الفيس بوك حريةٌ شخصيةٌ أم اعتداءٌ على حرياتِ الآخَرين

تقرير : محمد قاعود
في ظلِّ عيشِ الكثيرينَ في عالمٍ افتراضيّ أشبَه بالعالمِ الحقيقي ، وقضائهم لأوقاتٍ طويلةٍ أمام شاشاتِ الحاسوبِ ، وهدْر الطاقاتِ الكامنةِ باختزالِها ضمنَ لوحةِ مفاتيحَ وشاشةٍ مفتوحةٍ من المعلومات ، يتنقّلون بضغطةِ زرٍّ من موقعٍ لآخَرَ ، فهناك من يَجمعُ من حقولِه فيزدادُ به علماً ، وآخَرُ يزيدُ من وقتِه هدْراً .
الفيس بوك هو شبكةُ تواصُلٍ اجتماعي ، أُنشئتْ في عام 2004 بالولاياتِ المتحدةِ الأمريكية ، وتمّ السماحُ بعدَها لجميعِ المشتركينَ من أنحاء العالمِ بإنشاءِ الحساباتِ الشخصيةِ عليه ، بهدفِ تعزيزِ التواصلِ الاجتماعيّ، ومشاركةِ الآخَرين من خلال الحديثِ والصورِ والأخبار.
المدوِّن “خالد الشرقاوي” في لقاءٍ مع “الثريا” أوضحَ أنّ موقعَ الفيس بوك يقدّمُ العديدَ من الخدماتِ المتميزة ، كتدوينِ الأخبارِ الشخصيةِ، والتعبيرِ عن الذاتِ من خلالِ إتاحةِ الفرصةِ لمشاركتِها مع الأصدقاءِ، والسماحِ بكتابةِ التعليقاتِ عليها ، بالإضافةِ إلى مشاركةِ الصورِ ومقاطعِ الفيديو ،و الاهتماماتِ والمناسباتِ المتعدِّدة ، ما يساهمُ باستخدامِ هذه الخدماتِ في مختلفِ المجالاتِ الحياتيةِ ، ابتداءً من التواصلِ مع الأصدقاءِ، ومروراً بالتسويقِ الالكترونيّ والإعلانيّ لدى العديدِ من الشركاتِ المختلفةِ عبرَ الموقعِ .
الفيسبوك … انتهاكٌ للحريات
” تفاجأتُ في إحدى المرّاتِ بوجودِ صورتي على إحدى صفحاتِ الفيس بوك، وقد احتوتْ على تعليقاتٍ ساخرة ، وقد سُرقتْ من حاسوبي الشخصي بعدَ اختراقِه ، ليُشكّلَ الفيس بوك انتهاكاً صريحاً لحرياتِ الآخَرينَ الشخصية ” كانت هذه إجابةَ الشابّ “سفيان” على سؤالِنا إنْ كان الفيس بوك ينتهِكُ الحريةَ الشخصيةَ أَم لا .
المدوِّنُ “الشرقاوي” يؤكّدُ بضرورةِ أنْ يعطيَ الفيس بوك مساحةً كبيرةً من الحريةِ الشخصيةِ ويعمِّقَها ؛لأنه يعطي مساحةً لا سيطرةَ لأحدٍ عليها -على غرارِ ما أبدى به سفيان – ليوافِقَه في رأيِّه الشابُّ “عمر زين الدين” الذي يقول :” الفيس بوك أتاحَ هامشاً كبيرًا من الحريةِ؛ التي كُنا نفتقدُها للتعبيرِ عن آرائنا، وأصبح من السهلِ لأيِّ شخصٍ أنْ يعبِّرَ عن رأيِّه عبر الفيس بوك، الذي أصبح وسيلةً من وسائلِ الإعلام ” .
لكنّ البعضَ يرى بأنّ الفيس بوك ينتهكُ الحرياتِ في أكثرَ من جانبٍ، كما تحدّثَ الشابُّ “أحمد أبو موسى” لأنه بالإمكانِ اختراقُ حسابِك الشخصيّ، والإطلاعُ على كافةِ المعلوماتِ الخاصةِ بك ، وبالتالي كشْفُ الأسرارِ، أمّا “أبو أحمد” فيُبيّنُ أنّ نشْرَ البعضِ لصورِ الغيرِ؛ يُعَدُّ انتهاكاً لحرياتِهم الشخصيةِ، وهذا موجودٌ بكثرةٍ في صفحاتِ الفيس بوك .
توظيفُ الطاقاتِ … نُصرةً للقضيةِ
ويضيفُ “الشرقاوي” أنه من المفيدِ والإيجابيِّ تسخيرُ هذه الشبكةِ بشكلٍ جيدٍ في خدمةِ ونصرةِ القضيةِ الفلسطينيةِ للعالم ، من خلال تطويعِ مميزاتِه، والاستفادةِ منه في زيادةِ الوعيّ بالقضيةِ على المستوَيينِ العربي والدولي ، بالإضافةِ لنشرِ الإنجازاتِ والإبداعاتِ الفلسطينيةِ، وتقديمِ صورةٍ مشرِقة ، وإظهارِ الجوانبِ الإنسانيةِ في حياة الشعبِ الفلسطيني .
ويرى “الشرقاوي” أنّ الفيس بوك هو سلاحٌ ذو حدَّين ، فلَه الكثيرُ من الجوانبِ الإيجابيةِ، كذلك العديدُ من الجوانبِ السلبية ، وأيّدَه الحديثَ الشابُّ “عمر زين الدين” الذي يعدُّ الفيس بوك مضيَعةً للوقتِ والجهدِ البشريّ الذي من الممكنِ الاستفادةُ منه في مواضعَ أخرى أحقَّ بها ، بدلاً من إهدارِ الوقتِ بقضائه بالضغطِ على زر “رفريش ” F5 ، إضافةً إلى أحاديثِ الشبابِ مع الفتياتِ؛ الذي يجري بسهولةٍ، والذي لا يوافقُ الشرعَ ولا التقاليدَ ، وقد تبدّلتْ القاعدةُ التي كانت تقول “نظرةٌ ، فابتسامةٌ، فموعدٌ فلقاء..” إلى ” إضافــةِ “فلايك، فكمنت، فشير، فشات، فايفنت ، زواج”.
لذا على الجميعِ أنْ يتيقنَ أنّ كلَّ أمرٍ يزيدُ عن حدِّه؛ سينقلبُ ضدَّه ، وبالتالي يحتاجُ كلُّ فردٍ في المجتمعِ أنْ يقفَ لحظةً مع نفسِه ، هل يوظِّفُ طاقاتِه وقدراتِه وأوقاتِه في المكانِ والطريقِ السليم ؟ فالوقتُ نعمةٌ من اللهِ، سيُسألُ العبدُ عنها يومَ القيامةِ فيمَ أفناها؟؟