غير مصنف

العيساوي ..يطفو بسفين إضرابه على عرق ذلّنا

بقلم : سمية وادي

سامر العيساويكـ عادتي .. أدّعي بأنّني أفكر – والتفكير منّي براء -، أشعر أن الموتَ يخجل من أن يتقرب من سامر ، هو يحثّ خطاه مسرعةً نحوه ، لكنّه في ذات الوقت يمسك بالحياة درعاً بشرياً أمامه لكي ينجو ويعود لمرفئه الذي غادره .

كأنّ الله يمهلنا كما أمهل قوم يونس قبل أن يقوم مقام الفجر ، لكنّهم أسلموا قبل الفجر بـ ثلاث ساعات، لعلنا نصحو قبل موت سامر بثلاث ساعات …. لعلّنا !
أشعر أنّ سامر هو ناقة صالح التي عقرناها بأيدينا ، ويوشك الله أن يقول لضمائرنا الخائبة : ” تمتعوا في داركم ثلاثة أيّام قبل وعدٍ غير مكذوب !!

أنا خائفة ، كيف تجرّأنا على الوقوف مكتوفين أمام عزيز قومٍ ذل ، وما والله كان له إلا أن يعلو ويطفو بسفين إضرابه على عرق ذلّنا ! ونحن هنا .. أشعر أن سامر مجازٌ مرسل علاقته محلّية ، أراد أن يقول لنا ستموت القدس ، وليس أنا .. وهي تتفلّت من أيدينا كما يتفلّت الماء من أصابع حامله ! ونحن هنا واقفون على الأجداث نتغزّل بالماضي المجيد ، وبما لم تصنعه أيدينا ، ونبكي على ما أوكت أيدينا ونفخت أفواهنا !
أتساءل .. ماذا سيكتب التاريخ عنه ! وماذا سيكتب عنّا ، لو عشتُ في عصرٍ آخر ، لصحتُ على المنابر تقزّزاً من عربٍ يموت بينهم جائع كرامةٍ وهم يتناقشون في حرمة الإضراب أو يلوّحون ويكتبون قصائد الوداع والوعد بالانتقام !!

وكأنني به يوسف إذ يقول : ” معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي ”
نعم .. هذه بتلك ، الإضراب غدا أيقونة رهانٍ لا يختلف عليها اثنان ، الويل لنا .. الويل لنا إن كنّا هنا
سامر ليس في سجنه ، بل هو في محرابه لو دخلنا عليه لوجدنا عنده رزقاً من عند الله ، لكنّ العتب هنا ليس بالنتائج وإنما بالتضحيات ، لم نقدّم شيئاً .. وغداً نذهب جفاءً كما يذهب الزبد ، وما ينفع الناس يمكث في الأرض !

أرهقني التفكير ، وكل ما نكتبه يغدو ثرثرةً وليس تفكيراً يودي بنتيجة تلمس أهداب الارض حقيقةً هذه مجرد ثرثرةٍ على هامش التاريخ وعلى هامش الجغرافيا التي ما عادت راضيةً عنا ، وتكاد تلفظنا من على أديمها ، ثرثرةٌ لا تُغني سامر ولا تُسمنه من جوع !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى