عامٌ جديدٌ.. عامٌ سعيدٌ..

بقلم: سُمية صايمة محاضرة بالجامعة الإسلامية
عامٌ جديد، وأملٌ جديد، يطلُّ علينا مع فجرِ يومِ الثلاثاءِ 1/1/2013م، وقد يبدو هذا الحدَثُ عادياً لبعضِ الناسِ، ولكنه في الحقيقةِ حدَثاً عظيماً يستحقُّ التأمّلَ والتدبّرَ، فقد مضى وانقضى من أعمارِنا عامٌ كاملٌ، ولن يعودَ إلى يومِ القيامةِ، وانطوَتْ على أعتابِ العامِ الجديدِ أحداثٌ كثيرةٌ، سعادةٌ وحزنٌ، نجاحٌ وفشلٌ، اجتماعٌ وفِراقٌ.
ويبزُغُ من عتمةِ الوداعِ تباشيرُ آيةٍ كونيةٍ، عامٌ جديدٌ يحملُ رسالةً لِمن كان له قلبٌ بأنَّ الأملَ قادمٌ والتغييرَ واقعٌ، ولا مجالَ لليأسِ والتشاؤمِ، وترتبطُ ذِكرى بدايةِ العامِ لَدينا كمسلمينَ بميلادِ نبيِّ اللهِ “عيسى عليه السلام”، وهو أحدُ أولِي العزمِ من الرُّسُلِ، ولكنّ هذا لا يعني أنْ نحتفلَ ببدايةِ العامِ على طريقةِ النصارَى وغيرِهم، بل إننا نتبعُ نهجَ السلَفِ الصالحِ الذي يَعُدُّ بدايةَ يومٍ جديدٍ حدَثاً عظيماً، فكيف بنا ونحن نبدأُ عاماً جديداً.
ونحن الآنَ نتساءلُ، ألا يستحقُّ مِنا هذا الوافدُ وقفةً بل وقفاتٍ، وقفاتٍ تذكِّرُنا بالعالِمِ الصالحِ “الحَسن البصري” _رضي اللهُ عنه_ عند تَدبُّرِه في الآيةِ الكونيةِ المصغّرة، وهي بدايةُ يومٍ جديدٍ حيثُ يقولُ رحِمَه اللهُ: “ما من يومٍ ينشقُّ فجرُه إلا وينادي: يا ابنَ آدمَ أنا خَلقٌ جديدٌ، وعلى عملِكَ شهيدٌ، فَتزوَّدْ مني.. فإني إذا مضيتُ لا أعودُ إلى يومِ القيامة”.
ومن هذا المنطلقِ ندعوكِ عزيزتي الأُمّ إلى استثمارِ هذا الحدَثِ جيداً، بأنْ تُجهِزي لاجتماعٍ عائليٍّ في أولِ يومٍ يشملُ جميعَ أفرادِ الأُسرةِ الصغارِ والكبارِ منهم، تحتَ عُنوان :كيف نستقبلُ عامَنا الجديدَ..؟” وأنْ تلفِتي نظرَ الجميعِ في البدايةِ إلى أهميةِ هذا الحدَثِ، وأنّ أعمارَنا في الواقعِ أيامٌ وسنواتٌ، وبالتالي لابدَّ لنا في نهايةِ وبدايةِ كلِّ عامٍ من وقفاتٍ مُهِمّة.
الوقفةُ الأولى.. وقفةُ شُكرٍ..
ناقشي الأبناءَ أنّ علينا جميعاً أنْ نحمَدَ اللهَ على نعمةِ الحياةِ إلى بدايةِ هذا العامِ، وهذا يمثِّلُ لنا فرصةً للمزيدِ من الإنجازِ والعملِ الصالحِ، والوصولِ لمرتبةٍ أعلَى عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، وندعو أبناءَنا إلى استحضارِ وإحصاءِ ما أنعمَ اللهُ به علينا في العامِ، بل الأعوامِ السابقةِ من صحةٍ وعلمٍ ومالٍ واستقرارٍ عائليّ، ولْيحاولْ كلُّ واحدٍ منهم أنْ يذكُرَ تحديداً أهمَّ النّعمِ والأعمالِ الصالحةِ التي وفّقَه اللهُ إليها؛ من عبادةٍ وتحصيلٍ وبِرِّ والدَينِ وغيرِها.
الوقفةُ الثانيةُ.. وقفةُ محاسَبةٍ..
عليكِ أنْ توضِّحي عزيزتي الأُم للأبناءِ أنّ المحاسَبةَ هنا لا يُقصَدُ بها اللومُ والتقريعُ، وإنما الغرضُ من المحاسبةِ التعديلُ والتغييرُ الإيجابيّ، حيثُ كلُّ إنسانٍ مُعرّضٌ لارتكابِ الأخطاءِ، ولابدّ من مراجعةِ نفسِه كلّ فترةٍ، ويجبُ علينا إنهاءُ حساباتِنا مع العامِ الماضي؛ لنستقبلَ العامَ الجديدَ بكلِّ أملٍ وتفاؤلٍ وثِقة، وهذا يستدعي مِنا التوبةَ النصوحَ والعزمَ على عدمِ العودةِ إلى الذنوبِ والتقصيرِ مرّةً أُخرى..
الوقفةُ الثالثةُ.. وقفةُ أملٍ..
وهنا شجّعي أبناءَكِ على أنْ يرسمَ كلٌّ منهم صورةً جميلةً لنفسِه في العامِ الجديدِ 2013.. ولِيبدأَ ويفكِّرَ ويُخطِّطَ..
- ما الأهدافُ التي أرجو تحقيقَها هذا العام؟
- ما الإنجازاتُ التي أُخطِّطُ للوصولِ إليها؟
- كيف أكونُ إنساناً صالحاً، وأحظى برِضا اللهِ عزَّ وجلَّ في عبادتي وعِلمي وتحصيلي..؟
وفي الختامِ لِنجعلْ لنا كأُسرةٍ شعاراً لهذا العامِ، ولنبدأْ أيامَنا فيه بعَهدٍ مع اللهِ عزَّ وجلَّ أنْ نكونَ إلى اللهِ أقربَ، ولِمجتمعِنا أفضلَ وأنفَعَ.