حكم الجواسيس والعملاء في الشريعة الإسلامية

خاص: الثريا
ماحكم العملاء و الجواسيس فس الشريعة الإسلامية؟
تعددت آراء الفقهاء في هذه المسألة ، وبعد البحث والتتبع لفروعها في كتب الفقه وقفت على أربعة آراء وهم كالتالي :
الرأي الأول : وقد أفتى به مجمع البحوث التابع للأزهر الشريف وهو أن الجاسوس بخيانته يلحق الضرر بجماعة المسلمين ويطبق عليه حد الحرابة لأن التجسس على المسلمين لصالح أعدائهم عمل يعرض مصالح بلادهم للضرر، وهو نوع من السعي بالفساد وقد نزلت الآية الكريمة في عقاب من يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا وهى قوله تعالى في سورة المائدة: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة 33
الرأي الثاني : وقد قال به الشيخ يوسف القرضاوي هؤلاء حكمهم حكم اليهود المحتلين،لأن ولاءهم لهم، وعونهم لهم، والله تعالى يقول: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) المائدة: 51.
بل الحق أني أرى هؤلاء أشر من اليهود الغزاة المعتدين، فإن اليهودي عدو واضح معروف، وهذا عدو من جلدتنا، ويتكلم بلساننا، فهو من المنافقين الذين قال الله عنهم: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ) النساء: 145. بل هو أشر من قطاع الطريق الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا.
ويرجع هذا إلى مدى جريمة الجاسوس، ومقدار توغله في خدمة الأعداء ومساندتهم، وماذا ترتب على ذلك من مضار، كأن سهل قتل مسلم أو نحو ذلك.
ومن لم يبلغ هذه الدرجة عوقب بما يناسبه إذا ثبت عليه. وينبغي التشديد في الإثبات حتى لا يعاقب أحد بغير حق.
كما ينبغي فتح باب التوبة لمن تورط منهم في هذا الجرم، ثم تبين له خطؤه وخطيئته، وأن يشجع على ذلك، فإن باب التوبة مفتوح، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. والله يحب التوابين ويحب المتطهرين. وقد قال تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) البروج:10.
فمن صحا ضميره، وأراد أن يكفر عن ماضيه فباب الجهاد أمامه واسع، عسى الله أن يبدل سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما.
الرأي الثالث : وبه أفتى الشيخ حامد البيتاوي وهو قول الإمام أحمد ومالك – رحمهما الله- فقال : ” الجاسوسية هي نوع من موالاة العدو المحتل وهي جريمة وخيانة عظمى وكبيرة من الكبائر وهي خيانة لله وللرسول وللمؤمنين فهي حرام شرعا، حيث يصدق في العملاء قول الله تعالى “
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي القوم الظالمين ” المائدة : 51 . وقوله ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ” آل عمران : 100، وعليه فهو مرتد عن الإسلام كافر يجب قتله .
الرأي الرابع : أن الجاسوس يقتل تعزيراً وسياسة وإليه ذهب الحنفية والمالكية ، والقاسم وابن الأشهب ، وبعض الشافعية ، وابن عقيل من الحنابلة وابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية والقرطبي ، وابن جرير الطبري وإليك أدلتهم :
أولاً : قوله تعالى : (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
وجه الدلالة :
وإذا كانت الجرائم المسئول عنها لا تدخل في نطاق الحدود بمعناها الشرعي فهي تدخل تحت عقوبة القتل سياسةً في الجرائم التي تمس أمن المجتمع وتهدد مصالح الناس فالجاسوس الذي ينقل أسرار الدولة للأعداء يقتل سياسة ، وذلك لسعيه بالفساد في الأرض .
والملاحظ : أن الفقهاء جميعاً اعتبروا فعل الجاسوس يشبه الحرابة من ناحية أن فعله يسعى به بين الناس بالفساد .
ثانياً: أرسل حاطب بن أبي بلتعة في فتح مكة رسالة إلى أهل مكة يخبرهم فيها بمقدم الجيش المحمدي، واعتذر الرجل بكلام يدل على حسن نيته، وإنه لا يريد الضرر بالمسلمين، قال عمر: يا رسول الله،دعني أضرب عنقه فقد نافق! فقال صلى الله عليه وسلم: ” وما يدريكم أن الله تعالى اطَّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فإني قد غفرت لكم “.
وجه الدلالة :
وقد استنبط العلماء من قصة حاطب ـكما قال ابن القيم ـ جواز قتل الجاسوس، وإن كان مسلما، لأن عمر طلب قتل حاطب، وأجابه الرسول بأن ثمة مانعا من قتله، وهو شهوده بدرا. وفي هذا الجواب تنبيه على مشروعية قتل الجاسوس إذا لم يكن عنده مثل هذا المانع. وعليه لوكان الجاسوس يقتل حدا لما عفا عنه الرسول – صلى الله عليه وسلم – لأن ثمة فرق بين الحد والتعزير فالحد لا يصح في العفو ولا الشفاعة أما التعزير فمن حق الإمام أن يعفو.
وقال ابن القيم: والصحيح أن قتله راجع إلى الإمام، إن رأى في قتله مصلحة للمسلمين قتله، وإن كان استبقاؤه أصلح استبقاه.
ثانياً : قول عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه : تحدث للناس أقضية بقدر ما يحدثون من فجور .
وجه الدلالة :
يشير قوله إلى ضرورة الأخذ بقول جمهور فقهاء المذاهب على نحو ما سبق بيانه من جواز القتل تعزيزاً وسياسةً .
القول الراجح : أرى بعد دراسة المسألة القول الراجح وهو القائل بأن الجاسوس يقتل تعزيراً للأسباب الآتية :
1- لقوة أدلتهم وسلامتها من الرد .
2- اعتبارنا أنه يقتل حداً يتعارض مع فعل الرسول – صلى الله عليه وسلم – بعفوه عن حاطب .
3- فعل الجاسوس له مراتب والإمام في عقوبة الحرابة مخير بين العقوبات فإن وجد أن فعل الجاسوس أوقع أضراراً بالغة في المسلمين فمن حقه أن يقتله وإسناد العقوبة له دليل على المصلحة وتعزير الجاسوس المستحق للقتل مصلحة .
تعددت آراء الفقهاء في هذه المسألة ، وبعد البحث والتتبع لفروعها في كتب الفقه وقفت على أربعة آراء وهم كالتالي :
الرأي الأول : وقد أفتى به مجمع البحوث التابع للأزهر الشريف وهو أن الجاسوس بخيانته يلحق الضرر بجماعة المسلمين ويطبق عليه حد الحرابة لأن التجسس على المسلمين لصالح أعدائهم عمل يعرض مصالح بلادهم للضرر، وهو نوع من السعي بالفساد وقد نزلت الآية الكريمة في عقاب من يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا وهى قوله تعالى في سورة المائدة: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة 33
الرأي الثاني : وقد قال به الشيخ يوسف القرضاوي هؤلاء حكمهم حكم اليهود المحتلين،لأن ولاءهم لهم، وعونهم لهم، والله تعالى يقول: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) المائدة: 51.
بل الحق أني أرى هؤلاء أشر من اليهود الغزاة المعتدين، فإن اليهودي عدو واضح معروف، وهذا عدو من جلدتنا، ويتكلم بلساننا، فهو من المنافقين الذين قال الله عنهم: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ) النساء: 145. بل هو أشر من قطاع الطريق الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا.
ويرجع هذا إلى مدى جريمة الجاسوس، ومقدار توغله في خدمة الأعداء ومساندتهم، وماذا ترتب على ذلك من مضار، كأن سهل قتل مسلم أو نحو ذلك.
ومن لم يبلغ هذه الدرجة عوقب بما يناسبه إذا ثبت عليه. وينبغي التشديد في الإثبات حتى لا يعاقب أحد بغير حق.
كما ينبغي فتح باب التوبة لمن تورط منهم في هذا الجرم، ثم تبين له خطؤه وخطيئته، وأن يشجع على ذلك، فإن باب التوبة مفتوح، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له. والله يحب التوابين ويحب المتطهرين. وقد قال تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) البروج:10.
فمن صحا ضميره، وأراد أن يكفر عن ماضيه فباب الجهاد أمامه واسع، عسى الله أن يبدل سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما.
الرأي الثالث : وبه أفتى الشيخ حامد البيتاوي وهو قول الإمام أحمد ومالك – رحمهما الله- فقال : ” الجاسوسية هي نوع من موالاة العدو المحتل وهي جريمة وخيانة عظمى وكبيرة من الكبائر وهي خيانة لله وللرسول وللمؤمنين فهي حرام شرعا، حيث يصدق في العملاء قول الله تعالى “
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي القوم الظالمين ” المائدة : 51 . وقوله ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ” آل عمران : 100، وعليه فهو مرتد عن الإسلام كافر يجب قتله .
الرأي الرابع : أن الجاسوس يقتل تعزيراً وسياسة وإليه ذهب الحنفية والمالكية ، والقاسم وابن الأشهب ، وبعض الشافعية ، وابن عقيل من الحنابلة وابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية والقرطبي ، وابن جرير الطبري وإليك أدلتهم :
أولاً : قوله تعالى : (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
وجه الدلالة :
وإذا كانت الجرائم المسئول عنها لا تدخل في نطاق الحدود بمعناها الشرعي فهي تدخل تحت عقوبة القتل سياسةً في الجرائم التي تمس أمن المجتمع وتهدد مصالح الناس فالجاسوس الذي ينقل أسرار الدولة للأعداء يقتل سياسة ، وذلك لسعيه بالفساد في الأرض .
والملاحظ : أن الفقهاء جميعاً اعتبروا فعل الجاسوس يشبه الحرابة من ناحية أن فعله يسعى به بين الناس بالفساد .
ثانياً: أرسل حاطب بن أبي بلتعة في فتح مكة رسالة إلى أهل مكة يخبرهم فيها بمقدم الجيش المحمدي، واعتذر الرجل بكلام يدل على حسن نيته، وإنه لا يريد الضرر بالمسلمين، قال عمر: يا رسول الله،دعني أضرب عنقه فقد نافق! فقال صلى الله عليه وسلم: ” وما يدريكم أن الله تعالى اطَّلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فإني قد غفرت لكم “.
وجه الدلالة :
وقد استنبط العلماء من قصة حاطب ـكما قال ابن القيم ـ جواز قتل الجاسوس، وإن كان مسلما، لأن عمر طلب قتل حاطب، وأجابه الرسول بأن ثمة مانعا من قتله، وهو شهوده بدرا. وفي هذا الجواب تنبيه على مشروعية قتل الجاسوس إذا لم يكن عنده مثل هذا المانع. وعليه لوكان الجاسوس يقتل حدا لما عفا عنه الرسول – صلى الله عليه وسلم – لأن ثمة فرق بين الحد والتعزير فالحد لا يصح في العفو ولا الشفاعة أما التعزير فمن حق الإمام أن يعفو.
وقال ابن القيم: والصحيح أن قتله راجع إلى الإمام، إن رأى في قتله مصلحة للمسلمين قتله، وإن كان استبقاؤه أصلح استبقاه.
ثانياً : قول عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه : تحدث للناس أقضية بقدر ما يحدثون من فجور .
وجه الدلالة :
يشير قوله إلى ضرورة الأخذ بقول جمهور فقهاء المذاهب على نحو ما سبق بيانه من جواز القتل تعزيزاً وسياسةً .
القول الراجح : أرى بعد دراسة المسألة القول الراجح وهو القائل بأن الجاسوس يقتل تعزيراً للأسباب الآتية :
1- لقوة أدلتهم وسلامتها من الرد .
2- اعتبارنا أنه يقتل حداً يتعارض مع فعل الرسول – صلى الله عليه وسلم – بعفوه عن حاطب .
3- فعل الجاسوس له مراتب والإمام في عقوبة الحرابة مخير بين العقوبات فإن وجد أن فعل الجاسوس أوقع أضراراً بالغة في المسلمين فمن حقه أن يقتله وإسناد العقوبة له دليل على المصلحة وتعزير الجاسوس المستحق للقتل مصلحة .