موسى:الفرحةُ لا تسعُني والمستقبلُ أجمل

تقرير-عبد الرحمن الشيخ
منذ سنينَ عجاف يعيش هو وزوجتُه وأطفاله الأربعةُ حياة تفتقرُ إلى أدنى مقوّماتها، في غرفةٍ ومطبخ وحمّامٍ يصِحُّ تجاوُزاً تسميتُه منزلاً، وما زاد الطينَ بِلَّةً الحصارُ الظالم على أهلنا في القطاع، وممارساتُ الاحتلالِ الصهيوني من اعتداءاتٍ متكررة وتدميرٍ للمتلكاتِ والأرواح.
المواطن خ.موسى يقول:”لقد تزوجتُ منذ إحدَى عشرةَ سنةً في غرفة، وبعد حصولي على الذريةِ؛ زادتْ حالتي سوءاً، حيث إنّ مكانَ تربية الدواجنِ إذا قارنتَه ببيتي؛ بالتأكيد بيتي لن يكونَ الأفضلَ، فالمكان ضيقٌ، ويفتقرُ إلى الشروطِ الصحية، وأبنائي يعانون من مرضٍ مُزمن في الدم؛ يُسمّى بفقرِ الدم ِالشديد “الأنيميا” ويحتاجون إلى نقلِ وحداتِ دمٍ بشكل دوري”.
ويضيف موسى:”حصلتُ على تقرير طبي من مستشفى الدرة، بما يعانيه أطفالي، وتوجّهتُ إلى وزارة الشئون الاجتماعية، ظناً مني بأنّ الوزارة ربما تساعدُني ،وكنتُ حينها أطالبُ “بزينجو” جديد بدَلاً من القديم”.
بداية متفائلة
ويستطرد قائلاً:”ذهبتُ للباحث في مديرية الشئون بغزة، وقد لاقيتُ منه ترحاباً وتعاوناً، فبعد أنْ أسمعتُه قصتي؛ جاء على الفور ليُعاينَ بنفسه صعوبةَ الوضع الذي أعيشُ، والمكانِ الذي أسكنُ فيه، والذي لم يكنْ ينفعُ شتاءً ولا صيفاً، وكذلك تضرَّرتُ بشكلٍ كبير جراءَ القصف والعدوانِ الذي استهدفَ عدة مناطقَ قريبة جداً مِنا”.
الباحثُ “حازم الرملاوي” يعمل في مديرية غزة ،تابعَ حالة المواطن موسى يقول:”جاءني ومعه تقريرٌ يثبتُ بأنَّ بعضاً من أطفاله يعاني من فقرٍ شديد في الدم، فقمتُ بواجبي من بحثٍ ميداني، ففوجئتُ بوضعهِ الاجتماعي السيء للغاية، فوجدتُ أنه يعيش في غرفةٍ واحدة، والحمّام ُوالمطبخ في مكان واحد ،وحجمُهما أصغرُ مما تتخيل،فكان أمراً فظيعاً للغايةً”.
ويضيف:”البيتُ كانت حالته صعبةً جداً،ويفتقر إلى التهويةِ الصحية،فطلب موسى ترميمَ بيته،وقد كانت الوزارةُ تدرسُ آنَ ذاك مشروعَ ترميم بيوتِ الأسرِ الفقيرةفي قطاع غزة بشكل رسمي، وتخطو خطواتِها نحو مشروعٍ كبير ومتكاملٍ في كافة المحافظات،وبعد ذلك جاءت لجنةٌ من الوزارة اطّلعتْ على البيت ،وقررتْ أنْ يُدرجَ ضمنَ البيوت التي سيتمُّ ترميمُها بل ليكونَ الأول”.
الحُلمُ أضحى حقيقة
وبالفعل تحققتْ أمنية “موسى” حين شرعتْ وزارة الشئونِ الاجتماعية بالتعاونِ مع شركائها ،وهم “جمعيةُ السلام التركية، وجمعية المجمع الإسلامي” ببناءِ وترميم بيته،واستمر العملُ على قدَمٍ وساقٍ لمدة شهرٍ كامل، بتضافُر الجهود في وزارةِ الشئون من خلال التعاونِ بين الإدارةِ العامة للحمايةِ الاجتماعيةِ والإدارة العامةِ للتنميةِ والتخطيطِ، وكذلك بين الوزارةِ والمؤسساتِ الشريكةِ المذكورة.
وفي يوم الأربعاء 27-3-2013م وزارةُ الشئون الاجتماعية تفخرُ بأنها حققتْ أمنيةً لمواطن فقير،حيث احتفلتْ هي “والسلامُ التركية، والمجمع الإسلامي” بإنهاء عملياتِ البناء من مرحلةِ التأسيس وحتى مفتاحِ البيت الذي أضيفَ إليه غرفةٌ جديدة أوسعُ، ومطبخٌ وحمّام كبيران، وصالون واسعٌ، بما يحقق لأسرةِ المواطن “موسى” حياةً أفضل، أكثرَ استقراراً وسعادة.
تسلُّمه مفتاح البيت
وحضر حفلَ الافتتاحِ ممثلاً عن الوزارة وكيلُها المساعد مفوضَ الوزير “عمر الدربي” والوكيلُ المساعد “مصطفى الصواف” وعددٌ كبير من المُدراء العامين والشخصياتِ الاعتبارية، وممثلاً عن جمعية السلامِ التركية مديرها بغزة” د.ناصر السعدي”وممثلاً عن جمعية المجمع الإسلامي “أ.هاني خزيق” رئيس الجمعية، وسط تغطيةٍ إعلامية واسعةٍ وحضورٍ متميزٍ للمكتب الإعلاميّ الحكوميَ ووكالة الرأي الإعلامية.
بدوره قال الوكيلُ المساعد “عمر الدربي” إنّ وزارته جاءت اليومَ لتتوِّجَ مشروع تحسين بيوت الفقراء بافتتاحها وإنجازها للبيت الأول، بالتعاون مع المؤسسات المساهمة قائلاً:”السلام التركية ساهمتْ بمبلغ 2300$،ونحن ساهمنا ب4000$،والمجمع الإسلامي ساهم ب2000$،وإنّ إجمالي تكلفةِ المشروعِ من عمال وخلافِه بلغ 10000$”.
وأهابَ “الدربي” بالمؤسسات الأهليةِ التي شاهدتْ هذا الإنجاز ؛بأنْ تمدَّ يدَها وتشاركَ في هذا المشروع الوطني الكبير قائلاً:”هذا باكورةُ أعمالِنا لأسرةٍ مكوَّنة من ثمانيةِ أفراد، وكانت تعيش في غرفةٍ واحدة،استطعنا بناءَ حجرة أخرى إضافية، وحمّام ومطبخٍ بمواصفاتٍ جيدة، وإننا نبارك لها استلام َبيتها الجديدِ، وأنّ المشروع مستمرٌ ليشملَ بيوتاً أخرى، نطمح أنْ يفوقَ عددُها العشرين بيتاً في المرحلةِ الأولى”.
الآليةُ المتَّبعة
وأشار “الدربي” إلى أنّ الآلية التي تتبعها الوزارة في مشروع تحسين بيوت الفقراء؛ تتمثل في ترشيح الأسرة من خلال المديريةِ التي يتبعُ لها المواطن من قِبل الباحث المسئولِ عنه،ومن ثم يتم ُّالإيعازُ للقسم الهندسي، والذي يشمل مهندسين ذوي خبرة،حيث يجري زيارة لمعرفةِ الاحتياجات اللازمة والتكاليف،ومن ثم يتمُّ توفيرُ المواد اللازمة،وبالتعاون مع وزارة العملِ وفَّرنا الأيدي العاملةَ عبر فرصة التشغيلِ المؤقت.
ووجّه شكره الجزيلَ لكل من ساهمَ في هذا المشروع الوطني الكبير؛ من جهات حكومية متمثلة بالوزارة ووزارة العمل،ومؤسسات شريكةٍ ممثلة بجمعية السلام التركية، وجمعية المجمع الإسلامية، وكذلك الهيئة العربية الدولية لإعمار غزة.
المؤسساتُ الشريكة
من جانبه عبّر مدير جمعية السلام التركية “د.ناصر السعدي” عن سعادته الغامرة بهذا المشروع قائلاً:”قُمنا بتشييد المشروع بالتعاون مع الشئون الاجتماعية والمؤسسات الأخرى،فهذا المشروع مُهمٌّ لتحقيق الأمن الاجتماعي والاستقرار الأسري،فالبيتُ هو الوطن الصغير الذي إذا استقر، وتحققتْ فيه السكينة والطمأنينة؛ تحقق الأمنُ في سائر المجتمع،فالإنسان إذا لم يتوفرْ له بيتٌ يشعر فيه بالراحة، فإنه سيعاني من مشاكل اجتماعيةٍ ونفسيةٍ؛ تلقي بظلالِها المُعتمة على سائرِ المجتمع”.
وأضاف:”رأينا السرورَ يرتسم ُعلى وجوه أسرةِ المواطن “خ.موسى”، ونطمح أنْ نرسم َمزيداً من الابتسامات على وجوهِ أسرٍ أخرى تنتظرُنا بفارغ الصبر، فهيا بنا بِهمّة عاليةٍ لنشاركَ جميعنا بلا استثناء في هذا المشروعِ الذي يعمُّ خيره وفضلُه على كل المجتمعِ، وكل الأسرِ الفقيرةِ والمهمّشة في قطاع غزة”.
من ناحيته قال رئيسُ جمعية المجمعِ الإسلامي “هاني خزيق” خلال كلمته:”نسألُ الله تعالى أنْ يجزيَ إخواننا في الحكومة الفلسطينيةِ، ووزارة الشئونِ الاجتماعية، والمؤسسات الداعمةِ كلَّ الخير على هذه الجهود الطيبةِ؛ التي من خلالها نوسِّع على الناس ،ونحققُ لها الاستقرار”، مضيفا: نسأل الله أنْ تهنأ هذه الأسرةُ الصابرة بما أعطاها اللهُ ورزقها”.
يذكر ُأنّ المجمعَ الإسلامي قدّم عفشَ البيت الجديد “لموسى” كمفاجأةٍ خلال حفل الافتتاح، حيث إنّ الأخيرَ لم يكن يعلمُ بالأمر مسبقاً،وذلك حرصاً على إدخالِ الفرحة والسرورِ على قلبه.
وبعيون تملأها دموعُ السعادة ؛عبّر المواطن “موسى” عن سعادته وشكره لله تعالى أولاً ،ثم لكل من له سهم في المشروع، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله:”أشكرُ الله تعالى على ما رزقني وأسرتي،كما وأتوجَّه بالشكر والعرفانِ لوزارة الشئونِ الاجتماعية ،وكلِّ من له يدٌ وساهمَ في هذا المشروع “.
التنمية والتخطيط والحماية الاجتماعية
ومن الجدير ذكره في هذا المقام ؛الدور الكبير الذي لعبته الإدارة العامة للتنمية والتخطيط بوزارة الشئون الاجتماعية، والتي جعلتْ مشروع تحسين البيوت من سلم أولوياتها، خلال خطة التنمية للعام 2013م،فقد أشاد “م.إسماعيل أحمد” الذي يعمل مهندساً مدنياً مشرفاً على عمليات البناء والترميم بدائرة المشاريع، والدور الإيجابي والبناء الذي قامت به ومازالت،عِلاوةً على المشاركة الرائدة من قِبل الإدارة العامةِ للتدريب المهني بوزارةِ العمل، ومراكز التدريب المهني ،وكافة العاملين والفنيين بمواقع التدريب،وبيّن “أحمد” أنّ الحالات التي يتمُّ ترميم ُبيوتها؛ تخضعُ لدراسة هندسية شاملةٍ، وتحديدِ احتياجاتها بشكلٍ دقيق.
ولا يخفى أبداً الدور الجوهري للحماية الاجتماعية، ممثلةً بمديرها العام “رياض البيطار “الذي أكّد على أنّ المشروع يأتي ضمن حزمةِ مشاريعَ تقدِّمُها الوزارة للأسرِ الفقيرة سعياً نحو التخفيفِ من حدّة الفقر والمعاناةِ بأسلوبٍ فِعليّ واقعيّ ملموس.
وأضاف “البيطار” أنّ هذا المشروعَ ليس إلا البدايةً مؤكداً على وجود العديدِ من المشاريع ضمنَ الخُطط ِالتي أعدَّتها الوزارة، تهدفُ إلى التخفيف من الفقرِ ومحاربتِه بوسائلَ فعّالة،داعياً كافة المؤسساتِ أنْ لا تتردّدَ أبداً في تقديم الدعمِ والمساندةِ لوزارة الشئونِ الاجتماعيةِ؛ في سبيل تحقيقِ التنمية الشاملةِ للمجتمعِ الفلسطيني.