أسرانا

الأَسرى الفلسطينيونَ أمواتٌ بلا قبورٍ، وآذانٌ صمّاءُ لمُعاناتِهم

تقرير_ إسراء أبوزايدة

لا يزالونَ يرزَحون خلفَ القضبان، يتجرّعونَ ألمَ الهوانِ والاستبدادِ من محتلٍّ آثِمٍ يسلبُهم أدْنى حقوقِهم الآدميةِ، يتجرّعون كأسَ الألمِ والفراقِ بلا مجيبٍ في ظلِّ صمتٍ مُطبِقٍ، أحالَ حياتَهم إلى كابوسٍ لا نهايةَ له.

يفتقرُ الأسرى في سجونِ الاحتلالِ إلى الحدِّ الأدْنى من شروطِ الحياةِ الآدمية، ويتعرّضونَ ليلَ نهارَ لشَتّى أنواعِ  التعذيبِ المُمنهَجِ والمعاملةِ التي تحطُّ من الكرامةِ، بقصدِ التخلّي عن حقوقِهم, ومعاقبتِهم على خطواتِهم الاحتجاجيةِ، رغمَ توقيعِ “قواتِ الاحتلال” على اتفاقيةِ مناهضةِ التعذيبِ في العامِ( 1991 )، لكنهم يَضرِبونَ المواثيقَ والأعرافَ الدوليةَ بعُرضِ الحائطِ، “الثريا” تسلّطُ الضوءَ على الاعتداءاتِ المتكرّرةِ على الأسرى مع ذَوي الاختصاص.

ويهدفُ تعذيبُ المعتقَلين أثناءَ فترةِ قضائهِم لمحكومياتِهم، إلى صَهرِ وَعيِّهم، وكسْرِ مبدأ التضامنِ  بينَهم، والنيلِ من إرادتِهم، ودفعِهم للتخلّي عن حقوقِهم المكفولةِ بموجِبِ القانونِ الدولي.

في لقاءِ “الثريا” مع رئيسِ رابطةِ الأسرى والمحرَّرين “توفيق أبو نعيم” يقولُ :” تَستخدمُ مصلحةُ السجونِ الاعتداءَ على الأسرى أثناءَ مرحلةِ التحقيقِ؛ لانتزاعِ المعلوماتِ منهم،موضّحاً طرُقَ سَحبِ المعلوماتِ من الأسرى للضغطِ عليهم، فعندما يخضعُ السجينُ للفحصِ الطبيّ أثناءَ مرحلةِ التحقيقِ؛ لا يتِمُّ إثباتُ حالةِ الاعتداءِ عليه في التقريرِ الطبي”.

ويضيفُ أبو نعيم :” هذا إضافةً إلى مرحلةِ الاعتداءاتِ الجسديةِ التي تتِمُّ أثناءَ عمليةِ التفتيشِ، والقمعِ والنقلِ” مشيراً إلى أنّ القانونَ يمنعُ الاعتداءَ على الأسيرِ بعدَ إثباتِ التُّهمِ عليه, ولكنْ يتمُّ الاعتداءُ على حقوقِه البشريةِ, كافتعالِ مواجهةٍ, أثناء عمليةِ النقلِ, فيتِمُّ تفعيلُ نظامِ المعاقبةِ الجماعيةِ لهم بالضربِ.

ويستدرك أبو نعيم :” ويبقى الأسيرُ مكبَّلَ اليدينِ والقدمينِ منذُ إبلاغِه بعمليةِ نقلِه, ويستغلُّ السجّانُ عمليةَ التعذيبِ من خلالِ إطالةِ المسافةِ بينَ السِّجنِ والآخَرِ, والسجنِ والمَشفى”.

ويبيّنُ “أبو نعيم” أساليبَ الحرمانِ الأُخرى، والتي تتمثّلُ في:عدمِ إدخالِ الملابسِ الشتويةِ للأَسرى, وحرمانُهم من رؤيةِ عائلاتِهم, بالإضافةِ إلى منعِهم من إلقاءِ النظرةِ الأخيرةِ على موتاهم, ويتمُّ إبقاءُ الأسيرِ في عزلةٍ عن العالمِ الخارجي, من خلالِ حجْبِ المجلاتِ والجرائدِ، باستثناءِ الجريدةِ العبرية, وجريدةِ القدس، بعد انتهاءِ مدّتِها, بالإضافةِ إلى بثِّ الفضائياتِ ذاتِ المحتوَى الفارغ.

ويستعرضُ رئيسُ رابطةِ الأسرى والمُحرَّرينَ أساليبَ حرمانِ الأسرى من العلاجِ، و إجراءِ العملياتِ، كافتعالٍ خلَلٍ ما عندَ وصولِ الأسيرِ إلى غرفةِ العملياتِ في المستشفى، فيتمُّ تأجيلُه لسنواتٍ, هذا عدا عن خضوعِ الأسيرِ لعمليةٍ جراحيةٍ بدونِ (بنج) كما حدثَ مع أسيرٍ، حيثُ تمَّ إجراءُ عمليةِ الجيوبِ الأنفيةِ له بدونِ تخديرٍ،وإخضاعِه للتجارِبِ الطبية”.

ويذكرُ رئيسُ رابطةِ الأسرى والمحرّرينَ؛ أنّ الأشبالَ من الأسرى طفولتُهم لم تشفعْ لهم عند السجّان! فيتمُّ الاعتداءُ عليهم بالضربِ, وبثُّ أفلامٍ إباحيةٍ، وحرمانُهم من أدْنى حقوقِهم, وللأسيراتِ معاناةٌ أخرى؛ حيثُ يخضعنَ للضربِ, بالإضافةِ إلى الاعتداءِ على خصوصياتِهنَّ.

ويلفتُ “أبو نعيم” الانتباهَ إلى أنه تمَّ تشكيلُ “وحدة الكلابِ البوليسية” عام (2004) داخلَ السجونِ؛ لاستخدامِها لترهيبِ الأسرى , وتحرُّشِها بالأسرى، وتمزيقِ أمتعتِهم أثناءَ عمليةِ نقلِهم.

وينوّهُ “أبو نعيم” إلى عدمِ تعاملِ مصلحةِ السجونِ الإسرائيليةِ مع شكاوَى الأسرى, فلا يتمُّ إخضاعُ الشرطي المعتدِي للمَحاكمِ, بل يتمُّ مساءلتُه من قبلِ الشرطةِ المَدنية.

و يذكُر “أبو نعيم” أنّ هناك العديدَ من القضايا؛ رغمَ إثباتِها بالملفاتِ الطبيةِ وكاميراتِ المراقبةِ , إلاّ أنّ مصلحةَ السجونِ لم تُلقِ لها بالاً، وفي المقابلِ أيُّ تجاوُزٍ يتمُّ من قِبلِ الأسرى؛ يتحرّوا عنه بأقصَى درجاتِ الدّقةِ.

ويُعزي “نعيم” عدمَ وجودِ حمايةٍ دوليةٍ لحقوقِ الأسرى؛ إلى التقصيرِ من قِبلِ اللجانِ القانونيةِ الفلسطينية, مطالِباً وزارةَ الأسرى بتقديمِ الملفاتِ الثبوتيةِ للاعتداءاتِ ضدّ مصلحةِ السجون, حتى يتمَّ وضعُ حدٍّ لهذه الانتهاكاتِ.

في سجونِ الاحتلالِ لا يوجدُ إلا عدّةِ كلماتٍ فقط هي: (تعذيب، ترهيب، حرمان، عزل انفرادي، ضرب، تفتيش عاري) وليس هناك من رقيبٍ ولا حسيبٍ لأفعالِهم و تصرُّفاتِهم، فأمريكا هي الحاضنةُ الراعيةُ لهم،  والدولُ العربيةُ منشغلةٌ بربيعِها الذي بات خريفاً، والمنظماتُ الدوليةُ أعينٌ بلا رؤيةٍ؛ حينما يتعلّقُ الأمرُ بمُحاسبةِ قواتِ الاحتلالِ، وقيادةُ السلطةِ لا تزالُ منشغِلةً بتحضيرِ مَشاهدِ مسلسلِ التنازلاتِ الحَصريّ! ولكم اللهُ يا أسرانا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى