كراجُ الفنِّ .. أول مجلة مصورة تجمع ابداعات المصورين

تقرير: محمد قاعود
عشِقَ الكاميرا كعشقِه للوطنِ، فأصبحتْ رفيقتَه في حِلِّه وتَرحالِه، ليجمعَ بها من الحياةِ صوَراً تحكي حكايةَ وطنِه ، وأرادَ للحُبِّ أنْ يُزهرَ ربيعُه؛ ليغمرَ قلوبَ الجميعِ فيُنعِشُها الأملُ والعمـلُ ، فقرّرَ أنْ يجمعَ إبداعَ رفاقِه في الدربِ بينَ طيّاتِ مجلةِ “كراج الفن ” تحملُ قضيةَ الوطنِ ورسالةَ الفنِّ بأبهَى حُلّةٍ .
مجلةُ “كراج الفن” هي عبارةٌ عن مجلةٍ جمعتْ في طيّاتِها إبداعاتٍ مختلفةً؛ لشبابٍ سلَكوا خندقَ التميُّزِ والإبداعِ في مجالِ التصويرِ ، وتحتوي على صوَرٍ مميّزةٍ ورسائلَ معبّرةٍ؛ وتَجمعُ العديدَ من المصوِّرينَ الفلسطينيينَ؛ ليوصِلوا رسالةَ القضيةِ الفلسطينيةِ على طريقتِهم الخاصةِ .
كراجُ الفنِّ … ارتقاءٌ بالذاتِ
يقولُ “محمود الحاج” مُنفِّذُ مجلةِ “كراج الفن” في لقاءٍ مع الثريا: ” إنّ الكراجَ بمفهومِه العام؛ هو مكانٌ لتصليحِ الأشياءِ، ومن هنا جاءتْ كلمةُ “كراج” فهي تحملُ في مضمونِها رسالةً للفنانينَ للارتقاءِ، وتصليحِ ذواتِهم، والعملِ على تنميةِ مهاراتِهم من خلالِ المشارَكةِ مع الآخَرين.
ويضيفُ “الحاج” بأنّ الفكرةَ داهَمتْهُ ،عندما أنهى دراسةَ مادةِ الإعلامِ الفلسطينيّ في الجامعةِ ، ولم يلحظْ أيَّ وجودٍ لمجلةٍ متخصّصةٍ في مجالِ التصويرِ؛ تصدُرُ في فلسطينَ، فعملَ على إنضاجِ فكرتِه بإنشاءِ مجلةٍ مختصّةٍ بالتصويرِ، ومن ثَمَّ طرَحَها على جمعيةِ الثقافةِ والفنِّ الحُرِّ ، التي بدورِها رحّبتْ بالمبادرةِ، ونالتْ إعجابَها، ووافقتْ على تمويلِها .
وعن مضمونِ المجلةِ يقولُ الحاج : ” تحتوي على صوَرٍ مُنتقاةٍ ورائعةٍ ، بالإضافةِ إلى تعليقٍ أدَبيٍّ عليها؛ لبعضِ الشعراءِ الفلسطينيينَ القدامَى: (كمحمود درويش ، وسميح قاسم) تعبِّرُ عن فحوَى الصورةِ بالتلميحِ ، دونَ شرْحٍ للصورةِ؛ كي يُفتحَ المجالُ للقارئِ أنْ يفسِّرَها بمعانٍ كثيرةٍ، وعدمِ حصرِها في ما يُكتبُ بالتعليقِ ، وسنستقبلُ في الأعدادِ القادمةِ كتاباتٍ أدبيةً للشبابِ؛ ليتِمَّ نشرُها برفقةِ الصوَرِ “
أمّا المعوِّقاتُ التي واجهتْ المجلةَ أثناءَ التنفيذِ؛ فيوضّحُ “الحاج” بأنه قد واجَه الكثيرَ من السُّخريةِ من قِبَلِ الشبابِ؛ عند طرْحِه الفكرةَ لأولِ مرّةٍ؛ لعدمِ وجودِ ثِقةٍ لدَى المصوِّرينَ في طريقةِ نشْرِ الصورِ،كذلك عدمُ وجودِ التمويلِ اللازمِ لاستمراريةِ صدورِ المجلةِ .
و لكنْ بدعمِ الأهلِ والأصحابِ، وجمعيةِ الثقافةِ والفِكرِ الحُرِّ؛ أكملَ “الحاج” المشوارَ، وأصدرَ العددَ الأولَ، ولاقَي القَبولَ من الجميعِ .
كراجُ الفنِّ … تجرِِبةٌ فريدةٌ
المصوِّرُ “سليمان حجي” أحدُ المشاركينَ في المجلةِ؛ يُبيِّنُ أنّ مشاركتَه جاءتْ عبرَ التواصلِ معه على موقعِ “الفيس بوك” ويضيفُ : ” إنّ الفكرةَ منذُ بدايةِ الأمرِ؛ قد نالتْ إعجابي بشكلٍ كبيرٍ ، كونَها أولَ مجلةٍ نوعيةٍ في غزةَ؛ تهتمُّ بجانبِ التصويرِ فقط ، ففي البدايةِ كانت هناك تخوفاتٌ عند بعضِ المصوِّرينَ من المغامرةِ بهذهِ التجرِبةِ، وعن حقوقِهم المحفوظةِ للصوَرِ ، إلاّ أنّ هذه المخاوفَ تلاشتْ عند أولِ إصدارٍ للمجلةِ، ويقيناً منهم أنها تحاولُ إيصالَ رسالتِهم بالشكلِ الصحيحِ، وبطريقةٍ راقيةٍ .
وعن مشاركتِه يقولُ حجي : ” شاركتُ لأنقُلَ ما عندي من أفكارٍ في التصويرِ، ولخَلقِ أجواءٍ إيجابيةٍ من التعاونِ ، وخاصةً أنها تجمعُ أطيافَ الشعبِ الفلسطينيِّ من الشتاتِ والداخلِ المُحتلِّ، بالإضافةِ إلي الضفةِ وقطاعِ غزةَ في كراجٍ فنيٍّ واحدٍ؛ ليُشكِّلَ نقطةً للانطلاقِ بإبداعاتِهم ” .
دَعْ عينيكَ ترى ما لا يراهُ الآخَرونَ..
“محمد البابا” رئيسُ لجنةِ اختيارِ الصوَرِ؛ أَثنَى على المبادرةِ الشبابيةِ؛ التي جاءتْ ضِمنَ تطويرِ الخيالِ والإبداعِ، ووضّحَ كيفيةَ اختيارِ الصوَرِ قائلاً :” توجدُ بعضُ الأساسياتِ ؛التي يتِمُّ اختيارُ الصورِ بناءً على توافُرِها فيها وهي : (المكوِّناتُ والعناصرُ التي تضمنُها الصورةُ ، ثُم ما الهدفُ المُرادُ إيصالُه للقارئ؟ بالإضافةِ إلى العواملِ الفنيةِ المتعلقةِ بالإضاءةِ؛ وخاصةً أنّ الصوَرَ هي لغةُ الضوءِ ، بالإضافةِ إلى الزاويةِ التي تمَّ التقاطُ الصورةِ منها )
ويبيّنُ “البابا “بأنّ أكثرَ الصوَرِ التي تجذِبُه؛ هي الصورُ التي تعكسُ وجودَ الحياةِ؛ مِثلَ الأطفالِ وجمالِ الطبيعةِ والغروبِ ومعاناةِ الإنسانِ في البحثِ عن الرزقِ، موَجِّهاً رسالتَه إلى الشبابِ الفلسطينيّ المصوِّرِ بأنْ( دَعْ عينيكَ ترى ما لا يراهُ الآخَرون )، مبيّناً أنّ قوةَ المصوِّرِ تكمُنُ بوقوفِه على الشيءِ المعتادِ، ولكنْ بزاويةٍ أُخرى .
وفي ظِلِّ الثورةِ التكنولوجيةِ ، يبقَى الشابُّ الفلسطينيُّ أُنموذَجاً للنجاحِ والإبداعِ ، يخوضُ كافّةَ
السُّبلِ والمجالاتِ؛ إيماناً منه بأنّ القضيةَ وحُبَّ الوطنِ؛ هما الطريقُ الأوحدُ للنجاحِ ، وأنّ على عاتقِه يقعُ الكثيرُ لإيصالِ قضيتِه عبْرَ طرُقِه المختلفةِ .