طَلَّقَت طوابيرِ البطالةِ ثلاثاً.. مشروع تدوير النفايات الصلبة

تقرير: محمد قاعود
إيماناً منها بأنّ العملَ لم يكنْ يوماً عيباً على صاحبِه مَهما كان، وأنّ غزةَ تستحقُ الأفضلَ؛ رغمَ عظيمِ الصعوباتِ التي تحيطُ بها من كلِّ حدبٍ وصَوبٍ، لم تنتظرْ الانضمامَ إلى طوابيرِ البطالةِ بعدَ تخرُّجِها، والتي تتكدّسُ يوماً بعدَ يومٍ ، فآثَرتْ على المُضيِّ في إنتاجِ ما يمكنُ أنْ يفيدَ البيئةَ والمجتمعَ، إلى أنْ اهتدَى بها السبيلُ إلى تنظيمِ مشروعٍ لتدويرِ النُّفاياتِ الصلبةِ .
المهندسةُ “رنيم مدوخ” خرّيجةُ قِسمِ الهندسةِ البيئيةِ، تقولُ للثريا :” بعدَ تَخرُّجي من الجامعةِ، وتقديمي لمشروعِ التخرُّجِ حولَ تدويرِ النُفاياتِ الصلبة ، شاركتْ به في إحدى المسابقاتِ ، وقد حصلتُ وقتَها على جائزةِ “منير الكالوتي للشبابِ الفلسطيني الريادي” ، والذي تنظِّمُه مؤسسةُ ” تعاون “.
فكّرتْ “مدوخ” بتطبيقِ المشروعِ على أرضِ الواقعِ؛ بعدَ فوزِها بالجائزةِ، من خلالِ جمْعِ النُفاياتِ الصلبةِ التي تشكّلُ ضرراً على البيئةِ ،وتحويلِها إلى شيءٍ ذي قيمةٍ في الحياةِ؛ سواءً كان جمالياً أو مادياً، فتمَّ إنتاجُ العديدِ من قطعِ الأثاثِ المنزليّ، والقطعِ الفنيةِ المستخدَمةِ في الإضاءةِ .
وتضيفُ م. مدوخ :” واصلْنا العملَ لفترةٍ لا تقِلُّ عن أربعةِ أشهُر؛ من أجلِ إنتاجِ هذا العملِ، وذلك بطاقمٍ مكوَّنٍ من أربعةَ عشرَ فرداً، أربعةٌ من الشبابٍ، وعَشرُ فتياتٍ، استطاعَ جميعُهم العملَ من خلالِ التواصلِ عبرَ شبكاتِ التواصلِ الاجتماعي، وانضمامَهم بعدَ الإعلانِ عن حاجتِنا إلى متطوِّعينَ لإنجازِ أعمالِ المشروع ، وقد امتلَكوا الاهتمامَ الواضحَ، والحِسَّ الفنيَّ الكبيرَ”.
استغرابُ الجميعِ
وتضيفُ م. مدوخ :” في بدايةِ الأمرِ واجَهْنا استغراباً من قِبلِ الجميعِ في مرحلةِ جمعِ النُفاياتِ، وتساءلَ الكثيرونَ عن سببِ ذلك، والهدفِ من هذا السلوكِ ، إلاّ أننا نحاولُ عرْضَ جميعِ المنتَجاتِ الخاصةِ بنا عبرَ موقعِ “الفيس بوك” من أجلِ كسرِ حاجزِ النفورِ، كونَها نُفاياتٍ صلبةً”.
وتُبيّنُ م. مدوخ :” تَوَجَّهنا إلى سلطةِ الجودةِ والبيئةِ؛ من أجلِ التعاملِ معنا ، إلا أنّ الاتفاقَ لم يكنْ مُرضياً لنا، فآثرْنا تنفيذَ المشروعِ من قيمةِ الجائزةِ؛ التي تمَّ الحصولُ عليها سابقاً، بقيمةِ 0(5000 )دولارٍ، وأنتجْنا الكثيرَ من المنتَجاتِ؛ منها أثاثٌ منزِليٌّ، ولوحاتٌ فنيةٌ، وأغراضٌ للإضاءةِ “.
وتؤكّدُ المهندسةُ “مدوخ” على مُضيِّ الفريقِ في العمل ، وأنهم لن ينضَموا إلى صفوفِ المُكَدَّسينَ والعاطلينَ عن العملِ، أو الباحثينَ عن الوظائفِ الحكوميةِ ، حيثُ تقولُ:” نحن قادرونَ على صُنعِ ذاتِنا عبرَ أفكارِنا؛ من أجلِ إيصالِ رسالةٍ إلى الجميعِ؛ مَفادُها أننا قادرونَ على جعلِ غزةَ أجملَ وأنقَى بأقلِّ الإمكاناتِ” .
مبادَرةٌ جميلةٌ
أمّا “ريم عوض” الطالبةُ في كليةِ الفنونِ الجميلةِ، وأحدُ أعضاءِ الفريقِ؛ عبَّرتْ عن سعادتِها بالمشروعِ، في ظِلِّ استغلالِ أوقاتِ الفراغِ ، قائلةً:” مبادرةٌ جميلةٌ أنْ يصنعَ الإنسانُ شيئاً يخدِمُ به مجتمَعه دونَ مُقابل” .
تُحدِّثُنا عن انضمامِها للفريقِ فتقولُ:” علِمتُ بالأمرِ عبرَ صفحةِ “الفيس بوك” وقدّمتُ طلباً للتسجيلِ، وبعدَها تمَّ إخباري بقَبولي فيه ، فقد ساهمَ المشروعُ في زيادةِ الخبراتِ وتنميةِ المهاراتِ لديَّ،إلى جانبِ دراستي للتربيةِ الفنيةِ ، وزيادةِ أواصرِ الترابطِ، وزيادةِ المَعارفِ عبرَ جميعِ الأعضاءِ ذَوي التخصُّصاتِ المختلفة “.
مشروعُ تدويرِ النُفاياتِ الصلبةِ؛ واجَه العديدَ من الصعوباتِ، وعن أبرزِها ذَكرتْ منها عوض:”قلّةُ الدعمِ المالي، وعدمُ وجودِ جهاتٍ مانحةٍ له ، إضافةً لاستهجانِ الكثيرِ من المجتمعِ عن جَمعِنا كفتياتٍ للنُفاياتِ الصلبة ! عَدا عن عدمِ وجودِ مكانٍ للعملِ فيهِ بشكلٍ مُستقِرٍّ ودائمٍ ، مُطالِبةً بضرورةِ الانضمامِ إلى هذه المبادراتِ؛ من أجلِ استغلالِ أوقاتِ فراغِهم، نظراً لكثرةِ أعدادِ البطالةِ، وقلّةِ فُرصِ العملِ المتاحةِ في المجتمعِ “.