المقاومة الفلسطينية تعيد توازن الرعب وتلقن العدو درسا في فنون الحرب

الثريا: أنوار هنية
لا يزال الاحتلال يواصل جرائمه المتعددة بحق الفلسطينيين، وحكاية أخرى من معاناة الفلسطينيين تتجدد لتعكس صمود لم يعرفه التاريخ البشري قط، ولتعيد المقاومة توازن القوى من جديد وتقول للعدو الصهيوني بلغة القوة والصمود”لا تختبر صبرنا فردنا قاس بقسوة ضرباتكم”، ويبدو أن حرب الفرقان ومعركة حجارة السجيل لم تعلم الصهاينة بما يكفي، فجاءت “العصف المأكول” لتعيد رسم قواعد اللعبة بين محتل غاصب يقتل الحجر و البشر و الشجر و بين مقاوم أعاد للتاريخ الفلسطيني هيبته بعد عقد من المفاوضات التي لم تسمن ولم تغن من جوع، و أبدت فشلها في كل مرة .
فمع ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة، إلى 152 شهيداً منهم 434 طفل، وعشرون من النساء، وثمانية و تسعون من الرجال، ومع إصابة أكثر من 1089 جريح ، ومع تدمير176 منزل تدميرا كليا و 1086 تدميرا جزئيا، إلا أن المقاومة الفلسطينية دخلت العمق الصهيوني و لم يعد هناك مكان واحد آمن لديهم،فجميع مدنهم و قراهم في مرمى نيران المقاومة . و أجبرت الحكومة الصهونية على الاعتراف بتأثير صواريخ المقاومة عليهم بل و التعاطي معها كما أجبرت سبعة ملايين صهيونيا على الاختباء و الدخول في الملاجئ.
ومع نفاذ بنك أهدافها المزعوم يتضح جليا أن المقاومة الفلسطينية انتصرت عليهم في حرب المعلومات،و أضحى المواطنون – العزل و الآمنين في بيوتهم – بنوك أهداف لديهم ، و كذلك المساجد، في دليل واضح على ندرة المعلومات لديهم.
ورغم الترسانة العسكرية و الإعلامية الضخمة التي تمتلكها إسرائيل و الوسائل التكنولوجية الحديثة و المتنوعة التي تستخدمها في عدوانها على قطاع غزة، والتحليق المكثف لطائرات الاستطلاع التي لا تغادر سماء غزة و هي مهمتها رصد جميع التحركات على ثرى غزة، إلا أن المقاومة أفشلت جميع قدراتهم العسكرية و الأمنية و المعلوماتية، بل جعلتهم في موقف لا يحسدون عليه أمام شعبهم وأمام من كانوا ينتظرون منهم إبادة حماس في غزة…فهم يرون الصواريخ تدك عمقهم وترعب جنودهم لكنهم لا يمتلكون أية معلومة عن مكان اطلاقها أو عن مكان المقاومين ..رغم أنهم جندوا لذلك كل ما لديهم من امكانيات و قدرات.
المعلومة الغائبة عن المقاومة لدى الكيان الصهيوني جعله بتخبط و يعيش في دائرة يلتف بها حول نفسه و جعل من النساء و الأطفال المدنيين العزل بنك أهداف له وهو ما يظهر مدى افلاسه .
المراقب و المتابع لما يقوله المحللون الصهاينة يدرك أن هذا العدوان الذي شنه الكيان على قطاع غزة لم يجلب له سوى مزيدا من الخسائر في جنوده و بث الرعب في مدننا التي احتلوها وخسائر فادحة في اقتصادهم بعد ضرب تل الربيع و حيفا و لمن لا يعلم فإن تل الربيع هي العاصمة الاقتصادية والتجارية للكيان. واقتصادها ثاني أفضل واحد في الشرق الأوسط، وهيبقعة سياحية مشهورة لكل من السياح المحليين والزوار من الخارج
و ضرب تل الربيع بصواريخ المقاومة ينسف كل ما سبق و يضرب اقتصادها، وكذلك الأمر بالنسبة لحيفا، ولا يزال الفلسطينيون يعلمون العالم فنون الصبر والمقاومة، وقد تعلم الفلسطينيون الدرس ووعوه جيدا وحولوا الحرب إلى حرب استنزاف وهو ما يخشاه العدو.
ووفقا للنظرية الأمنية الصهيونية فإن هناك ثلاثة محاور تقوم عليها أولها أن تكون الحرب خارج الأراضي التي يحتلونها ويقيمون عليها، والثانية قصر مدة الحرب، والثالثة ضمان التفوق العسكري وبذلك الرد القاسي من المقاومة الفلسطينية يخرق القاعدة الأمنية لهم و يسجل نصرا للمقاومة ومشاهد هروب الصهاينة من جنوب الأراضي الفلسطينية تعيد للمقاومة مظاهر العزة والنصر.
ورغم مواصلة قوات الاحتلال شن غاراتها تجاه قطاع غزة بكثافة، إلا أن المقاومة الفلسطينية تدير المعركة بكل حكمة و ثقة وتعيد مفاهيم الصراع و توازن القوى و ترد كيد الاحتلال إلى نحره، وستبقى إرادة الشعب أقوى من إرادة المحتل.
و استطاعت المقاومة بصناعتها المحلية كسب معركة الوجود التي تخوضها مع المحتل رغم أن العدوان لا يزال مستمر، و استطاعت بجرأتها أن تتحدى اقوى ترسانة عسكرية، و لأول مرة تضرب العمق الصهيوني من خلال قصف تل الربيع و حيفا ، و أوصلت رسائلها للجميع ان المقاومة الفلسطينية عصية على الكسر، وأنها ليس كمثيلاتها بل تعلمت الدروس والعبر واستطاعت أن تعيد توازن القوى .