دين ودنيا

الحكمة من الابتلاء

إعداد: محمود هنية

د. ماهر أحمد السوسي أستاذ الفقه المقارن – كلية الشريعة والقانون – الجامعة الإسلامية

ما الحكمة من الابتلاء؟
الابتلاء إما امتحان من الله للعبد واختبار له، وإما تكفير ذنوب، وما ينطبق على الفرد ينطبق على المجتمع بشكل عام؛ بمعنى أنه كما يُبتلى الأفراد، تبتلى المجتمعات أيضاً.
والحكمة من كون الابتلاء هو امتحان واختبار؛ هي تمحيص العباد، والتمييز بين المطيع لله تعالى، ومن يعصاه، وفي ذلك يقول الله عز وجل: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)، أي لقد فرضنا عليكم الجهاد، حتى نعلم من يطيع الله فيجاهد، ومن يعصاه فيمتنع عن أداء هذا الفرض.
وكذلك قول الله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ)، أي لن تدخلوا الجنة حتى تبتلوا بالسراء والضراء، ويرى الله هل تصبرون على ذلك فتدخلون الجنة، أم لا تصبروا فتكونوا من أهل النار.
وكذلك فالابتلاء رحمة الله تعالى، فهو يزيد في حسنات العباد، حيث جاء في الحديث عن السيدة عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْ مَرَضٍ أَوْ وَجَعٍ يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ إِلَّا كَانَ كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا أَوِ النَّكْبَةِ يُنْكَبُهَا”.

وما رواه أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ مِنْ خَطَايَاهُ”، ومثل هذا كثير في القرآن والسنة، وكله يدل على أن الابتلاء هو تكفير لذنوب الإنسان، أو زيادة له في الأجر، والله تعالى أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى