غير مصنف

الوفاء بن الزوجين حفظ للعهود وطريق للسعادة في الدارين

تقرير : محمد قاعود

الوفاء بين الزوجين خلق تستقيم به الحياة، يجدد المشاعر ويؤلف بين القلوب المتحابة التي جمع بينها رباط غليظ مقدس، يحمي الحياة الاسرية ويزين استقرارها، به تسعد الأنفس و تتجل في ابهى صورها بعيدا عن أنانية الذات والهوى وقد تجلى الوفاء في اروع صوره في حياة خير البشر قدوتنا صلى الله عليه و سلم، كذا الصحابة والتابعين، في التقرير التالي نتحدث عن صورة صحابية جليلة مثلت أروع نماذج الوفاء مع زوجها ليسكبا آخرتهما ودنياهما.

“الوفاء صفة رائعة تترجم بالسلوك”، بذلك بادرتنا سهيلة الرملاوي (45 عاما) مضيفة :”وأرى في حياة رسولنا وفاء لا مثيل له في سلوكه مع زوجاته وحتى مع اصدقائه وهو خير قدوة لنا في حياتنا”.

وتؤكد المدرسة أنوار سلامة أن الوفاء يجب أن يُترجم كما سابقتها و ترى أن الحياة مليئة بنماذج مشرقة من الوفاء خصوصا في النساء الفلسطينيات اللاتي لهن خصوصيتهم في التعامل مع تفاصيل الحياة حيث يؤس الزوج أو يستشهد وتعيش على الوفاء لذكراه وتتحمل اعباء الحياة الثقيلة بمفردها بوفاء لا يضاهيه وفاء.

ولنا في حياة الصحابة نماذج رائعة في الوفاء والاخلاص حيث يبعث لنا د. ماهر السوسي نموذج وفاء لا يتكرر،  لامرأةٌ أخلصتْ لزوجها، فأنقذتْه من النار بعد أن هداها الله إليه، وهي صحابية جليلة وقفتْ – انطلاقًا من حبها لزوجها – موقفًا قويًّا في ساعة امتحان صعب، فاندفعتْ بعد إسلامها مباشرة تحاول إنقاذ زوجها، الذي كان – كما كانتْ هي – من ألدِّ أعداء الإسلام، فلما هداها الله وأسلمتْ يوم الفتح الأعظم، أبتْ إلا أن يشاركها زوجُها الإسلام كما شاركها الجاهلية، والعملَ للإسلام كما شاركها العمل ضد الإسلام!

يعرفنا عليها د. ماهر السوسي بالقول :”هي الصحابية (أمُّ حكيم بنت الحارث بن هشام) القرشية المخزومية، عندما انتهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من البيعة، وقفتْ أمامه وقالتْ له بصوت كله رجاء وأمل: “يا رسول الله، إن عكرمةَ زوجي قد هرب منك إلى اليمن، وخاف أن تقتله، فأمِّنه يا رسول الله (أي: أعطني الأمان له من القتل يا رسول الله)، فقال لها النبي الكريم الرحيم -صلى الله عليه وسلم-: ((هو آمنٌ يا أم حكيم)).

 فكأنه -صلى الله عليه وسلم- بهذا الأمان حرَّك فيها كلَّ ما بينها وبين زوجها من حبٍّ ووفاء؛ فانطلقتْ مسرعة تحاول اللحاق بزوجها قبل أن يفوتَ الوقت ويترك جزيرة العرب.

و يستدرك د. السوسي :” وقد أدركتْ (أم حكيم) زوجها (عكرمة) وقد انتهى إلى ساحل من سواحل تِهَامة؛ حيث ركب البحر، وأوشكت السفينة على الإقلاع، فنادتْه بأعلى صوتٍ في شبه توسل قائلة له: “يا بن عم، جئتُك من عند أوصل الناس، وأبرِّ الناس، وخير الناس، يا بن عم، لا تُهلِك نفسَك (هلاكًا دنيويًّا وأخرويًّا معًا)، يا بن عم، إني قد استأمنتُ لك محمدًا، ولقد كلمتُه فأمَّنك”.

ويضيف أستاذ الشريعة الإسلامية :”كأن كلماتها وقعت بردًا وسلامًا على (عكرمة)، وكأنه كان ينتظرها؛ ولهذا فعندما أدرك (عكرمة) أن ما قالتْه (أم حكيم) إنما هو عهد من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يعرف – كما يعرف الجميع – أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- إن قال وفَّى، وأن إخلاف الوعد في دينه شعبةٌ من شعب النفاق، عندما أدرك (عكرمة) حقيقةَ الصدق في كلام زوجته (أم حكيم) سرعان ما عاد إليها ومعها قافلينِ معًا إلى مكة المكرَّمة؛ ليقابلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليُعلِن (عكرمة) بين يديه إسلامه، وليصبح بعد ذلك – عكرمة بن أبي جهل – من جنودِ الإسلام وقادةِ معاركه الجهادية.

كانت تلك صورة مشرقة اضأناها لكم من حياة الصحابة رضوان الله عليهم لتتجلى معاني الوفاء بين زوجين جعلهم الله سكنا لبعضهما البعض، يتشاركان في السراء والضراء فيحفظان العهود ويمشيان على خطى رسولنا الكريم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى