غير مصنف

معركةُ الوَحدةِ العربية الالكترونيةِ تشلُّ الكيانَ “الإسرائيلي”

بقلم: هدى فضل نعيم
هكرز
مرّتْ سنونَ طويلةً، عاش فيها الشعبُ الفلسطينيُّ؛ يتجرّعُ الألمَ، ويتصدّى لهجماتِ الاحتلالِ “الإسرائيلي” ويرُدُّ الأذَى عن نفسِه؛ فقط مُستعيناً بالصبرِ واحتسابِ  الأجرِ , حاملينَ الأملَ بأنْ يأتيَ اليومُ الذي ينتفِضُ فيه الطفلُ والشابُّ والكهلُ؛ ليُجبروا الاحتلالَ على الرضوخِ لمطالبِهم، حتى أتتْ معركةُ “الفُرقان” وتبِعتْها معركةُ “حجارة السِّجيل” وتخلَّلها انتصاراتٌ وثباتٌ أمامَ أقوَى الأسلحةِ المحرَّمةِ دولياً،  ولم يكتفِ رجالُ المقاومةِ بالتصدّي للعدوانِ؛ بل تعدَّى الأمرُ بتنفيذِ هجماتٍ قويةٍ مُوجِعةٍ للاحتلالِ؛ حتى باتَ المواطنُ يؤمِنُ بقُدرةِ المقاومةِ؛  أنها إنْ وعدتْ أوفَتْ، وإنْ ضربتْ أوجَعتْ .

لكنْ ما فاجأَ الشارعَ الفلسطينيَّ هي المعركةُ الحديثةُ من نوعِها في القوةِ والأسلوبِ، والتي استهدفتْ الشبكةَ العنكبوتيةَ لدولةِ الاحتلالِ , فقد تعالتْ تهديداتٌ من قِبلِ شبابٍ من مختلفِ الدولِ العربيةِ _في الفترةِ الأخيرةِ_ بأنه سيَتِمُّ عزلُ الاحتلالِ الكترونيًا، والتحضيرُ لمعركةٍ قويةٍ ستُصيبُ الشبكةَ العنكبوتيةَ “الإسرائيلية”  بالشلَلِ؛ مُحذِّرينَ مواقعَ كبيرةً ومُهمّةً لدَى الاحتلال ,وفي المقابلِ لم يكنْ هناك تفاعلٌ كبيرٌ مع هذه التهديداتِ، فلم يتوقّعْ الجميعُ أنْ تكونَ جَدِّيةً بالطريقةِ التي تُنفَّذُ بها، أو حتى بالقوةِ والتنظيمِ والدقةِ التي تميَّزوا بها؛ حتى  استيقظَ الفلسطينيونَ على أخبارِ الحربِ الالكترونيةِ، واستغاثاتٍ من قِبلِ الاحتلالِ لمُحاولةِ التصدِّي لِمَوجةِ الهجومِ، والتي لم تكُنْ في حُسبانِهم، فقد تمَّ اختراقُ آلافِ الحساباتِ على “الفيس بوك” ومواقعَ رسميةٍ: (كموقعِ الموسادِ والكنيستْ والبورصةِ) وغيرِها من أهمِّ المواقعِ .

hakerولا يزالُ شبابُ الثورةِ العربيةِ مستمرِّينَ في تحدِّياتِهم تحتَ مُسمَّى قراصنةِ “الأنونيموس” وشاركَهم أيضاً شبابٌ من دُولِ “تونس والمغرب والجزائر” تحتَ مُسمّى ” ثعلبُ الصحراء ” كلُّ هذه الضرباتِ والتخطيطاتِ جعلتْ الشارعَ الفلسطينيَّ تغمرُه حالةٌ من الفرحِ، وتجدَّدَ عبيرُ الأملِ في الثوارِ العربِ، وتأكَّدوا أنَّ ما كان يُعيقُ دعمَ الشعوبِ العربيةِ ؛هو وجودُ الأنظمةِ القمعيةِ التي حالتْ دونَ أنْ يشارِكونا ساحةَ المعركةِ، فَبِطريقتِهم الخاصةِ نقلوا ساحةَ المعركةِ لبلادِهم، بل إلى مكاتبِهم  مُتَحَدِّينَ فيها دولةَ الاحتلالِ وأنظمتَه، رُغمَ الخطرِ الشديدِ على حياتِهم؛ إنْ تمَّ اكتشافُهم , لكنّ انتماءَهم لقضيةِ الإسلامِ والأُمّةِ ؛جعلَهم يستمِرُّونَ ويُبدعونَ ويوجِعونَ دولةَ الاحتلالِ , ما زادَ من حالةِ الرِّضا والثقةِ المتزايدةِ  بِقُدرةِ شبابِ اليومِ على تغييرِ المُعادلاتِ وفِعلِ المستحيلِ، فلم يقتصرْ دَورُهم على التخطيطِ لإسقاطِ الأنظمةِ_ وإسقاطِها بالفعلِ_ أو رَفعِ شعاراتٍ رنّانةٍ كما تعوَّدَ الجميعُ سماعَها  من الرؤساءِ والمسئولينَ العربِ؛ الذين أشبَعونا بسماعِ كلماتِ الشَّجبِ والاستنكارِ مِثلَ  “وسنفعلُ وسنعملُ وسنحاسبُ” لنكتشفَ أنهم يتحدّثونَ عن عملِ أكبرِ “صينيةِ مفتولٍ أو كُنافةٍ” ودفعِ حسابِها “  .

وكَرَدِّ فِعلٍ طبيعيٍّ لحالةِ الفرحِ التي انتابتْ الشارعَ الفلسطينيَّ؛ تَوالتْ رسائلُ الشُّكرِ على شبكاتِ التواصلِ الاجتماعيّ؛ للرجالِ المجهولينَ ،وأصبح الكبيرُ والصغيرُ يريدُ البحثَ حولَ ماهيةِ نظامِ “الهَكَر” ومحاولةَ معرفتِه ،فيقولُ أحدُ الشبابِ : ”  رغمَ أنني لا أعلَمُ كيف يعملُ نظامُ “الهَكَر”؟ وما طبيعتُه؟  لكنْ أشعُر بفرحٍ شديدٍ وعِزَّةٍ ؛كأنني مُشاركٌ مع هؤلاءِ الشبابِ، فكيف هو شعورُهم وهم يرَونَ السعادةَ ترتسِمُ على قلوبِ الفلسطينيينَ قبلَ وجوهِهم ”  ويضيفُ شابٌّ آخَرُ قائلاً  :” لقد توَحّدتْ الشعوبُ العربيةُ على الانترنت، فأرْعبناهُم، وشَلَلْنا حياتَهم، فكيف إنْ توَحَّدْنا على أرضِ الواقع ” .

كما وعلّقَ الناشطُ الشبابيّ “أدهم أبو سلمية” على هذه المعركةِ : الحربُ الالكترونيةُ على العدوِّ الصهيونيِّ أثبتتْ أنّ الشبابَ الفلسطينيّ مُبدِعٌ في كلِّ مجالٍ يشاركُ فيه، وأعتقدُ أنّ هذا النجاحَ يجبُ أنْ يكونَ دافعاً حقيقياً للتفكيرِ بجِدّيةٍ في مستقبلِ الشباب، واستثمارِ هذه الطاقاتِ الهائلةِ وتوظيفِها بشكلٍ صحيحٍ لخدمةِ قضيتِنا.

إنني أدعو بكلِّ حُبِّ الحكومةَ الفلسطينيةَ إلي ضرورةِ التفكيرِ بِعُمقٍ في فصلِ وزارةِ  “الشباب”  عن غيرِها من الوزاراتِ؛ لأنّ شريحةَ الشبابِ تُمثِّلُ نصفَ المجتمعِ، وهذا النصفُ ليس أقلَّ من أنْ نوفِّرَ له وزارةً تقومُ على شئونِه على أَكمَلِ وجهٍ، لا نقولُ أنّ الوزارةَ الآنَ مُقصِّرةٌ، لكنْ نقولُ أنه يمكنُ أنْ نرَى ما هو أفضلُ من الموجودِ؛ فيما لو خُصِّصتْ وزارةٌ للشبابِ “.

كما وسارَعَ نشطاءُ الإعلامِ الجديدِ، ومَن لدَيه خبرةٌ بعملياتِ الاختراقِ، بتوعيةِ المجتمعِ لمفهومِ “الهَكَر” وأثَرِه ونشرِ تعليماتٍ لحمايةِ أجهزةِ المُستخدِمينَ من أيِّ عمليةِ ردٍّ على الاختراقاتِ باختراقاتٍ مُماثِلةٍ، فقد شهِدتْ بعضُ الصفحاتِ على “الفيس بوك”  _التابعةِ لنُشطاءٍ من قطاعِ غزةَ _ لِحَملةِ اختراقٍ من قِبلِ الاحتلالِ، لكنْ لم تمُرّ ساعاتٌ حتى عادتْ المياهُ لمجارِيها، وفي المقابلِ  ما زالَ الاحتلالُ _الذي يدَّعي أنه يملكُ أقوَى الأجهزةِ والعتادِ لحمايةِ نفسِه_ قابِعاً تحت زَخَّاتِ الاختراقاتِ؛ ولا يستطيعُ الإفلاتَ منها، مُعلِناً انهزامَه أمامَ الوَحدةِ العربيةِ الالكترونيةِ ..

ربّما هم شبابٌ صغارٌ أو كبارٌ أو فتياتٌ أو فريقٌ،  وربّما هم عربٌ أو شارَكَهم مسلمونَ من الغربِ، وربما مسلمون أو مسيحيون، أو مزيجٌ من كلِّ ما سبقَ،  أينما كانوا فلْيُعينُهم اللهُ على هذه المعركةِ القويةِ، و يجعلْ بينهم وبين الأعداءِ سدّاً منيعاً ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى