رمضــان خلـيـل الـرّحمـن .. بنكهة خليلية خاصة

تقرير/ أنس القاضي – الخليل
كما في كل رمضان، تزدان خليل الرحمن لاستقبال شهر الله، ولرمضان في مدينة الخليل أجواءٌ تختلف كلياً عن باقي محافظات الضفة، فلا تقع عينُك على بيتٍ أو محل تجاري إلا وترى هلالَ رمضان مضيئاً منيراً.. وكيف ننسى أن جنبات البلدة القديمة في الخليل تحتضن المسجد الإبراهيمي مهوى أفئدة أبناء المدينة للصلاة فيه والمحافظة عليه من محاولات تهويدٍ ما زالت مستمرة ؟! وكما حالُ المدينة فإنّ للمسجد الإبراهيمي أجواءهُ الرمضانية الاستثنائية الخاصة، الخليل في رمضان تلبس أبهى حللها، وما أطيب رائحة البهارات والعطور التي تفوح رائحتها في أسواق الخليل، رمضان الخليل – إن جاز التعبير – له رونق جميل يضفي عليه عبق الماضي.
“الثريا” تجولت في أسواق الخليل واستطلعت آراء عدد من المواطنين حول الأجواء الرمضانية في المدينة، والبداية كان لقاؤنا بالمواطن محمد جبران خلال تجواله في سوق المدينة وسألناه عن استقباله لرمضان هذا العام فأجاب قائلاً:” أنا هنا لشراء بعضٍ من المواد التموينية، لكن ما ألاحظه على عدد منها هو الارتفاع في أسعارها، ونعلم جميعاً أنّ الوضع الاقتصادي لنا كمواطنين فلسطينيين صعب جداً”.
ويواصل”جبران”حديثه متسائلاً :” هذا الارتفاع يحدث في شهر رمضان من كل عام، والمستغرب أنه على الرغم من توجيهات وزارة الاقتصاد وطواقم حماية المستهلك للتجار بالالتزام بأسعار محددة، غير أن الكثير من التجار لا يلتزمون بمثل هذه القرارات والتوجيهات، بالتالي هذا الامر ينعكس سلباً على المواطن الذي لا حول له ولا قوة ” على حد تعبيره.
من جانبه يوضح المواطن ابو ياسين القواسمي ويعمل مدرساً:” أن تأخر صرف الرواتب له تأثير كبير على المواطنين وخاصة في شهر رمضان وفي ظل الارتفاع المتعمد من قبل التجار في أسعار السلع والمواد التموينية، مشدداً على ضرورة أن تقوم الحكومة بصرف الرواتب كاملة وفي مواعيدها المحددة كي يتمكن المواطنون من توفير ما يحتاجونه في شهر رمضان حيث تكثر الطلبات .. والحديث للقواسمي.
“الثريا” وفي جولتها الميدانية بأسواق خليل الرحمن توقفت عند بائعةٍ تجلس على يمين السوق حيث يعج بالمواطنين، تقول هذه البائعة :” أنا هنا لأجلب رزق أبنائي السبعة، فأبوهم لا يملك تصريحاً يمكنه من الدخول الى “إسرائيل” للعمل منذ اكثر من أربع سنوات” .
تُحدثنا وفي عينيها ألمٌ وأملْ، ” هذا ما كتبه الله، والحمد لله على كل حال، فأنا أحاول قدر الإمكان أن لا أسمح لليأس أن يدخل الى قلبي وقلب أبنائي، فآتي بـ (البقدونس والفجل والزعتر الجبلي) وأبيعها لأسدّ احتياجات بيتي، وتختم حديثها بتنهد..ربنا يغير هالحال لأحسن حال “.
“الثريا” واصلت جولتها حتى حطت رحالها في أسواق البلدة القديمة، للوهلة الأولى استغربنا الأمر .. محلات تجارية على يمينك وشمالك وعدد قليل منها لا يتجاوز أصابع اليد فاتحٌ ابوابه، وتزداد الحيرة حينما تسرّع خطواتك في السوق ولا تسمع سوى قهقهات جنود الاحتلال المنتشرين على مداخل البلدة القديمة، ولا عجب أن تنالك شتائم مستوطنٍ من هنا أو هناك ، فهذا هو حال البلدة بأسواقها الخالية في رمضان وغيره من شهور العام، وهو ما يوضحه لـ”الثريا” الحاج محمد أبوسنينة، قائلاً:” كما ترى .. المحلات مقفلة إلا قليلا منها، والحركة الشرائية ضئيلةٌ جداً، وهذا الحال تعيشه البلدة القديمة منذ سنوات، ولا مجال لنا أن نصمد ونبقى هنا في البلدة القديمة على الرغم من محاولات الجيش والمستوطنين طردنا عنها بكل الأساليب”.
ويضيف أبو سنينة ” الأجواء الرمضانية في البلدة القديمة قبل ما يقارب عشر سنوات كانت رائعة جداً، وهذه الأسواق الخالية الآن كانت تزدحم بالمواطنين، وبسطات الباعة منتشرة على طرفي السوق، وأتمنى أن تعود الحياة من جديد إلى البلدة القديمة “.
تلك كانت جولة ” الثريـا ” في أسواق الخليل .. حيث الأجواء الرمضانية بمدينةٍ عُرفت بتلك الخصوصية في شهر رمضان .. هذه الأجواء جذبت المواطنين من مختلف محافظات الضفة وحتى أهالي الداخل المحتل ليستمتعوا بليالي رمضان الخليلية، فمع كل ألم يمتزج به أمل لغد مشرق يحمل معه بشريات النصر القادم بالساعد لا باللسان.
شكراً لك . أستاذ أنس القاضي على هذا المقال ؛ فقد أثار وجداننا وعاطفتنا ،وبينت فيه الحال السعيدة التي ينعم بها البسطاء ،ومدى قوة مقاومتهم للإحتلال ،فهو لا شيء بالنسبة إليهم وبالنسبة لحياتهم اليومية ،فهم دائمًا يعملون كي ينتجوا ،وإنتاجهم نعمة لا يستطعم بها أصحاب رؤوس الأموال في اسرائيل ….وجزاك الله خيرا .وننتظر منك المزيد .
على قولت الحجة (الله يغير الحال لاحسن حال) , ويسلم ايدك اخ انس على هالتقرير الجميل الذين يبين حال ووضع المواطنين.