السيجارةُ في قفصِ الاتهام

تقرير_ إسراء سعيد أبوزايدة
أصبحتْ السيجارةُ في مجتمعنا نوعاً من “البريستيج”, وبالرغم من كونِها آفةً خطيرةً؛ إلا أنّ المدخنينَ يعزِمونَ على أنْ تُقرِّرَ لهم مصيرَهم، وتقودَهم نحوَ التهلُكة, فلا يكادُ الإنسان يقعُ في مشكلة إلا ويفِرُّ نحو سيجارتِه عادَّاً إياها الرفيقَ المخلصَ له في دُنيا طعنتْ به، وألبستْهُ ثوبَ الهمِّ. ولِتفاقُمِ آفةِ التبغِ تصوب ” الثريا” نحوَ مضارِّ التدخينِ الصحيةِ على الشخصِ ومَن حولَه.
في تقريرٍ صدرَ عن الكلية الملَكيةِ في لندن جاءَ فيه:” إنّ تدخينَ السجائرِ في العصر الحديثِ؛ يسبِّبُ من الوفَياتِ أكثرَ ما تسبِّبُه الأوبئةُ في العصورِ السابقة, وجاء فيه أنّ حوالي 95% من مرضَى شرايينِ الساقينِ هم من المدخّنين”
“الصحةُ ليستْ الخلوَّ من المرضِ الجسدي فقط, بل تتطلبُ وجودَ سلامةٍ نفسية وعقليةٍ واجتماعية للحصولِ على جسدٍ شِبهِ سليمٍ خالٍ من الشوائب والمُنغِّصاتِ الداخليةِ والخارجية”,هكذا بدأ دكتور “د.سعيد حسونة” حوارَنا معه, موضّحاً أنّ للتدخينِ آثارَه السلبيةَ على جميعِ أجهزةِ الإنسان, بالإضافةِ إلى تأثيراتِه على الوظائفِ الحيويةِ للجهازِ العصبي.
ويضيف “د. حسونة” :”يبيِّنُ عضوُ الأكاديمية البلجيكيةِ للرشاقةِ والجمالِ أنّ المدخّنَ يمرُّ في ثلاثةِ مَحاورَ موضَّحةٍ في علمِ الأدويةِ، وهي مرحلةُ التعوُّد, وما قبلَ التعوّد, والإدمان, ويتحدّث قائلاً:” إنّ عنصرَ النيكوتين يُعَدُّ المادةَ الأساسيةَ في بناءِ السيجارة, وله تأثيرٌ مدمِّرٌ على الصحةِ البشرية, حيثُ يؤَثِّرُ على الجهازِ العصبي، فيثيرُ الهرمونات وتضطَّرب”.
بالإضافةِ إلى تأثيراتِه على الجهازِ التنفُسي، فيسبِّبُ انقباضاً في الشُّعَيباتِ الهوائية, والتهابَ الشُّعبِ الهوائيةِ المزمنَ” , ومن جانبٍ آخَرَ تأثيرُه على الجهازِ الهضميّ، مُسبِّباً قرحةَ المعدةِ نتيجةَ التهابٍ حادٍّ في جدارِها, وتأثيراتُه على القلبِ، ما ينجُمُ عنه انقباضٌ في الأوعيةِ الدمويةِ، وزيادة ُالضغطِ على عضلةِ القلب,بالإضافةِ إلى تأثيرِه على العصبِ الحائر.”
الحاملُ والتبغُ
ويشيرُ “د.حسونة” إلى أنّ هناك تقاريرَ علميةً تبيِّنُ المقاييسَ التي تساعدُ على سلامةِ الجَنين, وفيما يتعلّقُ بتأثير التبغِ على الأمِّ قبلَ حدوثِ الحملِ يقول:” يؤثِّرُ التدخينُ على الدورةِ الطمثيةِ، فتكونُ أقصَرَ, وبالتالي يؤدّي إلى ضعفِ الإباضةِ عند المُدخِناتِ بسببِ تأثيرِ النيكوتين”، مضيفاً ويؤدّي إلى حصولِ الحملِ خارجَ الرَّحِم, نتيجةَ إضعافِ النيكوتين لحركةِ الأنابيبِ، فتضعفُ المناعة”.
ويتابعُ “د. حسونة” قوله:” كما ويؤدي إلى نقصِ الترْوِيةِ في الرحمِ؛ ما يُضعِفُ تعشيشَ البويضةِ المُلقّحة”, منوِّهاً إلى أنّ التدخينَ يؤدي إلى مشاكلَ على المرأةِ الحاملِ غيرِ المدخِنةِ، ومنها مشاكلُ في الجهازِ العصبي, وضعفٌ في وصول الدمِ إلى الجنينِ, بالإضافةِ إلى مضارِّ التدخينِ في حالِ المرأةِ المُدخِنةِ، كخروجِ الطفلِ غيرَ طبيعيٍّ, وتشوُّهاتٍ في الجنينِ.وينوِّهُ “د. حسونة” إلى أنّ معظمَ أمراضِ القلبِ الوراثيةِ التي تصيبُ الجنينَ؛ تكونُ نتيجةَ خروجِه من رَحمِ امرأةٍ مُدخِنة.
الأمراضُ المزمنةُ والتبغُ:
ويحذِّرُ “د.حسونة” المُدخِّنونَ على وجهِ الخصوصِ أصحابُ الأمراضِ المزمنةِ كالرَّبوِّ الشعبي, والتهابِ الشُّعبِ الهوائية, ومرضَى القلبِ والأوعيةِ الدموية, والسُّكر, ومَن لدَيهِم مشاكلُ في الجهازِ الهضمي, ويقولُ د.حسونة:” يُمنعُ التدخينُ عن مرضى الجهازِ البَولي؛ نتيجةً لارتفاعٍ يحدُثُ في الشريانِ البَولي، فتزدادُ السمومية”, بالإضافةِ إلى مرضى الكبدِ، حيثُ “السموميةُ” تتركّزُ في الدمِ, و مرضى الجهازِ العصبي”.
ويشيرُ إلى أنّ التدخينَ يكونُ مسئولاً عن نوعٍ من السرطانِ، ضِمنَ ثلاثةِ أنواعٍ أخرى, بالإضافةِ إلى 90% من حالاتِ سرطانِ الرئةِ؛ تنجُمُ عن التدخين, هذا عدا عن أنواعٍ أُخرى من السرطاناتِ ومنها:( البلعوم, والفم, والشفاه, والبنكرياس, والكُلية, والمثانة).
التدخين السلبي:
ويتطرّقُ إلى مسألةِ التدخينِ السلبيِّ كظاهرةٍ منتشرةٍ في مجتمعِنا, ناصحاً الأشخاصَ الذين يتعرّضونَ للتدخينِ السلبيّ؛ بالابتعادِ عن المدخّنينِ قدْرَ الإمكانِ, والابتعادِ عن المناطقِ المغلَقةِ قليلةِ التهوية, كي لا يصاحبَهم مشاكلَ تنفسيةً وتوتّراتٍ عصبيةً ونفسية.
مَهما اختلفتْ أنواعُ السجائر؛ فإنها تؤثّرُ بشكلٍ أو بآخَرَ على أجهزةِ الإنسانِ المختلفةِ، وبالذاتِ القلبُ والأوعيةُ الدموية, وللتدخينِ آثارُه السلبيةُ؛ ليس فقط على مستوى الشخصِ المُدخِن؛ بل يتعدّى الأمرُ إلى البيئةِ الاجتماعية والأُسريةِ المحيطة به، وتشيرُ آخِرُ الإحصاءاتِ الدوليةِ إلى أنَّ أكثرَ من مليارٍ ورُبعِ المليارِ من سكّانِ الكُرةِ الأرضيةِ هم من المُدخّنين، ويُقدَّرُ عددُ المتوفَين جرّاءَ آفةِ التدخينِ بحوالي خمسةِ ملايينَ شخصٍ سنوياً، فاحذَرْ أنْ تكونَ أحدَ هؤلاءِ.
.