ارتفاعُ نسبة المُنتسبينَ لدوراتِ الهكَر إلى 300%.

مُوضةُ الهَكر
غزة-هدى فضل نعيم
استيقظَ الشارعُ الغزيّ منتصفَ الأسبوعِ الماضي على حرب الكترونيةٍ؛ كان النصرُ حليفَ الفلسطينيين فيها, وكلَّ من شاركَ فيها من الدولِ العربية، حيثُ تم استخدامُ تقنيةِ قرصنةِ الحواسيبِ (الهكر ) من قِبلِ مجموعةٍ موحّدةٍ من شبابٍ عربيّ لاختراقِ مواقعَ الكترونيةٍ تتبعُ لدولةِ الاحتلال, لإيصالِ رسالةٍ لهم؛ بأنّ شبابَ اليومِ واعٍ ويتحمّلُ مسؤوليتَه تُجاهَ القضيةِ الفلسطينية .
شهدتْ هذه المعركةُ فرحةً كبيرةً؛ اجتاحتْ الشارع الغزيّ؛ خصوصاً بعد حالةِ الارتباكِ والفوضى التي لوحظتْ لدى الاحتلالِ، لمحاولةِ السيطرةِ على الاختراقات, ومن جهةٍ أخرى انتشرَ مُصطلحُ “الهكر” بين أبناءِ القطاعِ ؛ما جعلَ العيونَ كلَّها تتطلعُ لمعرفةِ المزيدِ حول هذا المصطلحِ، والرغبةِ لتَعلُّمِ هذه التقنيةِ فضولاً و متابعةً لآخِرِ تحديثاتِ الموضة، حتى وصل الحالُ لأنْ يتّجِهَ الكبيرُ والصغيرُ للتعرُّفِ أكثرَ على “الهكر” بالالتحاقِ في دوراتٍ لتعليمِ فنيّاتِ هذه التقنيةِ واستخدامِها.
للوقوفِ على هذا الموضوع التقتْ “الثريا” المهندسَ “أشرف اليازوري” مهندسُ نظُمٍ الكترونيةٍ ومتخصصُ شبكاتٍ، ومديرُ إحدى مراكزِ التدريبِ التي تتعاملُ مع هذه الدوراتِ، والذي أكّدَ أنّ دوراتِ “الهكر” ليست جديدةً حيثُ يقول:”كُنا نعلَمُها منذ السنواتِ الماضيةِ، وكان لدى البعضِ رغبةٌ في العملِ بهذا المجالِ؛ خصوصًا وأنه عملٌ مَجزيٌّ ماديّاً، وفيه من الإثارةِ ما يشجعُهم للتعلمِ أكثرَ, لكنّ الذي لفتَ انتباهَنا ارتفاعُ عددِ المنتسبينَ لهذه الدوراتِ في هذه الأيامِ بنسبةٍ عاليةٍ، وصلتْ إلى 300%.
سلاح ذو حدين
وعَزَى “اليازوري” السببَ وراء ذلك نظرًا للحربِ الالكترونيةِ التي جرتْ ضدَّ الاحتلال، حيثُ كان لها أثرٌ كبيرٌ في تسويقِ هذا المصطلحِ، وبالتالي توجيهُ الشبابِ بشكلٍ أكبرَ نحوَ هذا المجالِ، وإشعالُ حِسِّ الفضولِ لديهِم؛ للالتحاقِ برَكبِ المُخترِقينَ الذين برزَ دَورُهم في الأيامِ الماضية .
ويضيفُ اليازوري:” نعلَمُ جيداً أنّ “الهكر” سلاحٌ ذو حَدَّينِ، لكنْ أصبح من العُرفِ كذلك أنّ كلَّ من يتعاملُ مع شبكاتِ الانترنت؛ عليه أنْ يكونَ لديهِ الدرايةُ الكاملةُ بكيفيةِ حمايةِ نفسهِ من الاختراقاتِ بالأساليبِ المعمولِ بها، فهذا ما نحاولُ في البدايةِ تعليمَه للطلابِ، ثم نتطرّقُ لتعليمهِ كيف يكونُ مخترِقاً أخلاقياً؛لا يصلُ للقُبّعةِ السوداءِ بالتفكيرِ بهدفِ التخريبِ، بل يعملُ تحتَ نظامِ القُبّعةِ البيضاءِ، وهو العملُ من أجل خدمةٍ أخلاقيةٍ بمقابلٍ مادِّي .
ويتابعُ اليازوري:” ولضمانِ عدمِ استخدامِ المعلومات بطريقةٍ سلبيةٍ؛ نجبِرُ كلَّ شخصٍ على التوقيعِ على تعهُدٍ يتضمنُ استخدامَ كلِّ ما يتعلّمُه لحمايةِ نفسهِ، ولخدماتٍ أخلاقيةٍ، وأنْ يبتعدَ عن الأغراضِ التي تخالفُ القانون” .
مرفوضٌ قانونياً واجتماعياً
وهو ما لم يقتنعْ به الأستاذُ “إيهاب الغصين” رئيسُ المكتب الإعلاميّ الحكوميّ، حيثُ يرى أنّ هذه التعهداتِ لن تُجديَ في تقييدِ استخدامِ هذه التقنيةِ، حيثُ يقول:” هي تعهداتٌ غيرُ رسميةٍ، أي أوراقٌ بلا معنى, مضيفاً أنّ وقوفَ الشبابِ العربيّ مع القضيةِ الفلسطينيةِ كان موقفاً رائعاً، وما قاموا به إبداعاً من نوعٍ خاصٍّ، ونُثمِّنُ هذا الدورَ لكننا نرفضُ وبشكلٍ قَطعيٍّ استغلالَ مراكزِ التدريبِ والأفرادِ للأجواءِ التي تبِعتْ هذه المعركةَ بطريقةٍ استثماريةٍ، بالإعلانِ عن دوراتٍ بأسعارٍ خياليةٍ من أجل كسبِ الربحِ فقط، دونَ الوعيِّ لمخاطرِ ما يمكنُ أنْ يحدُثَ”.
ويستدركُ الغصين:” الهكر في حدِّ ذاتِه هو أمرٌ سلبيٌّ ومرفوضٌ قانونياً واجتماعياً، وهو كأيِّ وسيلةٍ فرديةٍ يمكنُ استخدامُها بشكلٍ إيجابيّ أو سلبيّ، ولا يمكنُ لأيِّ جهةٍ حكوميةٍ أو غيرِ حكوميةٍ ضبطُه إنْ اكتسبَ الفردُ هذه المهارةَ، فمهما كانت هذه الثقافةُ مُهمةً، والهدفُ من تعلُّمِها إيجابياً، لكنْ سيُمكِّنُ الأفرادَ من استخدامِها بأمورٍ سلبيةٍ كبيرةٍ دونَ محاسبةٍ” .
ويتابعُ الغصين :”نطالبُ وزارةَ الاتصالِ ضبطَ ومعالجةَ هذا الموضوع , وإنْ كان هنالك حاجةٌ لتقنيةِ “الهكر” وحمايةِ الأجهزة، فيجبُ أنْ يكونَ العملُ فيها جماعياً ومنظّماً، وترعاهُ جهةٌ حكوميةٌ أو غيرُ حكومية، ولا يكونُ العملُ فردياً؛ يسمحُ للفردِ باستخدامِ قدراتِه لتحقيقِ ما يريدُ حتى لو كان بإيذاءِ غيرِه” .
وفي لقاءِ “الثريا” مع المهندس “أشرف صقر” مدرب “أنظمة لينكس وحماية” ,عبّرَ عن سعادتِه بتوجُّهِ الشبابِ لتعلُّمِ هذه التقنيةِ فيقول:” للإنترنت مخاطرُ جَمّةٌ، وحتى لا يُعرِّضَ الفردُ نفسَه لتلك المخاطرِ؛ عليه أنْ يتعلّمَ كيف يحمي نفسَه عن طريقِ الدرايةِ الكاملةِ بوسائلِ الحمايةِ والاختراق”.
ويضيف:” نحاولُ _ونحن ندرّبُ الطلابَ_ التركيزَ على الأمور الإيجابيةِ التي يمكنُ أنْ يستخدمَها المتدربُ ممّا يتلقاهُ من معلوماتٍ، وتوعيتَهم لأهميةِ تعلُّمِ تلك التقنياتِ؛ حتى لا يقعوا ضحايا للقرصنةِ أو الاختراقِ أو حتى التعرُّضِ لسرقةِ بياناتٍ شخصية, متابعاً: لا يوجدُ أيُّ مانعٍ من تعليمِ الأفرادِ هذه التقنياتِ، و لكنْ لردعِ استخدامِ الأفرادِ قدراتِهم بطريقةٍ سلبيةٍ؛ على الحكومةِ والجهاتِ الرسميةِ سنَّ وتدعيمَ قوانينَ تُجرِّمُ وتعاقبُ كلَّ من يسيءُ استخدامَ “الهكر”.
ما بين مؤيِّدٍ ومعارِضٍ يبقى الشارعُ الغزيُّ منقسماً إلى من يرغبُ بالالتحاقِ بهذه الدوراتِ، ومن يتخوفُ من نسبةِ الملتحِقينَ بها، كما يستمرُّ القلقُ من الأخطارِ التي يمكنُ أنْ تنجُمَ عنها، حيثُ هنالك التشجيعُ من قِبلِ المراكزِ المدرِّبةِ، بينما يواجَهُ الموضوعُ بالرفضِ الحكوميِّ.