خنساوات فلسطين: (كلنا حماس وكلنا خلف خيار المقاومة ولن نقبل بغير ذلك بديل)

الثريا: أنوار هنية
إلى أرض الكتيبة الخضراء كان مقصدهن، من الرضيعة إلى المسنة، ومن الأمية التي لم تتعرف على حروف اللغة العربية إلى المتعلمة، وكذا المدرسة والطبيبة والصحافية وصولا إلى النائب في المجلس التشريعي، كذلك قيادات العمل النسائي في الحركة الإسلامية، كانوا يسيرون إلى أرض الكتيبة الخضراء من مختلف الشرائح والفئات والأعمار وحتى الفصائل فقد تجسدت الوحدة الوطنية بكل أطيافها لتحتفل بانطلاقة حماس التي سلكت درب المقاومة لتحرير فلسطين .
أم أحمد الستينية التي غادرت بيتها مع شقشقة الصبح والتي أخذت معها ما يقويها للصمود في الكتيبة لساعات طويلة، كانت قد افترشت الأرض لتجلس عليها و لترى الأحبة و تحتفل بالانطلاقة، بكلماتها البسيطة التي تحمل وعيا بعدد سنين عمرها تقول:” انتظر هذا اليوم منذ مدة، فكنت أستمع إلى الأخبار لأتعرف على ما سيحدث في هذا اليوم، وجئت اليوم كي أرى رجل العزة والكرامة خالد مشعل، وأبو العبد هنية، وجميع القادة الذين قهروا العدو، جئت اليوم أشارك في عرس النصر وعرس الانطلاقة، لأقول لليهود الذين يشاهدوننا الآن بكاميراتهم كلنا حماس”، خرجت كلماتها تهدر في المكان رغم الحشود التي تدفقت من كل حدب وصوب إلا أن صوتها أبى إلا أن يخرج ويدوي عاليا.
أما أم محمد العشرينية والتي كانت تحمل رضيعتها فلم تأبَه لصخب أو لمطر، فقد عملت احتياطاتها لتأتي لعرس الانطلاقة فتقول:”جئنا هنا لنقول للعالم أجمع نحن خلف حماس، وخلف المقاومة التي هي سبيلنا للتحرير، جئنا لنقول للمزاودين رغم بعد المسافات ورغم الأجواء الباردة والممطرة فقد جئنا مع أطفالنا الرضع لنحتفل بيوم العزة يوم انطلاق حماس”.
[divide style=”2″]
وعلى مسافة غير بعيدة خرجت كلمات دوت في المكان من أمراة سبعينية تقول بصوتها المرتعش :” (آويها ياما قالوا بدنا نقضي على حماس، آويها وانتصرنا والمقاومة هيا الأساس)، (آويها و انتصرت حماس آويها ودعست المقاومة على اليهود وأكبر راس)، بطريقتها الغزاوية عبرت أم أحمد تحمل في صدرها الأهازيج الفلسطينية التي تتحدث عن الانتصار، ولم يمنعها كبر سنها أو زحمة المكان من المغامرة في الوصول إلى أرض الكتيبة الخضراء مغادرة بيتها منذ الصباح الباكر كما تقول:”بدي أشوف خالد مشعل وأبو هنية من قرب، بدي أملي عيني بشوفتهم العزيزة، بدي أقول لكل الدنيا ما بحرر الوطن وبرجع القدس إلا هالحراس، يا مشعل ويا هنية انتو في القلوب وتيجان الرأس).
[divide style=”2″]
وتغيبت الطالبة إسراء البحيصي 16 عاماً، عن مدرستها لحضور الانطلاقة فهي كما تقول:”انتظر هذا اليوم من العام على العام، وأعددت له واتفقت مع صديقاتي بالمدرسة لنذهب سويا إلى ارض الكتيبة الخضراء منذ ساعات الفجر الأولى لنجلس في أول المهرجان لنقول للاحتلال الذي يصور بكاميراته نحن مع المقاومة جئنا لنحتفل بانطلاقة المارد الحمساوي الذي دحر المحتل وهزمه شر هزيمة في معركة “حجارة السجيل” وكانت إسراء قد توشحت بالشال الأخضر وتحمل بيدها الراية الخضراء وتضع القبعة الخضراء فوق رأسها حالها كما حال المتواجدين على ارض الكتيبة الخضراء وكان الملفت مع إسراء زجاجة ماء جلبتها معها كانت مغطاة بقطعة قماش خضراء غلفت الزجاجة”.
اتحدت القلوب كما الرايات
وفي هذه الانطلاقة تعانقت الرايات كما القلوب، فقد تلونت الكتيبة الخضراء بالأصفر والأخضر والأحمر والأسود، فتوحدت الألوان في ذات المكان كما توحدت القلوب، فقد خرجت أم أحمد السيسي 40 عاماً، ومعها (سلفتها) المعروفة بتوجهها الفتحاوي، فقد اتفقتا على الذهاب سويا نحو الكتيبة الخضراء للاحتفال بالانطلاقة ومعهما جارتهما أم عادل عابد التي تنتمي إلى حركة الجهاد الإسلامي ليقولوا للعالم أجمع (نحن إخوة التراب والوطن، إخوة القضية والهدف الواحد).
بأصواتهن وقلوبهن حضرن، يجددن البيعة وأصابعهن تنطلق نحو السماء،( دستورنا القرآن، سبيلنا الجهاد، حركتنا حماس، أسمى أمانينا الموت في سيبل الله)، كلمات رددنها وحفظنها عن ظهر قلب يَعيِن معانيها ويُتَرجِمنها أفعالا وسلوكا، حينما تودع الأم ابنها، والزوجة زوجها المجاهد خلف ثغور الوطن، وتربي أبناءها على ذات الدرب، تعلمهم في موائد القرآن وتغرس فيهم حب الوطن والقضية وسبيل التحرير، فليست تل حروف حفظنها للترديد، فقط بل يترجمن كل حرف فيها لفعل يقول للعدو “سندحركم أيها الأعداء و سنعود لكل أراضينا فاتحين القدس ومصلين فيها بإذن الله”.
في كل الميادين تميزت النساء، وخرجن من بيوتهن أبكارا ، ينشدن المشاركة في عرس انطلاقة المقاومة التي حققت الانتصار، أعددن أنفسهن منذ مدة لهذا اليوم يوصلن رسائلهن الموحدة للعالم أجمع وللمحتل (كلنا حماس وكلنا خلف خيار المقاومة التي ستحرر كل أراضينا من دنس الاحتلال، ولن نقبل بغير ذلك بديل).