“بس يا زلَمة ” كوميديا ساخرةٌ تعالج قضايا المجتمع

تقرير: محمد قاعود
مازال رحمُ غزة ينجبُ الإبداعاتِ واحدةً تِلوَ الأُخرى ، يكـابدُ العدمَ، ويشُقُّ الصعابَ، ويطوِّعُ الظروفَ من أجلِ أنْ تُزهرَ بإبداعٍ مُغايرٍ في كلِّ محاولةٍ له ، هذه المرةُ كان الإبداعُ بطريقةٍ مغايرةٍ على الطرازِ الفنيِّ الكوميديّ لبناءِ المجتمع .
باللغةِ العاميّةِ الغزاويةِ البسيطة؛ اختارَ هؤلاء الشبابُ اسماً لفريقِهم: “الاستاند أب الكوميدي، “بس يا زلمة ” محاولةً منهم انتقادَ المجتمعِ بأبسطِ الطرُقِ، والمساهمةَ في بناءِ مجتمعٍ خالٍ من الظواهرِ السلبية .
ويُذكَرُ بأنّ “الإستاند أب الكوميدي” هو عبارةٌ عن خَلْقِ جوٍّ فكاهيٍّ خاصٍّ من خلالِ طرْحٍ ناقدٍ لسلوكياتٍ واقعيةٍ في الحياةِ اليومية بطريقةٍ ساخرةٍ , وخَلقِ بيئةٍ خصبةٍ لِتَقبُّلِ النقدِ الصريحِ بطريقةٍ كوميدية , كما ويُعَدُّ فناً حديثاً في العالمِ العربي، قائماً على نقدِ السلوكياتِ والتصرفاتِ المجتمعيةِ بشكلٍ ساخرٍ.
يقولُ الشابُّ “محمود أبو زعيتر” مقدّمُ برنامج “بس يا زلمة” في لقاءٍ مع الثريا ” بدأتْ الفكرةُ عندما قُمنا بتسجيلِ مقاطعَ صوتيةٍ كانت تناقشُ الوضعَ العامَّ بطريقةٍ فكاهيةٍ , فقُدّمَ لنا اقتراحٌ من أحدِ الأشخاصِ بتسجيلِ حلقاتٍ مرئيةٍ مصوَّرةٍ؛ وخاصةً أننا نمتلكُ روحَ الفكاهةِ, فاستجبنا لذلك الاقتراحِ، وبدأنا التسجيلَ باستئجارِ بعضِ المُعدَّاتِ، ثُم استطعنا توفيرَ استديو بيتيّ صغيرٍ وكاميرا ” .
جمالُ البساطةِ ..
” بس يا زلمة ” اسمٌ عاميٌّ غريبٌ بعضَ الشيءِ ، أصحابُه يرونَ بأنّ له مدلولاً كبيراً؛ وخاصةً أنه اسمٌ شعبيٌّ ، ما أضفَى الجاذبيةَ والانتباهَ إليهِ عند استماعِه لأولِ مرّةٍ , فبالعادةِ قلَّما تجدُ عناوينَ للبرامجِ بأسماءٍ شعبيةٍ , وكأننا عند انتقادِنا لظاهرةٍ سلبيةٍ في المجتمعِ؛ نقولُ لمن يقومُ بمِثلِ هذه الظاهرةِ ” بس , بكَفّي , عيب عليك “
ويضيفُ أبو زعيتر ” وجدْنا الكوميديا هي الوسيلةُ الأقدرُ على إيصالِ المعلوماتِ في ظِلِّ الوضعِ النفسيّ السيئ الذي يعيشُه الشبابُ الفلسطينيّ ، فبدأنا بعرضِ مجموعةٍ من المصطلحاتِ المستخدَمةِ في مجتمعِنا، ثُم قُمنا بانتقادِ بعضِ العاداتِ السلبيةِ؛ لنضعَ يدَنا على الظواهرِ السلبيةِ محاوِلينَ تنبيهَ المجتمعِ لها لـِتَجنُّبِها “
جهود لا تتوقف ..
ويوضّحُ أبو زعيتر بأنّ المُشاهدَ قد يجهلُ حجمَ الجهودِ التي تُبذلً؛ من أجلِ إخراجِ حلقةٍ ما من ” بس يا زلمة ” ، إلا أنه في الواقعِ تبذلُ جهودٌ مُضنيةٌ لأكثرَ من عشرةِ أيامٍ متواصلةٍ، بالرغمِ من كلِّ الصعوباتِ _ قطعُ الكهرباء، وقِلّةُ المادّة_ ؛ كي تخرجَ هذه الحلقةُ والتي لا تزيدُ عن 15 دقيقةً ليراها المُشاهدُ .
سَيـلٌ من الاتهاماتِ ..
بعد الشروعِ في إنتاج حلقاتِ “بس يا زلمة” وُجِّهتْ للفريقِ الكثيرُ من الانتقاداتِ، واتـُّهِموا بأنهم يحاولون إظهارَ المجتمعِ الفلسطينيّ كـمجتمعٍ سلبي , “هشام خطاب” أحدُ أعضاءِ فريق “بس يا زلمة” يرُدُّ على الاتهاماتِ الموجّهةِ إليهم قائلاً ” لا يوجدُ مجتمعٌ خالٍ من السلبياتِ ومُنزَّهٌ عن العيوبِ ، ونحن عندما ننتقدُ المجتمعَ؛ لا يعني هذا أننا نعيشُ في مجتمعٍ آخَرَ ، لكنّ بعضّ الناسِ تجهلُ سلوكاً سلبياً تفعلُه ، ونحن بدورِنا نقومُ بانتقادِ تلكَ السلوكياتِ؛ حتى يُقلعَ الناسُ عن فعلِها، وهدفُنا الانتقادُ البنّاءُ، وليس التشويهُ ، فالمجتمعُ الناجحُ هو من يضعُ يدَه على الظواهرِ السلبيةِ، ويساهمُ في تغييرِها”.
ويضيفُ خطّاب ” بدأنا العملَ بإنتاجِ عملٍ كوميديّ لخدمةِ القضيةِ الفلسطينية ، فهدفُنا الأساسُ هو خدمةُ القضيةِ، بالرغمِ من أننا بدأنا بشكلٍ اجتماعيٍّ كوميديّ كي يتقبَّلَنا الناسُ، ومن ثم نبدأ بإبرازِ القضايا التي تخدمُ القضيةَ والمجتمعَ الفلسطيني ” .
ويبقَى الشبابُ الفلسطينيُّ عنواناً للتحدي والصمودِ ومواجهةِ كلِّ الصعابِ التي تحيطُ به ، مُعلناً التمرُّدَ عليها من أجلِ صياغةِ حلُمهِ بأجملِ حُلّةٍ؛ متغلِّباً على الواقعِ المريرِ الذي يعيشُه بكلِّ فصولِه, ويستمرُّ في قهرِ ظروفِ الحياةِ الخانقةِ؛ ليُخرجَ الإبداعاتِ من رحِمِ المُعاناةِ.