حكاية المحررين الرمضانية ترويها “الثريا” من أفواههم

ضمن سلسة لقاءات
تقرير :: محمود عبد الكريم هنية . غزة
للعام الثالث عشر يمر شهر رمضان في حياة حمد الله الحاج علي من الخليل المحكوم عليه 25 عاما البطل المحرر في صفقة وفاء الأحرار من سجون الاحتلال ، لم يقضي محمد فيها لياليه المعتاد أن يقضيها بين أهله وأحبته ، للعام الثالث عشر لم يغمس حمد الله تلك الخبزة المحشوة بالجبن التي تقدمها والدته كالمعتاد له في كل سحور ، للعام الثالث عشر لم يتناول محمد أكلته المفضلة المقلوبة الخليلية التي اعتاد على تناولها مع والديه وإخوانه .
للعام الثالث عشر تلك السراجيل المضيئة لم ينبض بعد ضوئها ليعانق الليالي الطوال التي اعتاد حمد الله أن يبلبل بصوته الندي في مسجد الحي لإقامة صلاة التراويح منذ تلك اللحظة التي اختطف فيها أمجد من قلب بيته مع العشرات من أبناء شعبه الفلسطيني ظلما وعدوانا ، للعام الثالث عشر يطل الشهر دون هلال يلمح فثمة بدر يختفي خلف قضبان الاحتلال وبذلك يؤذن به علامات الانتصار.
يأتي شهر رمضان في هذا العام ومنذ 13 عاماً في حياة حمدالله ليعمق مفاهيم جديدة أحدثت تحولا في مسار حياته وحياة العشرات من الأبطال في سجون الإرهاب الصهيوني ، تلك الحياة التي انتزعته من قلب أحبته لتحدث فاجعة مستمرة في وجدانهم تبقى حاضرة في كل محفل ومناسبة يحياها الأهل مع شعبهم .
أشتاق لعناقهم
كم أتمنى أن أعانقهما؟ كم أتمنى أن أستيقظ على صوتها الرخيم في السحور وتبدوا كاحلة العينين صوت أمي حين تصرخ علي قبيل السحور بدعابة ” قوم تسحر عنده أذن الفجر ” تلك ما تحدث بها حمد الله من عبارات ببساطة وتلقائية بعد تنهيدة طويلة خرجت من أعماق قلبه المأوه ، وعيون خجولة تأذن بذرف دموع حارة مشتاقة ، وحشرجة بصوت عربدت عليه تجاعيد الزمن ، في معرض جوابه عن رمضانه الجديد خارج سجون الاحتلال
ويضيف قائلاً ” في كل شهر رمضان يمر منذ 13 عاماً يخيل لي افراد عائلتي اخوتي الكبار واخواتي أتذكر شباب القرية حين كنا نجتمع في المسجد ننكب على تنظيم برامج دعوية لقيام الليل والتبتل ، والقيام على حاجات الفقراء والمحتاجين، نحاول أن نوفر لهم مستلزمات تعينهم في ذلك الشهر ، ترى كيف حالهم الآن ؟ “
حاولت أن أداعبه علها تختفي تلك الأحزان عن وجنتيه فقلت له ” العروس الآن بتعوضك عن الحجة وأنت الآن في غزة يعني أنبسط” فتبسم حمد الله ضاحكاً وأجاب قائلاً ” الصحيح في غزة رمضان له طعم آخر أشعر بسعادة كبيرة فيها أجواء إيمانية تحث على الطاعة ، في الحقيقة لم أشعر بأني غريب فيها بل أرى فيها حيوية ونشاط كبيرين “
ويمضي حمد الله بالتحدث قائلا ” الله محي غزة وبنات غزة وشعب غزة . الصحيح أكلات غزة اشي اشي والمرة معدلة ” بتلك الكلمات العفوية أحببت أن أنقلها كما قالها لأنقل حجم التلقائية والحب التي يتمتع بها الأحرار المحررين من سجون الاحتلال .
وفي معرض رده عن طبيعة حياته في ذلك الشهر الفضيل خارج المعتقل يقول حمد الله ” لقد أعددت مع زوجتي برنامج الشهر فيما يتعلق من زيارة لأرحامها ومنها التعرف على أهل غزة الكرام والعمل في برامج مساعدة الفقراء من أهل غزة ، والحرص علي قيام الليل وصلاة التراويح في المسجد وتثبيت حفظ القران الكريم “.
حاولت أن أداعبه مرة أخرى في سؤال يثير المرح أيهما اطعم وألذ مأكول الأم أم الزوجة ؟ فضحك حمد الله وترك الإجابة لزوجته التي تفضلت بالحديث ” أحاول أن أقدم طعاماً يعجب زوجي برغم تجربتي المتواضعة في ذلك المجال .. مرة بتزبط ومرة بتمشي “
وأضافت ضاحكة تعاونا مع بعضنا البعض لإعداد وجبة الطعام في أول يوم من أيام شهر رمضان ” أبو محمد بيقطع البصل وأنا بقليه ” .
خرج حمد الله مع زوجته بعد صلاة التراويح وذهب بها في زيارة لبيت أهلها ذلك البيت التي يراه حمد الله سندا مسلياً يحاول أن ينسى بها مرارة الغربة عن أهل وأحبه ما زالت نفسه تواقة ليعانقهم في مشهد انتصار يتمناه شعب برمته يتقدم نحوه بخطى ثابتة ويرقبه بعيون ثاقبة انه مشهد العودة للوطن السليب والمسرى الحبيب عما قريب .