أسرى محرَّرون: تحرير الأسرى لن يكونَ إلاّ بوفاءِ أحرارٍ جديدةٍ

تقرير_ إسراء سعيد أبو زايدة
دخلَ الوضعُ الفلسطيني والإسرائيلي مرحلةً جديدةً من التصعيدِ؛ بعدَ الوصولِ إلى جثثِ المستوطنينَ المُجنَّدينَ الثلاثةِ، في منطقةِ الخليلِ في الضفةِ الغربيةِ المحتلّة، مساءَ الثاني عشر من حزيران/يونيو الحالي.
وتتميّزُ المرحلةُ بمحاولاتٍ إسرائيليةٍ لتمريرِ أجندَتِها غيرِ ذاتِ الصلةِ بعمليةِ الأَسرِ؛ مِثلَ ضرْبِ حركةِ حماس في الضفةِ الغربيةِ، ومنْعِ الوحدةِ الوطنيةِ الفلسطينيةِ .وجاءتْ هذه العمليةُ بعدَ مرورِ خمسينَ يوماً على الإضرابِ عن الطعامِ؛ الذي بدأَه الأسرى الفلسطينيونَ الإداريونَ الذين يَقبعونَ في السجونِ الإسرائيليةِ منذُ سنواتٍ طويلةٍ دونَ محاكَمةٍ، ودونَ توجيهِ لوائحِ اتّهامٍ ضدّهم.
وقد صرّح المسؤولونَ الإسرائيليونَ _مراراً_ أنّ إسرائيلَ لن تُطلقَ سراحَهم، وأنّها ستستمرُّ أيضاً في اعتقالِ المزيدِ من الناشطينَ الفلسطينيينَ اعتقالاً إداريّاً، ودونَ تقديمِهم للمحاكَمةِ, وقد تَوافقَ ذلك مع إقرارِ الكنيستْ الإسرائيلي _في القراءةِ الأولى_ مُقترَحَ قانونٍ يضعُ قيوداً ًصعبةً على الحكومةِ الإسرائيليةِ؛ لِمنْعِها من إطلاقِ سراحِ أسرى فلسطينيينَ، سواءٌ كان ذلك بالمفاوضاتِ مع السلطةِ الفلسطينيةِ، أو في عمليةِ تبادُلِ أسرى.من هذا الموقفِ الإسرائيليِّ المتعنِّتِ؛ استخلصَ الكثيرُ من الفلسطينيينَ أنّه لا يمكنُ تحريرُ أسراهم إلّا بأسْرِ إسرائيليينَ واستبدالِهم بهم.
وفي حوار “”الثريا” مع مديرِ مركزِ “أحرار” لحقوقِ الإنسانِ “فؤاد الخفش” يقول:” نحن قلِقونَ على حالةِ الأسرى, فحالتُهم تتردَّى يوماً بعدَ يوم”.
إهمالٌ طبيٌّ !
وعن وضْعِ الأسرى الصحيّ في سجونِ الاحتلالِ؛ يقولُ الخفش:” الأسرى في المشافي يعانونَ المُرَّ, فهُم مقيدون بالأَسِّرةِ (٢٤) ساعةً!! بالإضافة إلى معاناتهم من الأمراضِ والقسوةِ في المعاملةِ _حتى في ذهابِهم للمراحيضِ ليلاً_ لعدمِ وجودِ عددٍ كافٍ من الحرّاس”.
إضافةً إلى سياسةِ الإهمالِ الطبيّ في المستشفياتِ الإسرائيليةِ تُجاهَ الأسرى , ومساومتِهم على جراحِهم لِفكِّ إضرابِهم”.
ويدعو “الخفش” الجميعَ لِتَحمُّلِ مسئوليتِه تُجاهَ قضيةِ الأسرى، والتكاثفِ والتفاعلِ الفلسطينيّ لنصرتِهم؛ من خلالِ وضْعِ خُطةٍ مشترَكةٍ لجعْلِ قضيةِ الأسرى قضيةً دوليةً , قائلا:”الكُلُّ مُطالَبٌ بالوقوفِ والدفاعِ عن حقوقِ الأسرى”.
ويتابعُ مديرُ مركزِ أحرار:” نحن بحاجةٍ لوَقفةٍ دوليةٍ, وحملاتٍ إعلاميةٍ وحقوقيةٍ, وحِراكٍ شعبيٍّ وجماهيريّ ؛ لاستثمارِ علاقاتِنا, واستقطابِ الرأيِّ العامِّ الدوليّ, بالإضافةِ إلى الدَّورِ المَنوطِ للصليبِ الأحمرِ في دفاعِه عن حقوقِ الأسرى”.
حالةُ استنفارٍ…
وعن رؤيةِ الأسرى المحرَّرينَ لِما يجري من خطفِ ثلاثةِ جنودٍ إسرائيليينَ، لاسيّما وأنها جاءتْ في وقتٍ إضرابِ الأسرى داخلَ سجونِ الاحتلالِ, يقولُ الأسيرُ المحرَّرُ أحمد الفليت:” خطْفُ الجنودِ يرفعُ معنوياتِ الأسرى بشكلٍ عامٍّ، والمضربينَ منهم بشكلٍ خاصٍّ, فهو يُشعِرُهم أنّ هناك رجالاً تدفعُ الغالي و النفيسَ؛ لينالَ الأسرى حُريتَهم ، بل يُشعِرُهم أنهم ليسوا مَنسيِّينّ، وترخَصُ لهم الأرواحُ”.
ويشيرُ “الفليت” إلى أنّ العالمَ الظالمَ لم يأبَهْ لمعاناةِ الأسرى بشكلٍ عام!! , ولا لإضرابِهم الأسطوريِّ، منذُ مساءِ الثاني عشر من حزيران/يونيو الحالي.وفي المقابلِ تقومُ الدنيا ولا تَقعدُ, وحالةٌ من الاستنفارِ القصوَى خلالَ ساعاتٍ معدودةٍ من اختفاءِ الجنودِ الإسرائيليينَ!! إضافةً إلى صدورِ بيانٍ للخارجيةِ الأمريكيةِ؛ يشجُبُ ويستنكرُ عمليةَ الأَسرِ! فالكيانُ الصهيونيّ يستندُ إلى لغةِ القوةِ، ولا يفهمُ المناشدةَ والاستجداءَ !
وفرحةُ الأسرى لحظةَ الإعلانِ عن فقدِ الجنودِ الثلاثةِ؛ تؤكّدُ أنهم لا يُعوِّلوا إلاّ على المقاومةِ لفكِّ قيدِهم؛ ﻷنهم يَعلمون جيداً أنّ تحريرَهم؛ لن يكونَ إلاّ بوفاءِ أحرارٍ جديدةٍ”.
ويتطرّقُ “الفليت” إلى دورِ اتفاقيةِ “أوسلو” والسلطةِ الفلسطينيةِ في خذلانِ قضيةِ الأسرى, التي تركتْهم لمُدةِ “رُبعِ قرنِ” في السجونِ!! ولم يَخرُجْ حتى أسيرٌ من “فتح” إلاّ في عمليةِ التبادلِ, فأملُ الأسرى بعمليةِ أَسْرٍ جديدةٍ مِثلَ وفاءِِ الأحرارِ .
تخبُطٌ صهيونيٌّ
وعن حالةِ التخبُطِ الصهيونيّ؛ بعدَ اكتشافِ جُثثِ المستوطنينَ، يوضّح الفليت:” بدأتْ منذُ اللحظةِ الأولى لفقدانِ الجنودِ, وستزيدُ في الأيامِ المقبِلةِ, ولا نستبعدُ أيَّ “سيناريو” من حصارٍ وتكثيفٍ للعملياتِ العسكريةِ,والاعتقالاتِ في الضفةِ”, بالإضافةِ إلى إغلاقِ المعابرِ, وهذا يشملُ هجمةً عسكريةً وأمنيةً ودبلوماسيةً على الشعبِ الفلسطينيِّ بأكملِه, ما يتطلّبُ الكثيرَ من الصبرِ من أبناءِ الشعبِ الفلسطينيِّ, مُتابعاً:”أعتقدُ أنّ الأسرى يستحِقّونَ أنْ نتحمَّلَ الكثيرَ لأجلِهم”.