صاروخ أرقد طفلة في العناية المركزة ووالدها يصرخ خدوا من دمي وأنعشوها

بعد ثلاث عمليات رزاعة
إعداد: أنوار هنية
تصوير :هدى فضل نعيم
(أمانة خدوا من دمي و عيشوها ، أمانة ما إلى غيرها)، صرخة دوت في أرجاء مجمع الشفاء الطبي الذي يعاني نقص في الأدوية الطبية والمستلزمات الصحية، صرخة دوت من والد مكلوم على طفلته التي لم تطفئ الشمعة التاسعة من عمرها الطفلة مريم المصري.
ذاق المر آلاف المرات قبل أن يصبح أبا، وأشرقت شمس أيامه بعد ثلاث عمليات زراعة دفع خلالها كل ما يملك وحتى ما لا يملك، سنوات من الحرمان لم يسمع خلالها كلمة بابا، كما لم تسمع زوجته كلمة ماما، تخللها جهد وألم وأموال طائلة لعمليات زراعة متتالية، ومشاعر مترقبة وخجولة تصحبها دعوات من الله أن لا يحرمهم تلك الكلمات من طفل يملأ صراخه بيتهم و تملأ بهجته حياتهم.
أشرقت حياتهم بطفلتهم مريم، هي كل ما يملكون في دنياهم، همس حكاياها ووشوشتها ترن في أذن والدها، صمتها حديث ممتع، وحديثها موسيقى رائعة تنساب في قلوبهم قبل آذانهم، صراخها و لهوها أنشودة حياة لوالديها، براءة نومها لوحة من لوحات الفن التشكيلي الصامت الذي لا يقدر إلا بالملايين أو المليارات من الدولارات بل وأغلى وأقدر وأثمن.
صاروخ صهيوني حلق بتلك الذكريات بعيدا وبتر جمالها وروعتها، وأرقد تلك الشمس المشرقة لوالديها في العناية المركزة بعد إصابتها بشظايا الصاروخ الحاقد، أطفئ نور تلك الملائكية الصغيرة و احالها إلى جسد هامد على سرير في العناية المركزة، غابت ضحكاتها وهمساتها، وسكنت كلماتها إلى حين عودة إذا أذن الله لها البقاء و الشفاء.
لا تزال على ذلك السرير يترنج جسدها المتهالك الذي لم ترحمه شظايا الصاروخ، لا تزال ترقد في المستشفى بين الحياة والموت ووالدها يتضرع إلى الله أن يشفيها لتعود تملأ حياتهم، ترقد ومعها 500 جريح استهدفتهم صواريخ الغدر الصهيوني بلا أدنى إنسانية .
فقط في غزة يستباح الشجر والحجر والبشر، من قبل قوات صهيونية تضرب بالمواثيق الدولية عرض الحائط، وجعلت من المدنيين والاطفال العزل والنساء والشيوخ بنوك أهداف لها، بعد أن أعلنت إفلاسها وسط تحرك دولي وعربي لا يتعدى (الهمس) فيشجب و يستنكر بهمس وعلى استحياء، بلا أي تحرك إنساني وإغاثي عاجل .
لكِ الله يا غزة، تلك البقعة الصغيرة التي لا تتجاوز النقطة على خارطة العالم، ولا تتجاوز مساحتها 360 كم مربع والتي أركعت ما تسمى بـ”إسرائيل” وغيرت موازين القوى ودفعت بالصهاينة إلى الاختباء بالملاجئ وعلمت العالم فنون الجلد و التحدي.