كذلك سوفَ يكونُ مَثلاً حيَّاً لباقي أقرانِه ليتشجَّعوا على حِفظِ القرآنِ، حيثُ يُعرَضُ كَمَثلٍ حَيٍّ لِمَن يستصِعبُ حِفظَ القرآنِ رُغمَ ما يُعانيهِ.[divide style=”2”]