كيف نعلِّمُ أبناءنا؟

د. جواد الشيخ خليل- خبيرٌ في الشئون التربوية
الجميعُ يعرفُ أنّ المهاراتِ الحياتية هي مجموعةٌ من المهاراتِ التي تُعينُ الفرد على أنْ يتكيّفَ مع البيئة المحيطةِ به، حتى يصبحَ مواطناً صالحاً قادرًا على تحمُّل المسئوليةِ تُجاهَ نفسِه و وطنِه، وبمعنى آخرَ قدرةُ الفرد على أنْ يعيشَ بشكل سوِيٍّ في الحياة متأقلِماً مع المستجداتِ التي تطرأ عليها، والسؤالُ المطروح هل تلبّي مناهجُنا الدراسيةُ حاجاتِ أطفالنا، وتجعلُهم قادرين على ممارسةِ المهارات الحياتيةِ في حياتهم اليومية؟
كثيرٌ من الطلاب يحفظونَ جدولَ الضرب عن ظهرِ غيب، ولكنهم لا يستطيعون الذهابَ إلى البقّالة بمبلغٍ من المال، ويَرجعون بالباقي، لديهم المعرفةُ، ولكنّ توظيفَ هذه المعرفة مفقودٌ، والكثيرُ من الطلاب يحفظون أحاديثَ كثيرةً حول الصدقِ والأمانة ،ولكنهم لا يمارسونها في الحياة، والكثيرُ من الطلاب يحفظون القصائدَ الشعريةَ، ولكنهم لا يستطيعون التحدثَ بلغةٍ عربيةٍ سليمة لمدةِ دقيقةٍ واحدة، إذن ما نحتاجُه هو توظيفُ المعارف التي نتعلّمُها، وهذا ما يحتاج إليه أبناؤنا، مناهجُنا مُكتظّة بالمعارف المطروحةِ بشكلٍ نظريّ معرِفيّ مُجرد من المواقفِ التي تحاكي الإطارَ النظري.
،،،
د. جواد الشيخ خليل
كثيرٌ من الطلاب يحفظونَ جدولَ الضرب عن ظهرِ غيب،
ولكنهم لا يستطيعون الذهابَ إلى البقّالة بمبلغٍ من المال
والكثيرُ من الطلاب يحفظون أحاديثَ كثيرةً حول الصدقِ والأمانة ،
ولكنهم لا يمارسونها في الحياة، فما نحتاجه هو توظيفُ المعارف التي نتعلّمُها
،،،
لذا كان لزاماً على وزارة التربيةِ والتعليمِ العالي، وانطلاقاً من إحساسِها بالمسئوليةِ تُجاهَ الطلاب عمادِ الأمّة، وحرصاً منها على بناء جيلٍ مسئولٍ قادرٍ على مواجهةِ أعباءِ الحياة ومتغيراتِها، أقرّتْ ابتداءً من العام القادمِ تدريسَ منهاجِ المهاراتِ الحياتيةِ وحقوقِ الإنسان “من السابع حتى العاشر” بواقعِ حصّتينِ أسبوعياً، والمنهاجُ لا يهتمُّ كثيراً بالجوانب النظريةِ بقدْرِ اهتمامِه بالجوانبِ التطبيقية، يهتم بالموقفِ التعليميّ الذي غالباً ما يُطرحُ على شكلٍ قصةٍ أو تمثيليةٍ أو مشكلة، ويتمُّ استنتاجُ المهارةِ المرادُ تدريسُها من خلال هذه المواقف.
كما يتمُّ تدعيمُ ممارسةِ هذه المهارة في الحياة اليوميةِ، وبناءُ اتجاهاتٍ إيجابيةٍ حولها، أي يكونُ الاهتمامُ بالجانب المَهاري، إضافةً إلى الانفعاليّ والمَعرفيّ، هكذا يجبُ أنْ يتعلّمَ أبناؤنا العِلمَ ؛حتى يُطبّقَ في الحياة، فالمعرفةُ بذاتِها ليست هدفاً، إنما الهدفُ هو توظيفُ هذه المعرفةِ في جوانب حياتِنا المختلفة، وحتى تكتملَ الصورةُ، وبعد إتمامِ عمليةِ التأليفِ؛ تأتي المرحلةُ التالية: وهي إعدادُ المعلمِ القادرِ المؤهَلِ لتدريسِ هذه المهاراتِ بالطريقةِ الصحيحة بعيداً عن الحَشْوِّ، لأنّ العديدَ من المهاراتِ موجودةٌ بالفعلِ نظرياً في إحدى المباحث.
ولكنّ المختلِفَ هنا طريقةُ تناوُلِ المهارةِ وطرْحُها ، المختلِفُ أيضاً طريقةُ تدريسِها للطالب، على سبيلِ المثالِ؛ لو كان لدينا مهارةٌ بعنوانِ “الأمانة أو الصدق”، المُخرَجاتُ هنا تكونُ إنساناً صادقاً أميناً، وليس إنساناً يحفظُ أحاديثَ وآياتٍ قرآنيةِ؛ تدلِّلُ على الصدقِ والأمانة، وبالطبعِ يجبُ أنْ يكونَ لديهِ الأحاديثُ والآياتُ، ولكنّ هذا الهدفَ يتمُّ تحقيقُه في مبحثِ التربيةِ الإسلامية، ولكنّ الهدفَ هنا مختلفٌ أَلا وهو إنسانٌ يمارسُ الصدقَ والأمانةَ في حياتهِ اليومية وتصبحُ من صفاتِه الأساسيةِ والمثميِّزةِ له.