تامر المسحال: لماذا نعيب قناة تهتم بقضيتنا وتحكى بصوتنا

حوار: ديانا المغربي
في ذاكرته وطن حر وبنظرات عينيه طموح يتلألأ يشبه تماماً أشعة الشمس التي كانت تتراءى من وراء ستائر مكتبه، في حركة أنامله تفاصيل لأحداث لا تغادر الذاكرة، في لكنة حديثه كلمات لشاب مثقف ومتدين وطموح استطاع أن يجذب الملايين لمتابعته، تربع في قلوبهم كبطل للقصص الإنسانية التي تسرد معاناة شعب يعانى، تتابعه وكأنه جزء من القصة لكنه في الحقيقة صانعها بتواضعه الإنساني ومشاعره المرهفة وحسه الصحفي المرابط عند كل معاناة، عادة ما يمتطي “خوذة” ملتصقة بغزة وقضاياها، منحازة لمصيرها ومعاناة أهلها.
تامر المسحال “أبو كريم” ضيف “السعادة” خفيف الظل، ثقيل المعاني والمحتوى، رجل يعشق مهنته حتى النخاع.
ولد المسحال في مارس1983 في مخيم الشاطئ للاجئين، لكن سرعان ما انتقلت عائلته للعيش في أحد أحياء مدينة غزة.
ويتحدث ضيفنا عن طفولته ودراسته بقوله: “قضيت معظم طفولتي المبكرة في أحداث الانتفاضة الأولى عام 1987، أنهيت الثانوية العامة من مدرسة الموهوبين الخاصة بمعدل 83% على غير ما كنت أتوقع أو توقع عائلتي، دفعتني هذه النتيجة للإصرار على التفوق في الدراسة الجامعية وبالفعل أنهيت البكاريوس بدرجة الامتياز، فقد تخرجت في العام 2004 من قسم الصحافة والأعلام بالجامعة الإسلامية.
ويضيف: “بدأت مشواري الصحفي مبكراً وأنا على مقاعد الدراسة حيث التحقت للتدريب في صحيفة القدس الفلسطينية بعد حصولي على منحة “محمود أبو الزلف للمتميزين” ومن ثم عملت في هيئة الإذاعة البريطانية مع نهايات عام 2001م، واستمر عملي معها حتى العام 2006، ثم سافرت إلى بريطانيا من أجل الحصول على درجة الماجستير في لندن من جامعة ويستمنستر في تخصص الإعلام الدولي وحصلت على درجة الامتياز أيضاً، وعدت للعمل كمنتج أخبار في البي بي سي حتى عام 2008، وفي شهر مارس 2008 ولدت مرة أخرى بانطلاقي للعمل في قناة الجزيرة العربية كمراسل صحفي.
ويتابع: “تربيت في أحضان عائلة متعلمة مهجرة من قرية “الجورة” يعود إليها الفضل في وصولي إلى المستوى المهني الذي أتمتع به الآن، فوالديَّ محاضران في جامعة الأقصى، ولدي شقيقان يعملان في مجال الهندسة والمحاسبة، وشقيقة تدرس تكنولوجيا معلومات. متزوج من السيدة ندى الكحلوت معيدة سابقة بالجامعة الإسلامية ومتفرغة الآن لدراسة الماجستير. لدي طفلاً واحداً أسميته كريم.
كغيرك من الغزيين عشت الحرب على غزة ، لكنك كنت في موقع مغاير بعض الشيء فبماذا تقيِّم تجربتك الصحفية أثناءها، وما هي أكثر الصور أو اللحظات مأساوية لن تمحى من ذاكراتك في الحرب؟
تجربة الحرب كانت تجربة صعبة للغاية على صعيد الجميع، وكانت الأصعب في مجال عملي، خاصة وأن المطلوب منك أن تظهر ما يحدث على أرض الواقع عبر تقرير أو صورة أو نقل مباشر ولم يكن حينها إلا صور الجرحى والشهداء ودورك أن توصلها بشكل إنساني بحت يخاطب هذا العالم.
القضية الأخرى أن تجربة الحرب وضعتني على المحك خاصة أن الحرب تصنع النجوم من الصحفيين والمصورين وكانت التحديات ضخمة للغاية تحديات إنسانية، ووطنية، ومهنية تتطلب جهوداً جبارة للثبات فيها، كما أن ما مر على غزة حينها كان جديد كماً وكيفاً، ومن اليوم الأول أصيب الجميع بصدمة كبيرة مما يحدث.
من اليوم الأول للحرب قررت أن أكون في مستشفى الشفاء لأن المرحلة تطلبت أن نقول للعالم شاهدوا ما يحدث تابعوا ما يجرى، ولم يكن العمل في مستشفى الشفاء سهلاً بالمطلق، فأن تبحث عن قصة صحفية إنسانية من بين آلاف الضحايا مهمة لم تكن سهلة، ومع ذلك كنت مصراً على أن تكون قصة إنسانية في “نشرة الحصاد”.
الحرب في كل تفاصيلها لن تمحي من الذاكرة، لكن هناك صورتان كان لهما أكبر الأثر، الأولى الطفلة جميلة الهباش التي بترت قدماها في القصف الإسرائيلي، أما الثانية فكانت للطفل لؤي صبح، أنا لم أكن أود أن أقابله لخطورة حالته، فقد بصره بفعل قذيفة إسرائيلية حارقة، لكن قبل البدء في اللقاء المباشر بدأ بالتحدث مع والده بلغة أذهلتني من جرأته وبساطته وذكائه رغم صغر سنه فقررت التحدث معه.
بعد هذا الزخم الإعلامي والصحفي أين يتوقع تامر أن يجد نفسه في العام المقبل؟
بصراحة كبيرة أنا من الأشخاص الطموحين والذين يرسمون طموحهم بخطوط متوازية مع إنجازاتهم ،لذا فإنني أجد نفسي الآن في قناة الجزيرة وليس في مكان آخر،ولن أجد نفسي إلا مكان تامر الآن وأعتقد أن ما حققته حتى هذه اللحظات كافي للتمتع به وإعطائه كافة قدراتي ، وهذا لا يعنى أنني متوقف عند هذا الحد فكما قلت سابقاً الجزيرة قناة طموحة تكبر يوماً بعد يوم ومراسليها والعاملين فيها يكبرون معها.
ماذا عن الطموح العلمي هل تفكر في دراسة الدكتوراة؟
طبعا الدكتوراه حلم يراودني كل دقيقة وأنا من الصحفيين الحريصين على إكساب تجربتهم الصحفية بالدراسة الأكاديمية لكن ليس لدي الآن خطط واضحة عن الوقت الذي سأنطلق فيه لدراسة الدكتوراه لكنها الآن على سلم أولويات طموحي.