أسرانا

“أرواحٌ لا صُوَرُ” يَكشفُ المستورَ

تقرير: عبد الرحمن الطهراوي

أرواح بلا صورلوحاتٌ منفردةٌ .. لكلِّ واحدةٍ منها حكايةٌ، ولكلِّ حكايةٍ معنًى، تُجسِّدُ تفاصيلَ حياةٍ طلّتْ من عالَمٍ مشوَّهِ المَعالِمِ،  حتى تَحرَّرَ بعضُ ساكنيهِ؛ ليَبوحوا بأسرارِ ذاكَ العالَمِ المَخفيِّ خلفَ قضبانٍ حديديةٍ ظالمةٍ، تُقيِّدُ حريةَ أشخاصٍ دفَعوا حياتَهم ثمنَ الكرامةِ والدفاعِ عن الأرضِ، معرِضُ “أرواحٌ لا صُوَرُ” يكشفُ عن  صُوَرٍ وفيديوهاتٍ -يُعرَضُ بعضُها لأولِ مرةٍ_ تكشِفُ تفاصيلَ حياةٍ مجهولةٍ لأشخاصٍ يقبعونَ خلفَ زنازينِ الظلمِ.

“الثريا” تجوّلتْ  في معرِضِ “أرواحٌ لا صُوَرُ”  في مُنتجَعِ “الشاليهات” على شاطئِ بحرِ غزةَ، الذي تنظِّمُه رابطةُ الأَسرى والمحرَّرينَ، والذي يكشفُ العديدَ من الصورِ؛ التي تنقلُ بعضاً من تفاصيلِ حياةِ الأَسرى،  والتقتْ بِعددٍ من الزائرينَ.

رائحةُ الظلمِ!

بدَتْ علاماتُ الدهشةِ واضحةً على الشابِّ العشرينيِّ “عمر عبد الباري” ليقولَ: “المعرِضُ يجسِّدُ معاناةً لمئاتِ الأَسرى الذين لم نكنْ نعلَمُ عنهم غيرَ القليلِ، فيوثِّقُ صوَراً متعدّدةً من حياةِ الأَسرى داخلَ السجونِ وبينَ أَقبِيَةِ التحقيقِ، ونسمعُ ممّن تحرَّروا ذكرياتٍ لا يزالُ الألمُ عنوانَها”.

الاسرىبرفقةِ “عبد الله” كان يسيرُ المحامي الشابُّ “أحمد مسعود”، ليُخبرَنا أنَّ كلَّ صورةٍ في المعرِضِ تحمِلُ مشاعِرَ تقفُ الكلماتُ عاجزةً عن وصفِها، وحياةً لا تزالُ تستيقظُ كلَّ صباحٍ على رائحةِ الظلمِ.
ويضيفُ: ” سلطاتُ الاحتلالِ لا تزالُ تمارسُ أبشعَ أساليبِ التعذيبِ المحرَّمةِ دَوليًا، فهي تُجيزُها وتُضفي عليها صفةً شرعيةً، وتمارِسُه بدَعمٍ سياسيٍّ وتغطيةٍ قانونيةٍ دوليةٍ”.

وشدَّدَ “مسعود” على أهميةِ العملِ لِنَقلِ معاناةِ الأَسرى إلى المحافلِ الدوليةِ، ورفْعِ دعواتٍ قضائيةٍ على قادةِ الاحتلالِ، فصُوَرُ المعرِضِ دليلٌ قاطعٌ على انتهاكِ القانونِ الدوليِّ الإنسانيِّ.

الطالبةُ “مُنى حسين” تقولُ: ” اكتشفتُ اليومَ حجمَ تقصيرِنا بحقِّ الأَسرى، فهم من ضحَّوا بأعمارِهم وزهرةِ شبابِهم من أجلِنا، ونحن نتخاذلُ عن المشارَكةِ في فعالياتِ التضامنِ، لن أُقصِّرَ بحقِّهِم بعدَ اليومِ، فهم أبطالٌ، لقد أيقظوا فينا مشاعرَ مختلَطةً؛ أتمنَّى أنْ تكونَ دافعًا للتغييرِ”.
ودَعَتْ “مُنَى” المؤسساتِ التعليمةَ لزيارةِ المعرِضِ، وتخصيصِ  ساعةٍ أسبوعيةٍ للحديثِ عن معاناةِ الأَسرى.

كيف يعيشُ!

اسرانافيما تَُبرقُ عَينا “عبد اللهِ  الزوارغة” 10 أعوامٍ ، وهو يقفُ يتأمّلُ إحدَى صُوَرِ المعرِضِ، ليُخبِرَنا أنّ أباهُ يقبعُ في سجونِ الاحتلالِ منذُ أعوامٍ.
تَمتمَ “عبد الله” ببعضِ الكلماتِ:” لا أعرفُ كيف يعيشُ أبي؟ وأين ينامُ؟ وماذا يأكلُ؟ ولكنْ اليومَ سمعتُ من الأَسرى المحرَّرينَ عن حياةِ أبي، وشاهدتُ صُوَراً لغرفةِ أبي التي يعيشُ فيها الآن”.

بدا “عبدُ الله” أكبرَ من سِنِّه ؛حينما تحدّثَ _بلُغةِ الواثقِ_ سيعودُ أبي قريبًا بصفقةِ تبادلٍ كَوفاءِ الأحرارِ، ولاشيءَ غيرُ ذلك، ولن يَطولَ صمتُنا  .

“أشرف أبو خصيون” الإعلاميّ في قناةِ الكتابِ الفضائيةِ يقولُ : ” المعرِضُ بدّلَ لَديَّ بعضَ المفاهيمِ عن حياةِ الأَسرى، وعزَّزَ لَديَّ أُخرى  بالصورِ التي أراها لأولِ مرّة”.

ويضيفُ أبو خصيون :” الصورُ المعروضةُ _التي هي جزءٌ من الكثيرِ_ تكشفُ زَيفَ الاحتلالِ بكَذِبه أنه يحترمُ القانونَ الدوليّ الإنسانيّ، لذا يجبُ محاسبتُه وِفقاً لذاكَ القانونِ الذي ينتهِكُه داخلَ سجونِه”

ويطالبُ “أبو خصيون” بضرورةِ العملِ الجادِّ في قضيةِ الأَسرى، و إعطائها أهميةً أكبرَ في التعاملِ، ومساحاتٍ أكبرَ في التغطيةِ و الكتابةِ بشكلٍ دائمٍ بعيدًا عن المَوسميةِ في تناوُلِ أخبارِهم”.

غادرْنا المعرِضَ.. ولا يزالُ أربعةِ آلافِ أسيرٍ ما بينَ أطفالٍ ونساءٍ وشبابٍ وشيوخٍ، يقبَعونَ خلفَ القضبانِ؛ ويلاقونَ أشدَّ أنواعِ التعذيبِ الجسديِّ والنفسيِّ في ظِلِّ تخاذُلِ منظّماتِ حقوقِ الإنسانِ والمجتمعِ الدوليّ، وفي ظِلِّ صمتٍ عربيّ وإسلاميّ مُطبِقٍ، غادرْنا المكانَ لكنْ لم تغادِرْهُ أرواحُنا، و رسالتُنا أننا لن نصمُتَ عن جرائمِ المُحتلِّ بحقِّ أسرانا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى