Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
غير مصنف

لسنا دولة أوروبية

بقلم: محمد قاعود

التقليد الأعمىأسامة شاب في مقتبل العمر ،تخرّج من كلية الهندسة من إحدى الجامعات الأوروبية حديثاً ، بعد يوم عملٍ شاقٍّ،  وبعد العطبِ المفاجئ في سيارته , قرّر المهندس”أسامة”  أنْ يستقِلَّ سيارةَ أُجرة قاصداً طريق العودة إلي منزلهِ.

كان المقعد المجاور للسائق مشغولاً، فقد جلستْ فيه فتاةٌ قبل وصول السيارة لأسامة، رغم أنّ المقعد المجاور للسائق، هو المقعد المفضّل لأسامة، فقد اعتاد الجلوسَ فيه؛ قبل أنْ يشتري سيارة خاصة به.

لم ينتظرْ سيارة أخرى بمقعد شاغر مجاور للسائق، بسبب الإرهاق الشديد لذلك اضطّره  إلى الجلوس في المقعد الخلفي .
السيارة لم تتقدم بضع أمتار؛ حتى توقف السائق مجدّداً؛ ليقِلَّ راكباً جديداً , غَرابةُ الزيِّ الذي يرتديهِ الراكب؛ دفع المهندس “أسامة” إلي النظر للحظات به , انطلق في شرودِه ليعيد لذاكرته بداياتِ الغُربة في الدولة الأوروبية؛ التي كان يُقيم فيها أيام دراسته .

للوهلة الأولى لم يتمكن “أسامة” من تمييزِ الراكبِ؛ أهوَ شابٌّ أَم فتاة , لكنها كانت فتاة لا تكاد أكملتْ العَقدين من عمُرها , ترتدي البِنطال الذي لا يكاد يُخفي أسرار جسدها، وقميصاً لم يُعرف لونه للوهلة الأولى , لكنه عبارة عن لونٍ صابغ لجسد الفتاة، فكانت أسرارُ جسدِها أخباراً للعلنِ، وشالَتُها (البف) التي تُغطّي الشيءَ اليسيرَ من شعرِها، وترتفع فوق رأسها كــأنها سَنامُ الجَمل.

عاد من شروده فتساءَل مسرعاً؛ أأنا لم أعُدْ إلى وطني بعدُ؟! أم وطني أصبح أوروبياً ؟! أم إنني أحنُّ إلى رفقاء جامعتي، فيـُهيأ لي أنني مازلتُ في تلك الدولة الأوربية ؟ قاطعَ شرودَه ليسألَ نفسَه أمعقولٌ أنها أجنبية أَم مسيحية؟! ، ربما ، لا أدري.. يحادث نفسه بصوتٍ غير مسموع!!

باتت علامات التعجّب ظاهرةً على وجهه، وبعد لحظات سمع صوتها (المتغنج ) تقول:”نزلني هون”, ليست بأجنبية هي، فقد تحدثتْ العربية بطلاقة، لقد كنتُ أرى الجلباب والحجاب في بلادي ،وما زالتْ تراهُ عيناي، ما الذي حدث؟ و أثناء شروده توقفت سيارة في شارع يطلَق عليه (الجندي المجهول) ورأى مُشابِهاتٍ لتلك الراكبة كُثُر، وتَساؤلٌ تبادَر إلى ذهنِه، أفي بلادي هذا ؟؟!

لوحة جديدة في ذات الشارع لمجموعة من الشباب، أحدُهم يلبس بنطالاً يكاد يَسقُط منه، بينما كان صديقه قد فعل الأعاجيب بِقصّة شعره، وآخَرُ يلبس بنطالاً يكاد يتمزّق من ضيقه، مَشهدٌ لم يهنأ “أسامة” و كثير من الأفكار راودتْ ذهنه، لهذا يفوقُ علينا الغربُ، فنحن لا نأخذُ منهم إلا التقليدَ الشكلي، و يا ليتهم يعرفون كيف يقلِّدون، فحتى تلك البناطيل لا يلبسُها الأفرادُ العاديون، بل السجناءُ من فرنسا، و الأشخاص الشَّواذ.

بينما نحن ننشغل في تقليد أشكالهم، هم ينشغلون في الاستفادة من دينِنا الذي يطبِّقوهُ بِتَخَفِّي تحت الدساتيرِ الوضعية , النبيُّ صلي الله علي وسلم يقول:”إذا وُسِّدَ الأمرُ إلى غيرِ أهلِه؛ فانتظروا الساعة”، ونحن لم نعملْ بقولِ رسولنا، لكنهم في الغرب أخذوا بت، ووضعوا الرجُلَ المناسب في المكان المناسب , ساعدوا الفقراء والمحتاجين ونحن نَغْفُلُهم.

في الغرب يقتدون بقادتنا، ويتعلمون منهم الدروس والعِبر، تحت مُسمّى “دراسة الشخصية التاريخية” والكثير من الأشياء التي أخذها الغرب من دينِنا وطبّقوها ؛كانت سبباً في تقدُّمِهم علينا , أنا لا أُظهِرُ الغربَ بصورة الرجُل الصالح،  يكفيهم سُّوءاً أنهم كفروا بدين “محمد”، وحاربوا أنصاره صلي الله عليه وسلم , لكننا لو اتّبعنا دينَنا، وأخذنا الحسناتِ الموجودة عند الغرب ؛ لَفُقناهم بعشراتِ المرات، وعُدنا إلى ماضينا قادةً للأمةِ يَهاب أميرَنا القاصي والداني.

لذلك يجب علينا أنْ نتحلّى بتعاليم ديننا , ولا ننعزِل عن الثقافات الأخرى، لكنْ ننتقي ما يتناسب مع عقيدتنا، ومع عادات وقِيم مجتمعنا الإسلامي , كذلك يجب علينا أنْ لا نقعَ في شباك التبعية الثقافية؛ من خلال اعتماد ثقافاتنا على الثقافات الأُخرى في إنتاج وتطوير ثقافاتها في إحلال قيم وعادات وأنماطٍ سلوكية محلَّ القيم السائدة في مجتمعنا، وإظهاره كمجتمع مُهشَّم ومتناقض، يسودُه التفكُّك وعدمُ الأصالة ,  لذلك خذوا من الغرب ثمراتِ دينِنا التي سلبوها ،واتركوا فضَلاتِهم لهم ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى