صحتك بالدنيا

الكورتيزون .. علاج سحري قد يصبح قاتلا!!

إعداد: محمود هنية

في حوار مع الدكتور محمد شاهين

ابرهالكورتيزون الذي بات نارا على علم في مفاهيمنا للعلاج والصحة يمتلك سحرا عجيبا فهو يدخل في الآلاف من المركبات الدوائية من الحقن والأقراص والمراهم و غيرها كما تشكل حقنة الديكورت Decort – وهي أحد مشتقات الكورتيزون- الملاذ لمن يعانون الإرهاق وآلام الظهر وحتى الإنفلونزا وباتت هذه الحقنة وصفة يعرفها الأطفال قبل الكبار؛ إلا أن البعض يرفض تناول الدواء لمجرد إحتواءه على نسبة قليلة جدا من الكورتيزون. الكثير من الأطباء يطبق قاعدة “إذا لم تعلم فالكورتيزون هو الحل If Unknown Give Cortisone” ويراها البعض قاعدة متسرعة وخاطئة؛ فما سر هذا الإختلاف و التناقض ؟!

ما هو الكورتيزون وما مصدره ؟
الكورتيزون الطبيعي يفرزه الجسم عن طريق غدة تسمى الغدة الكظرية أو فوق الكلوية والذي يفرز عندما يكون الجسم تحت حالة من الضغط ويكون مفعوله قصير المدي الى حد كبير. الكورتيزونات مجموعة كبيرة تضم الكورتيزونات السكرية والكورتيزونات المعدنية وغيرها. وبتقدم العلوم فإن هناك اليوم مركبات كورتيزون مختلفة صناعية وشبه صناعية تستخدم في كافة أشكال الأدوية والعقاقير المختلفة.

ما التأثير العلاجي للكورتيزون ؟
الكثير من آليات عمل الكورتيزون في الجسم ما زالت غير معلومة ولكنه مضاد للإلتهابات بشكل عام وله آثار مسكنة للآلام ومضادة للحساسية ؛ فمركباته المختلفة تستخدم في علاج حساسيات العيون والصدر والجلد وتستخدم كمضادات عامة للإلتهابات داخل الجسم أو خارجه ولها استعمال واسع في علاج الأمراض الجلدية .

هل جميع أدوية الكورتيزون متشابهة في التأثير والاستعمال؟
لا طبعا، فأدوية الكورتيزون منها ضعيف القوة ومنها المتوسط ومنها القوي ومنها القوي جدا. ومنها ما يعطى خارجيا مثل المراهم والكريمات ومنها الذي يعطى على شكل بخاخات للرئتين والأنف ومنها حبوب البلع وهناك الحُقن التي تعطى بالدم.

هل لهذا الكورتيزون الصناعي المستخدم على شكل أدوية أضرار على الجسم ؟
بالطبع ، فإن لها الكثير من الآثار الجانبية العامة ولبعضها آثار سامة إذا لم تستخدم بالشكل الصحيح ، فمن الآثار الجانبية، والتي يعد بعضها قاتلا على المستوى طويل الأمد، ارتفاع ضغط العين ومرض عتامة عدسة العين، وارتفاع مستوى السكر في الدم ومرض الروماتزم، واستدارة الوجه (وجه البدر)، وتجمع الدهون بين الرقبة والأكتاف (حدبة)، وزيادة العطش والتبول، وآلام في العضلات، ويرتفع ضغط الدم فيزيد العبء على القلب، وقد يؤدي إلى فشل عمل القلب، وقد تسبب اضطراب الدورة الشهرية لدى النساء، كما تسبب تقليل المناعة مما يؤدي إلى تأخر التئام الجروح والتجرثم البكتيري والفيروسي والفطري وغير ذلك فيصاب المريض بمرض آخر دون أن يشعر لأن الكورتيزون يخفى أعراض التجرثم. كما يؤدي إلى ترقق الجلد وظهور الشعيرات الدموية.

إذا لم يكن ما ذكر تأثير سام للكورتيزون فما التأثير السام ؟
يقصد بالتأثير السام تأثير مركبات الكورتيزون من أقراص أو مراهم أو غسول أو كريمات أو بخاخات إذا ما وصلت للدم مباشرة عبر جرح أو حقن أو ما شابه وعندها تحدث أضرار غير مرغوبة بشكل متسارع.

الديكورت .. الحقنة السحرية.. هل لها مخاطر ؟
يقصد بالديكورت مركب (الديكساميثازون) وهو أحد مركبات الكورتيزون القوية وعادة ما يستخدمه الكثيرون بدون وصفة طبية بخلطه مع عقار آخر يدعى (الديكلوفين) ويعطيان معا نتيجة هائلة في تخفيف الآلام وخفض الحرارة والحد من الالتهابات فيلجأ إليه الكثير من الناس عند نزلات البرد والأنفلونزا وآلام العضلات والمفاصل وغيرها. أما عن آثار هذه الحقنة فتظهر على المستوى البعيد منها ما ذكر أعلاه ويضاف إليها قرحة المعدة والأمعاء والاضطرابات والتهيجات الهضمية و أضرار بليغة تصيب الكلى . ولهذه الحقنة الكثير من موانع الاستخدام فيجب على الأطفال ومرضى السكر والضغط ومرضى القلب والحوامل وأصحاب أمراض الجهاز الهضمي الحالية والسابقة وأصحاب الجروح المفتوحة عدم أخذها إلا بوصفة طبيب.

هل من الممكن إدمان الكورتيزون ؟
ليس إدمانا بما تعنيه الكلمة وإنما تعود بشكل كبير؛ فإفراز الكورتيزون الطبيعي يقل بشكل كبير عند أولئك الذين يتعاطون الكورتيزون أو أحد مشتقاته بانتظام و لفترة وطويلة و إذا ما توقف بشكل مفاجئ فإن هناك أعراض ترافق هذا التوقف من صداع و اضطرابات هضمية و هبوط حاد بالسكر و غيرها ولهذا يلجأ الأطباء إلى الجرعة المخففة على أمد أطويل لمنع تثبيط إفراز الكورتيزون الطبيعي و تجنب هذه الأعراض عند التوقف.

ما علاقة الكورتيزون بالسكر ؟
كشف الدراسات وجود علاقة بين الكورتيزون وعمليات الأيض في الجسم بشكل عام وعملية توفير السكر بشكل خاص فالكورتيزون المرتفع بالدم يقابله سكرا مرتفعا و هكذا، ولذا يمنع مرضى السكر من تعاطي الكورتيزون أو أي من مشتقاته بدون وصفة طبيب مختص.

هل يعطي الكورتيزون نتائج جيدة في علاج الأمراض الجلدية ؟
بل نتائج ممتازة في الكثير منها وأحيانا في المستعصية منها كالصدفية والإكزيما وغيرها من أنواع حساسيات الجلد ولكن في معظم الأحيان تختلف النتيجة من شخص لآخر فهذا يتوقف على مدى استجابة الجسم للعلاج ويكون العلاج على شكل مراهم وكريمات أو حقن في الجلد أو غسولات خاصة تجمع بين الكورتيزون ومواد معقمة و مطهرة للجلد.

أليس لها أضرار على الجلد ؟
بلى و هنا تظهر مشكلة البشرة و حب الشباب و الكريم الشهير بيتاكير (Betacare) أو ما يعرف علميا بالبيتاميثازون الذي يستخدم في صالونات التجميل و لحب الشباب و كقناع لتبيض الوجه دون دراية بآثاره السيئة ، فهذا الكريم أو المرهم يترك تبقعات غامقة اللون على البشرة مع كثرة وفرط الاستخدام واستخدامه على حبوب الوجه وندباته المفتوحة كحب الشباب أو في ما بعد الحلاقة يؤدي إلى تقرحات تزيد الأمور تعقيدا. و بالرغم من أن الكورتيزون يدخل في الكثير من مستحضرات التجميل الصناعية الأخرى إلا أنه يدخل بكميات ضئيلة جدا و مصرح بها و هنا لا يعد البيتاكير مستحضر تجميل و إنما دواء ملزم بوصفة طبية.

ما هي النصائح التي يمكن تقديمها للمريض الذي يعالج بالكورتيزون؟
تعتبر بخاخات الكورتيزون قليلة المخاطر نسبيا إذا استخدمت بشكل صحيح، واستخدام المراهم أو الكريمات لعدة أيام فقط لا ضرر منه على الكبار أو الأطفال. ولكن هناك ضرر متوقع من استخدام الكورتيزون على هيئة حبوب أو حقن فان استخدامها أكثر من ثلاثة أسابيع قد يؤدي إلى توقف الغدة الكظرية عن الإفراز. وخلال فترة الاستخدام يمنع الطفل أو البالغ من الاحتكاك بمصادر العدوى الجرثومية مثل المستشفيات أو الأماكن المزدحمة أو أن يتلقى تطعيمات تحتوي على كائنات حية مثل تطعيم شلل الأطفال عن طريق الفم، لان المناعة تقل أثناء تناول الكورتيزون، كما يمنع الاحتكاك بالمصابين بجدري الماء (العنقز) أو الهربس أو مرض الحصبة لان ذلك قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة. اخبر الطبيب المعالج عن الأمراض التي تعاني منها أو الأدوية التي تتناولها أو النباتات الطبية أو الوصفات الشعبية التي تتبعها لان ذلك قد يتعارض مع أدوية الكورتيزون وقد يعرضك إلى مضاعفات صحية خطيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى