غير مصنف

وحشُ التوجيهي” هاجسٌ يطاردُ الطلبةَ في أحلامِهم !”

الثريا_ إسراء أبو زايدة

ما زال وحشُ الثانويةِ العامةِ  يلاحقُ الطالبَ الفلسطيني، ويحوّلُ ليلتَه الهادئةَ إلى كوابيسَ؛ تسيطرُ على جُلِّ تفكيرِه، ولا يقتصرُ فوبيا “التوجيهي” على الأبناءِ؛ بل يتعدّاهُم  لتصلَ ذروتُه للآباءِ،  وبالتأكيدِ – إنْ لم تكنْ أحدَ ضحايا هذا الوحشِ – ستجدُ واحدًا على الأقلِّ في دوائرِ أقاربِك أو معارفِك، افترَسه أو مارَسَ الضغوطَ والرعبَ عليه لفترةٍ طويلة، و أنتَ من يقرِّرُ أنْ يكونَ التوجيهي كابوساً مزعجاً، أو حلماً جميلاً؛ بكيفيةِ إدارتِك لوقتِك.

الطالبةُ في فرعِ العلومِ الإنسانيةِ “رشا نصار” مُقبلةٌ على امتحاناتِ الثانويةِ العامة، تصيبُها حالةٌ من التوتُرِ والقلقِ الشديدَينِ، ولكنّ التحفيزَ والدعمَ من قِبلِ عائلتِها؛ يخفّفُ من حِدّةِ الصعوباتِ التي تواجهُها.

تقولُ للثريا:” نظّمتُ جدولاً دراسياً خاصاً للدراسةِ المكثّفةِ منذُ بدايةِ نيسان؛ أحرصُ فيه على إتمامِ وحدةٍ من كلّ مادةٍ يومياً، وأحاولُ تنظيمَ جَدولي الليليِّ حسبَ موعدِ الكهرباءِ في منطقتِنا”.

وتُبدي “نصار” خشيتَها من أنْ ينعكسَ  التوترُ عليها بالسلبِ في الامتحانِ، فيُقلِّلَ من فُرصِ التركيزِ بالإجاباتِ.

فوبيا التوجيهي :

ومن جانبٍ آخَرَ، يزيدُ الضغطُ النفسي للطالبةِ في الفرعِ العلميّ” سندس زهير”، وخاصةً مع اقترابِ موعدِ الامتحاناتِ، تقولُ للثريا:” أدرسُ في اليومِ ما يقاربُ التِسعَ ساعاتٍ، ولا أشعرُ بالإنجازِ، وهذا ما يزيدُ من حالةِ القلقِ لديّ”.

وتضيف:” للأسفِ، طالبُ التوجيهي يدركُ صعوبةَ الموقفِ في النهاياتِ،  إضافةً إلى  ما يسبِّبُه المجتمعُ للطلبةِ من حالاتِ ترَقُبٍ شديدةٍ للنتائجِ، وهذا من شأنِه أنْ يشتّتَ انتباهَ الطالب”.

وينتابُ الطالبةَ “سهاد” نفسُ شعورِ زميلاتِها، فتقول:” كأيِّ طالبةٍ أشعرُ بالقلقِ الشديدِ والخوفِ، وأعيشُ حالةً نفسيةً غيرَ متَّزِنةٍ”.

وتُرجِعُ شعورَها بالقلقِ؛ كَونَ التوجيهي مرحلةً فاصلةً؛ تحدِّدُ مصيرَ ومستقبلَ الشخصِ، بالإضافةِ  إلى خوفِها من عدمِ مقدرتِها على كتابةِ الإجاباتِ النموذجيةِ ، ناهيكَ عمّا يسبِّبُه المراقبونَ في قاعاتِ الامتحانِ من حالاتِ إرباكٍ لدَى الطالبِ.

الاستعدادُ الجيّدُ :

وبدَورِه أشارَ المديرُ العام للدائرةِ العامةِ للإرشادِ والتربية د.” أحمد الحواجري” إلى ضرورةِ وضعِ خُطةٍ دراسيةٍ تتناسبُ مع أجواءِ الامتحاناتِ، لاسيّما وأنها تخلقُ أجواءً آمِنةً، وقدرةً على التركيزِ بشكلٍ أفضلَ.

ويحذّرُ من الشدِّ العصبيّ؛ الذي يمارسُه الأهالي تُجاهَ الطلبةِ، كونَه يسبّبُ حالةً من الإرباكِ لدَيهم، مُطالباً الأسرةَ بتوفيرِ جوٍّ من الراحةِ، وإعطاءِ الطالبِ قدراً كافياً من النومِ، وإمهالِه فرصةً ليُعيدَ توازُنَه.

ويعدُّ د.” الحواجري ” بأنّ توَكُّلَ الطالبِ على ربِّه، واعتمادَه على قدراتِه وجهدِه، وطريقةِ استذكارِه؛ يكفيهِ من شرِّ الدرسِ الخصوصي.

دعمٌ تربويّ وإرشاديّ :

وحولَ دورِ الإرشادِ بتوليةِ الرعايةِ الخاصةِ لطلبةِ التوجيهي؛ يقولُ الحواجري:” منذُ بدءِ العامِ الدراسي؛ خصَّصنا برنامجاً لدعمِ الطلبةِ نفسياً ، واستهدفْنا من خلالِه طلبةَ الثانويةِ العامة، للتخفيفِ من حدّةِ الضغطِ النفسي الذي يواجِهُهم، بالإضافةِ إلى تركيزِنا على عملِ ندواتٍ وإرشاداتٍ للتخلّصِ من قلقِ الامتحان”.

 ويوجِّهُ “الحواجري” عدّةَ نصائحِ للتغلُبِ على قلقِ الامتحاناتِ، ومنها النومُ المبكّرُ، واستحضارُ وقتِ الصباحِ للدراسةِ، وهذا من شأنِه أنْ يثبّتَ المعلومةَ، حاثّاً الطلبةَ على قراءةِ جميعِ الأسئلةِ  دفعةً واحدةً، ثُم البدءِ بالإجابةِ على السؤالِ الأكثرِ سهولةً، وأنْ يأخذَ وقتَه كاملاً حتى انتهاءِ المدّةِ المعيّنةِ للامتحانِ،  بالإضافةِ إلى عدمِ مراجعتِه الإجاباتِ مع زملائهِ؛ حتى لا يُربِكَ حساباتِه، ويستعدَّ لدراسةِ المادةِ التالية.

أسبابُ التوتُرِ ومسبِّباتُه :

ومن جهتِه يُرجعُ أستاذُ علمِ النفسِ في جامعةِ الأقصى د.” درداح الشاعر”  سببَ الضغطِ النفسيّ لدَى الطلابِ؛  لقُربِ موعدِ الامتحاناتِ، وشعورِ الطالبِ بعدمِ إنجازِه الموادَ كافةً، مفسّراً ذلك؛ بالخوفِ والقلقِ من الامتحانِ كمسألةٍ نفسيةٍ طبيعيةٍ، تَحدثُ مع الإنسانِ في مواقفَ عديدةٍ؛ من ضِمنِها فترةُ الامتحاناتِ، لذلك يجبُ استثمارُ تلك الفترةِ؛ لتصبحَ قوةً دافعةً إلى الدراسةِ و المذاكرةِ.

ويعدُّ “الشاعر” في حديثِه “للثريا” بأنّ المُسبّبَ الأولَ لهذا الضغطِ ؛هي أسرةُ الطالبِ، لوضعِه تحتَ حالةٍ من الطوارئ، خوفاً من أنْ يُخيّبَ آمالَهم، وتحويلِهم  البيوتَ إلى ثكنةٍ عسكريةٍ فترةَ الامتحاناتِ، وفرضِهم  حظرَ التجوالِ، مما يزيدُ من توتُرِ الطالبِ، وخوفِه من الفشلِ، بالإضافةِ إلى دورِ المجتمعِ الذي يكمنُ في عدمِ مراعاتِه لظروفِ طالبِ التوجيهي، ويكونُ من مُشتِّتاتِ الانتباهِ لدَيهِ.

ويدعو أستاذُ علمِ النفسِ الأهالي؛ إلى الحرصِ على طمأنةِ أبنائهم،  وأنهم ليسو في معركةِ حياةٍ أو موتٍ، بل مسألةِ  قياسِ مستوى، وبتوفيرِهم ظروفاً سليمةً لهم، بالإضافةِ إلى إشباعِ رغباتِهم البيولوجيةِ، ودعمِهم نفسياً ومعنوياً، وعدمِ إدخالِهم في (المشارَكاتِ الاجتماعية) التي تَعني استقبالَ الطالبِ/ة للضيوفِ الأقاربِ، والجلوسِ معهم أثناء فترةِ امتحاناتِهم.

وينوّهُ “الشاعر” إلى الأخطاءِ الشائعةِ التي يتّبعُها الطالبُ، وتكونُ سبباً  بتشتُتِ أفكارِه، ومنها: الضغطُ على نفسِه في المذاكرةِ طوالَ النهارِ، وإرهاقُ عقلِه وبدَنِه،  باعتقادِه أنه سيستوعبُ أكثرَ، عادّاً ذلك  خطأً كبيراً؛ لأنه يُحمِّلُ المخَّ أكثرَ ممّا يحتملُ، مما يجعلُه عرضةً للنسيانِ بسرعةٍ، وكذلك لن يستطيعَ الاستمرارَ في المذاكرةِ بشكلٍ جيدٍ في الأيامِ المتبقية.

فترةُ الاستراحةِ :

وفيما يتعلقُ بالفترةِ الصحيحةِ للاستراحة، يجيبُ أستاذُ علمِ النفس :”  خمسُ أو عشرُ دقائقَ بعدَ كلِّ ساعةِ مذاكرةٍ، ونصفُ ساعةٍ بعدَ كلِّ(2_3 ساعات) مذاكرةٍ، ويجبُ أنْ تكونَ راحةً تامةً يقضونَها كما يحبونَ، سواءٌ على الحاسوبِ، أو يذهبونَ إلى المتنزّهِ، بهذا يتجدّدُ النشاطُ لديهم”.

تغذيةٌ سليمةٌ :

ويفيدُ أخصائي التغذيةِ “ممدوح الشيخ خليل” أنه على الأسرةِ الانتباهُ لنوعيةِ الغذاءِ المقدَّمِ للطالبِ، نظراً لما يتعرّضُ له الجهازُ العصبيّ من الضغطِ والعبءِ الزائدِ أثناءَ فترةِ الامتحاناتِ؛ حتى يوفّرَ لهم نشاطاً ذهنياً وبدَنياً، بحيثُ يحتوي على سوائلَ غنيةٍ بمادةِ “الجلوكوز” سهلةِ الهضمِ؛ حتى تُحسّنَ من أداءِ المُخِّ، مع التركيزِ على الوجباتِ المقنّنةِ والمليئةِ بالفيتاميناتِ، كما ينصحُ بالابتعادِ عن الوجباتِ الثقيلةِ؛ التي تُثقِلُ المَعدةَ، وتحوّلُ كميةً كبيرةً من الدمِ ناحيةَ المَعدةِ، بدَلاً من المخِّ.

وينوّه “الشيخ خليل” بأنّ الطالبَ قد يصابُ في هذه الفترةِ بفقدانِ الشهيةِ، وأفضلُ الحلولِ للحصولِ على طعامٍ صحيّ مفيدٍ؛ هو الفواكهُ والعصائرُ الطبيعيةُ.

 وفي حالةِ الإصابةِ بالتوترِ الشديد؛ ينصحُ بضرورةِ المداومةِ على المشروباتِ؛ التي تساعدُ على تهدئةِ الأعصابِ، مِثلَ” اليانسون، والنعناع، واللبنِ الدافئ”، كما يمكنُ اعتبارُ زيتِ الزيتونِ من العواملِ المهدّئة؛ حيثُ أثبتتْ الدراساتُ أنه يقلِّلُ ضغطَ الدمِ المرتفع، ويخفضُ نِسبَ الكوليسترول؛ لاحتوائهِ على نسبةٍ عاليةٍ من الدهونِ النباتيةِ، تصلُ إلى حوالي (70%)، كما يُنصحُ باستعمالِه  بارداً على طبقِ السلطةِ في وجبةِ الغداءِ.

ويشارُ إلى أنّ عددَ الطلابِ المتقدّمينَ لامتحانِ الثانويةِ العامةِ، خلالَ العامِ الحاليّ؛ يصلُ إلى أكثرَ من ثمانينَ ألفَ طالبٍ وطالبةٍ من جميعِ الفروعِ، بالضفةِ وغزةَ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى