كتاب الثريا

لا تختلقي النّكَدَ

بقلم/ د.فتحية اللولو

إنّ الكثيرَ من الزوجاتِ يحفِرْنَ قبورَ سعادَتِهنَّ الزوجيةِ بأيديهِنَّ؛ فهي تبدأُ ببعضِ الأشياءِ البسيطةِ التي لا يهتمُّ بها الزوجُ؛ وتعُدُّها نوعاً من الدلالِ للزوجةِ؛ ولكنْ بالتدريجِ تزيدُ هذه الأشياءُ؛ وتصبحُ سبباً للنَّكدِ وعدمِ الاستقرارِ؛ ممّا يسبِّبُ هجرانَ الرجلِ لبيتهِ؛ والبحثَ عن ملاذٍ آمنٍ من النَّكدِ والتنغيصِ؛ وربما يذهبُ لزوجةٍ أخرى؛ أو علاقةِ صداقةٍ تأخذُه من أُسرتِه، يبحثُ عن ملجأٍ يُنْجيهِ من النارِ المتَّقِدةِ في بيتِه ويصعُبُ إخمادُها.

يوجدُ زوجاتٌ :النَّكدُ جزءٌ أساسيٌّ من شخصيتِها؛ فهي غيورةٌ؛ تغارُ من كلِّ شيءٍ: من أمِّهِ وإخوتِه وأصدقائهِ وزملائهِ بالعمل؛ تغارُ من صورةٍ بمجلةٍ أو مذيعةِ أخبارٍ، أو ممثلةٍ بمسلسلٍ مُعيَّن، ومهما حاولَ زوجُها أنْ يطمئنَها؛ ويُهدِّئَ من رَوعِها ؛تراها تعودُ مرةً أخرى لتصرُّفاتِها الهستيريةِ؛ وجنونِها الذي لا يهدأُ؛ وتُعلِّلُ ذلك أنها تحبُّ زوجَها وتخافُ عليه؛ ويجبُ أنْ تكونَ عيونُها مفتوحةً.

وزوجاتٌ أخرياتٌ تختلِقُ النَّكدَ في حياتِها الزوجيةِ من كثرةِ الانتقاداتِ؛ فهي دائمةُ النظرِ لنقاطِ الضعفِ بزوجِها ؛من وُجْهةِ نظرِها مهما اهتمَّ بشكلِه وملبسِه لا يعجبُها؛ فتنتقِدُ ذوقَه وكلامَه وتعبيراتِه وأسلوبَ تفكيرِه، وطريقةَ مجاملتِه للآخرين، وتتكلمُ بذلكَ أمام معارفِها وأهلِها، وبالغالبِ تكونُ نظرةُ الآخَرينَ للزوجِ؛ تختلفُ عن نظرتِها؛ ويرَونَه إنساناً لبِقَاً ومؤدباً؛ يستحقُّ الاحترامُ، ولكنها دوماً تَحْقِرُهُ؛ ولا تستطيعُ أنْ تُظهِرَ له احتراماً، وتشعرُ أنها كانت تستحقُّ رجلاً آخَرَ غيرَهُ. وفي التاريخِ الكثيرُ من القصصِ حول زوجاتٍ عشِقْنَ النَّكدَ؛ حتى دمَّرَ حياتَهُنَّ، فهذا نابليونُ إمبراطورُ فرنسا ؛أَحبَّ “ماري أوجيني” وتزوجَها ؛ووفَّرَ لها كلَّ مقوِّماتِ السعادةِ الزوجيةِ: من الجاهِ والشهرةِ والحبِّ والمالِ؛ وجعلَها إمبراطورةَ فرنسا بعد أنْ أََجْلسَها على عرشِ قلبهِ؛ ولكنّ هذا لم يحُولْ دونَ اختلاقِ أسبابِ النَّكدِ والغَيرةِ، وكانت دائماً تختَلقُ أسباباً للنّكَدِ رُغمَ أنها كانتْ أجملَ نساءِ عصرِها ،كانت دائماً في شكِّ أنه يحبُ امرأةً أخرى، وكانت تحاسِبُه وتنتقِدُهُ بشدّةٍ ؛لذلك لم يضمنْ لها جمالُها وعرشُها حُبَّ زوجِها الذي كان يقولُ :أنه يعيشُ وسْطَ أبخِرةٍ سامّةٍ من النّكدِ والغَيرة .ويروي المؤرِّخونَ أنَّ نابليونَ كان كثيراً ما يتسلّلُ خارجَ قصرِه من بابٍ خلْفيٍّ متخَفِّياً بالظلامِ؛ يضعُ على رأسِه قُبَّعةً رَخْوةً؛ يُسدِلُ حافَّتَها على عينيهِ؛ حتى لا يرى أحدٌ حزنَهُ ودموعَهُ وآلامَهُ التي تسبِّبُها ؛ فهجَرَها ولم يعُدْ يدخلِ القصرَ الذي تعيشُ فيهِ؛ فماذا جلَبَ لها ما كانت تقومُ به من نكَدٍ وغَيرَةٍ؟ “وهي الإمبراطورةُ الجميلةُ” لم يجلِبْ لها ذلكَ إلاّ التعاسةَ وهِجرانَ زوجِها لها، وكراهيتَهُ لأسلوبِها في الحياة.

إذا أردتِ أنْ تكوني زوجةً سعيدةً دوماً؛ ابتعدي عن اختلاقِ أسبابِ النّكدِ، واجتهدي دوماً أنْ يُثمِرَ الحبُّ في بيتِكِ ؛وأنْ يجِدَ زوجُكِ السعادةَ والهدوءَ بجانبِكِ؛ ينتظرُ أنْ يعودَ من عملِه أو زيارتِه بشغَفٍ؛ حتى ينعَمَ بالراحةِ والهدوءِ والسكينةِ مع زوجةٍ؛ تهتمُّ باستقرارِ حياتِها الزوجيةِ ودوامِها بسعادةٍ معاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى