Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
غير مصنف

الأطباء .. مقاومون في ميدان مجمع الشفاء على مدار ثمانية أيام

تقرير/ نهال صلاح الجعيدي،، 

في غزة كل شيء مختلف..حتى أطبائها، يتركون بيوتهم ليقفون على ثغر من ثغور الوطن فيحيكون أروع صور التضحيات، أثناء الحرب على غزة تُعلن حالة الطوارئ التي تعني مزيدا من ساعات الدوام فيهرولون لتشخيص تلك الحالة والتعامل مع حالة أخرى، ومداواة مصاب آخر والإعلان عن وفاة شخص آخر بعد أن يلفظ أنفاسه، فلا يشعرون بتعب أو كلل أو ملل، يستمرون في عملهم المتواصل طوال ثمانية أيام الحرب، “الثريا” تلتقي بالمقاومين المجهولين وتتحدث عن تجاربهم أثناء الحرب على غزة.

يقول الحكيم جميل أبو ميري (50 عاما) من دير البلح:” لقد كانت أيام صعبة جدا، استطعنا بحمد الله السيطرة على الموقف ببذل أقوى الطاقات، فقد كانت لحظات عصيبة، ومن أشد وأعنف المشاهد التي تعرضنا لها كانت الأجساد المتفحمة، والأشلاء المتناثرة، بالإضافة إلى حالات البتر كامل للجزء السفلي”.

ويتابع أبو ميري:”رغم أننا تعودنا على هذه المشاهد مع الخبرة، وخاصة بعد حرب 2008 م ، إلا أن تجدد العدوان وهول الجرائم البشعة للكيان الصهيونية، يصعب وصفه لدرجة أن بعض الأطباء والممرضين الجدد دخل في حالة غيبوبة وفقدان للوعي عند مشاهدته لحالات التفحم الكاملة والأشلاء المتناثرة”.

ويضيف أبو ميري:”قمنا بعمل جدول طوارئ، وكان عدد الممرضين مناسب وكافي إلا أن هناك نقص في بعض الأدوات الصحية مثل صواني الغرز على سبيل المثال، وما نحتاجه للعمليات الصغرى منوها إلى أنه كان يعمل على مدار الأربع وعشرون ساعة لأنه يقطن في منطقة أبو العجين في محط القصف والأحداث، فكان يأخذ المناوبة كاملة وحينما لم يتسنَّ له الوصول إلى المستشفى ذهب للدوام في مستشفى قريب من منطقته لكن لم يسمح له بذلك و عاد مرة أخرى إلى مستشفى الشفاء”.

ويُدلي الحكيم محمود أبو شاويش 22 عاماً من النصيرات بشهادته أثناء العدوان، فيقول:”استشهد ابن عمي حسام أبو شاويش وكنت مصدوما حينما رأيته لكنني كنت مصر على الذهاب لعملي للتخفيف من آلام الجرحى والمصابين بخلاف أن ذلك واجب وطني وديني”.

ويضيف متابعا:” كنت مصرا أن أصل إلى عملي من النصيرات إلى غزة كل يوم، ولو شعرت أنني لن أستطيع الوصول إلى مكان عملي لذهبت متطوعاً في اقرب مستشفى إلى مكان سكني، ولم أفكر قط بالجلوس في البيت ومشاهدة ما يحدث عبر شاشات التلفزة”.

ومن أصعب المشاهد التي رآها أبو شاويش كانت جثة لطفل من عائلة دغمش وصلت بدون رأس، بالإضافة لحالات التفحم الكامل للأطفال، والحروق العميقة.

الطبيب يعمل ثم يشعر

وفي لقاء “الثريا” مع الدكتور مازن القصاص 36 عاماً يتحدث عن اعنف المشاهد التي لا مست قلبه فيقول:” من أصعب المشاهد التي تعرضنا لها كانت الأجساد المتفحمة، والأشلاء المتناثرة ، بالإضافة إلى بعض الحالات التي وصلت مثل (حالات بتر كامل للجزء السفلي)” .

وعن تأثير تلك المشاهد على عمله يقول د. القصاص:”الطبيب يعمل ثم يشعر، الأولوية لدينا التعامل مع المصابين ثم بعد ذلك نشعر بعظم تلك المجازر التي ارتكبت و التعب غالبا يكون بعد انتهاء العدوان لكن لا وقت للمشاعر في ظل ساعات العمل المتواصلة والحالات الصعبة التي تصل المستشفى”.

وعند سؤاله عن أهله والتفكير بهم خاصة إذا تعرضت مناطق قريبة منهم للقصف، يقول د. القصاص” لم يكن لدينا الوقت للاتصال أو المهاتفة فالحالات المتتابعة و الصعبة التي كانت تصل إلى الشفاء لم تسمح لنا المجال للحديث حينما يكون القصف في اوجه وكنت اختلس بعض اللحظات القليلة جدا التي اطمئن بها عليهم، بعد ساعات العمل المتواصلة ويضيف ممازحا:”أكون مطمئناً طالما لم يصل أي من أفراد عائلتي للمستشفى فأعرف أنهم بخير”.

وعن الأدوات والإمكانيات المتوفرة أثناء الحرب على غزة فيقول د.القصاص:” الإنجاز دائماً يكون مقروناً بمدى توفر الإمكانيات والأدوات، أحياناً العملية التي تحتاج لعشرة دقائق تأخذ معنا ثلث ساعة بسبب عدم توفر الإمكانيات مما يؤثر على حياة مصاب آخر”.

ويعقب د. وائل بدوي على إصابات الحربين 2008/2012 بالقول:”الإصابات والحالات متماثلة في الحربين كحالات التفحم التي غيرت معالم الأشخاص، و حالات البتر للأطراف”.

ويصف د. بدوي عمله أثناء الحرب فيقول:”يعمل الطبيب بدرجة عالية من التوتر ولكن يكون عليه عدم ترك نفسه لشعوره بل عليه الإسراع بكل طاقته لإنقاذ الأرواح ومعالجة المصابين”، مشيرا إلى أنه تم تحويل العديد من الحالات التي يتم تحديدها من قِبل الطبيب الأخصائي والاستشاري.

هكذا أمضى الأطباء أيام العدوان على غزة فهم جنود مجندة تركوا بيوتهم وعائلاتهم وأطفالهم وامتشقوا سلاح مهنتهم التي أنقذت الأرواح وعالجت المصابين بأقل الإمكانيات الموجودة في غزة المحاصرة، في غزة كلٌّ يقف على ثغر من ثغور الوطن وتكامل الأدوار فيها والتضحيات الجسام ممن فيها جعلها مقومات كافية لتحقيق الانتصار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى