“حماس” مدرسةُ القَرنِ… تربيةٌ و جهادٌ

بقلم : الكاتب الصحفي أحمد أبو سعدة
هي أكبرُ منّي، لكني ولدتُ قبلَها، أنا جزءٌ منها برغمِ أنها امتلكتْ أركاني، وغرستْ حبَّها في جناني، أبناؤها أربعةٌ أكبرُهم “عِزّ الدين” تَصغرُه الفتاةُ المَصونُ تربيةً وتَوأمُها “مجد” وابنُها المُدلّل، وآخِرُ عنقودِها “إعلام” .
تلك هي حماسٌ، المنظمةُ الإسلاميةُ الفلسطينيةُ العربيةُ ، التي طافتْ الأرضَ عرضاً وطولاً ، تَنثرُ الياسَمينَ، وتغرسُ الحبَّ والسلامَ؛ إلاّ على مَن احتلَّ أرضَها، فهي بركانٌ تلَظَّى، وعبواتٌ تَتشظّى ، صواريخُ تشقُ الفضاءَ إلى أهدافٍ رُصدتْ بأبابيلَ . في البحرِ “كوماندوز” ولَنشاتٌ مفخَّخةٌ؛ تُغرقُ جبروتَ الصهاينةِ بِعَصى الغزيّ العنيدِ ، وفي زِكيم، ذابَ جندُ اللئيمِ جُبناً وقهراً، فكان، وصار، وسيكونُ .
كانت بطولاتٍ نقلتْها لنا كاميراتُهم، جسّدتْ تربيةَ المجاهدِ الحقةَ؛ التي أثمرتْ نصراً مبيناً ، صار كبرياءُ المحتلِّ خوراً وجُبناً غيرَ مسبوقٍ، فرّارونَ ومن خلفِهم الكرّارونَ ، وسيكونُ بحولِ اللهِ عُرسُ الأحرارِ الثاني، ولدَيَّ من الميدانِ شواهدُ، “ناحل عوز، و شجاعية البطولة” والهجومُ من نقطةِ الصفرِ، وصندوقُ رفحَ الأُسود، وما خَفيَ كان أعظمَ .
“حماس” حركةُ تحرُّرٍ وطنيٍّ، وإنْ شِئتَ فَقُلْ هي مدرسةُ القرنِ تربيةً وجهاداً، مضى من عُمرِها( 27) عاماً، عرفتْ طريقَها فركبتْ عبابَ البحرِ، في يمينِها بوصِلةُ ربِّ السماءِ لعبادِه، وفي الأُخرى زنادٌ يصونُ الأرضَ والعِرضَ .
مدرسةُ القرنِ؛ لأنها أسّستْ جيشاً بأقلِّ التكاليفِ، درّبتْ عناصرَها وِفقَ آخِرِ مستجداتِ التدريبِ في المدارسِ العسكريةِ العالميةِ، صنعتْ الصواريخَ محلياً، فوصلتْ إلى ما يربو عن ال200 كيلو متر أو يزيدُ، حفرتْ أنفاقاً هجوميةً؛ وصلَ طولُ أحدِها إلى (2) كيلو متر، تَصدّتْ لأربعةِ ألوِيةٍ عسكريةٍ صهيونيةٍ بقرابةِ (ال2500) جنديٍّ من خيرةِ أبنائها، داستْ على كرامةِ الصهاينةِ من نقطةِ الصفرِ، فضربتْ وأوجعتْ وأسرتْ فأبدعتْ، طوتْ الأمواجَ، وسلكتْ البحرَ الأُجاجَ، برجالٍ صدَقوا ما عاهدوا اللهَ عليه، فكانت أسطورةُ “زيكيم”، والمَقامُ بذِكرِ البطولاتِ يضيقُ، فأيُّ جندٍ أنتم يا أبناءَ حماس .
على صعيدِ التصنيعِ العسكري، فإنّ أُولى إبداعاتِ العقولِ القساميةِ إلى جانبِ القنابلِ اليدويةِ ؛ أنتجتْ بندقيةً أُطلقَ عليها في حينها “#عوزي_حماس” ثم “قاذفُ البنّا” و”البتّار” و”الياسين” … ثُم صاروخُ “القسامِ بأجيالِه الثلاثة” … ليأتيَ بعدَها “صاروخُ المَقادمة 75 ” و”الجعبري 80″ و”سجيل 55″ و”رنتيسي 160 “، ولا ننسَى “الجراد المُحسّن مَحلياً” و”بندقية الغول القنّاصة” وقد تَوجتْ حماس سِجّلَ صناعاتِها العسكريةِ ب”طائراتِ أبابيل بدونِ طيار، بأجيالِها الثلاثة” … في هذا الإطارِ لا أظنُّ أنه من الإنصافِ إنكارُ دورِ الأنظمةِ الحليفةِ التي ساندتْ القضيةَ، بما يمكّنُ لها التصدي للمحتلِّ نِداً بندٍّ ..
وبحسابِ المادةِ والفروقِ القائمةِ بين قوةِ الكيانِ الغاصبِ، ومدرسةِ القرنِ؛ أرى أنه يمكنُنا إقامةُ جدولٍ من الفوارقِ تتمثلُ في :
أولا : عُمر الكيانِ الصهيونيّ حتى هذه اللحظةِ( 66 )عاماً . ثانياً : الكيانُ الصهيوني مؤيّدٌ سياسياً وعسكرياً من كلِّ قوى الشرِّ في العالمِ. ثالثاً : الكيانُ الصهيوني يعدُّ الربيبَ المدلّلَ لأمريكا وروسيا، وكلُّ جديدِ التكنولوجيا العسكريةِ والمَدنيةِ تتوفّرُ لديهِ أولاً بأوّل . رابعاً : المساحةُ التي يحتلُّها الكيانُ من أرضِ فلسطينَ هي الأكبرُ؛ وتشملُ موانئَ طبيعيةً، وجبالاً وهضاباً وسهولا . خامساً : أبوابُ الكيانِ الصهيونيّ مُشرَعةٌ للعالمِ بأسرِه، ولا حدودَ تحدُّهم عن الوصولِ للسحابِ أو لمركزِ الأرضِ .
ماذا عن حماس ؟؟
عمرُها حتى اللحظةِ (27) عاماً، أي أنها في عزِّ شبابِها ، وهي مُحارَبةٌ من كلِّ الأنظمةِ العالميةِ؛ عربيةً كانت أَم أعجميةً . ولحماس عدوٌّ داخلي من بَني الجِلدةِ القذرةِ، اعتنقَ العلمانيةَ دِيناً، كذلك التكنولوجيا العسكريةُ التي تَصلُها متأخرةً نوعاً ما، وبشقِّ الأنفسِ، أمّا عن المالِ… فهي فقيرةٌ إذا ما قورنتْ بنظيراتِها، فالمساحةُ التي تَنشطُ فيها حماس فعلياً؛ لا تتعدّى (ال365 )كيلو متر تقريباً، بلا ميناءَ ولا هضابَ ولا جبالَ، فاختارتْ الأنفاقَ سبيلَها؛ بسببِ الحصارِ الجاثمِ عليها وعلى الشعبِ الفلسطينيّ، فهي محاصَرةٌ منذُ فوزِها في الانتخاباتِ التشريعيةِ عامَ( 2006) من العربِ قبلَ العجمِ .
برغمِ كلِّ هذا؛ حماس باقيةٌ بقاءَ الشمسِ والقمرِ، يغيبُ القائدُ فيخلفُه ألفٌ، استُشهدَ الياسين، فكان الرنتيسي، واستُشهد الجعبري، فكان خلفُه على رأسِ عملِه دونَ أيِّ إرباكٍ يُذكرُ.
فحماس حركةٌ مؤسساتيةٌ، وهي منظمةٌ بحقٍّ ؛ فلم تكنْ يوماً لأبنائها فقط، فقد كانت أُمّاً وما زالت… فقدّمتْ الغذاءَ والكساءَ والمسكنَ من خلالِ جمعياتِها الخيريةِ المنتشرةِ في القطاعِ، وليس انتهاءً بدفعِ ما يقربُ من (32) مليونَ دولارٍ تقريباً؛ لأصحابِ الهدمِ الكُلّي في حربِ العصفِ المأكولِ .
ولعلّك تسألُ عزيزي القارئ عن حماس في الضفةِ الغربيةِ؛ فأُجيبكَ على وجهِ السرعةِ، لأنّ المقامَ يضيقُ، وسأُفردُ له مقالاً خاصاً، حماس في الضفةِ قائمةٌ بحاضنتِها الشعبيةِ، لكنها مُحارَبةٌ من جيشِ الاحتلالِ وشرطتِه الفلسطينيةِ، لذا فذراعُها الضاربُ إمّا شهيداً أو أسيراً أو مطارَداً، وكلمةٌ أخيرةٌ فحماس هي مدرسةُ القرنِ، والسببُ ما أسلفتُ .