كيف تَنبي ثقتَكَ بنفسِك؟

الثريا: خاص
إنّ الثقةَ تُكتسَبُ وتتطورُ ولم تُولَدْ الثقةُ مع إنسانٍ حينَ وُلدَ، فهؤلاء الأشخاصُ الذين تعرِفُ أنتَ أنهم مَشحونون بالثقةِ، ويسيطرونَ على قلَقِهم، ولا يجِدون صعوباتٍ في التعاملِ والتأقلُمِ في أيِّ زمانٍ أو مكانٍ؛ هم أناسٌ اكتسبوا ثِقتَهم بأنفسِهم، واكتسبوا كلَّ ذَرَّةٍ فيها.
انعدامُ الثقةِ في النفس:
ماذا تعني كلمةُ نقصِ أو انعدامِ الثقةِ في النفس؟
إننا غالباً ما نُردِّدُ هذه الكلمةَ، أو نسمعُ الأشخاصَ المحيطينَ بنا؛ يردِّدون أنهم يفتقِرونَ إلى الثقةِ بالنفس! إنّ عدمَ الثقةِ بالنفسِ سلسلةٌ مرتبطةٌ ببعضِها تبدأُ:
أولا: بانعدامِ الثقةِ بالنفس.
ثانيا: الاعتقادُ بأنّ الآخَرِينَ يرون ضعفَك وسلبياتِك.
ثالثا: القلقُ بفعلِ هذا الإحساسِ، والتفاعلُ معه، بأنْ يَصدُرَ عنك سلوكٌ وتَصرُّفٌ سيئٌ أو ضعيفٌ، وفي العادةِ لا يَمُتُّ إلى شخصيتِك وأسلوبِك.
رابعا: الإحساسُ بالخجلِ من نفسِك! وهذا الإحساسُ يقودُك مرّةً أخرى إلى نقطةِ البداية، وهي انعدامُ الثقةِ بالنفسِ، وهكذا تُدمِّرُ حياتَك بفِعلِ هذا الإحساسِ السلبيِّ تُجاهَ نفسِك وقدراتِك.
ولكنْ هل قرّرتَ التوقُفَ عن جَلدِ نفسِك بتلكَ الأفكارِ السلبيةِ، والتي تُعَدُّ موتاً بطيئاً لطاقاتِك ودوافعِك، إذا اتّخذتَ ذلك القرارَ بالتوقُفِ عن إيلامِ نفسِك وتدميرِها؛ فابدأْ بالخطوةِ الأُولَى وهي:
تحديدُ مََصدرِ المشكلة:
أين يكمُنُ مَصدرُ هذا الإحساسِ ؟ هل ذلك بسببِ تَعرُّضي لحادثةٍ _وأنا صغيرٌ_ كالإحراجِ أو الاستهزاءِ بقدراتِي ومقارنَتي بالآخَرين ؟ هل السببُ أنني فشلتُ في أداءِ شيءٍ ما كالدراسةِ مثلاً ؟ أو أنّ أحدَ المُدرِّسين أو رؤسائي في العملِ قد وجَّه لي انتقاداً بشكلٍ جارحٍ أمامَ زملائي؟ هل للأقاربِ أو الأصدقاءِ دَورٌ في زيادةِ إحساسي بالألم؟ وهل مازال هذا التأثيرُ قائماً حتى الآن؟… أسئلةٌ كثيرةٌ حاوِلْ أنْ تسألَ نفسكَ، وتتوصَّلَ إلى الحلِّ! وكُنْ صريحاً مع نفسِك! ولا تحاولْ تحميلَ الآخَرينَ أخطاءَك! وذلك لكي تصِلَ إلى الجذورِ الحقيقيةِ للمشكلةِ وتستطيعَ حلَّها، حاوِلْ ترتيبَ أفكارِك! استخدِمْ ورقةً وقلماً! واكتبْ كلَّ الأشياءِ التي تعتقدُ أنها ساهمتْ في خَلْقِ مشكلةِ عدمِ الثقةِ لدَيك! تَعرَّفْ على الأسبابِ الرئيسةِ والفرعيةِ التي أدّتْ إلى تفاقُمِ المشكلةِ!.
البحثُ عن حلٍّ:
بعدَ أنْ تَوصَّلتََ إلى مصدرِ المشكلةِ؛ ابدأً بالبحثِ عن الحلِّ! بمُجردِ تحديدِك للمشكلةِ تبدأُ الحلولُ بالظهورِ، اجلِسْ في مكانٍ هادئٍ! وتَحاوَرْ مع نفسِك! حاوِلْ ترتيبَ أفكارِك! ما الذي يجعلُني أُسيطرُ على مخاوِفي وأستعيدُ ثِقتي بنفسي ؟
إذا كان الأقاربُ أو الأصدقاءُ _مثلاً_ طرَفاً أو عاملاً رئيساً في فقدانِكَ لِثقتِك… حاوِلْ أنْ تُوقِفَ إحساسَك بالاضطهادِ! ليس لأنه توَقّفَ؛ بل لأنه لا يُفيدُك في الوقتِ الحاضرِ، بل يساهمُ في هَدمِ ثقتِك، ويوقِفُ قدرَتكَ للمُبادَرةِ بالتخلُّصِ من عدَمِ الثقةِ.
أقنِعْ نفسَك ورَدِّدْ:
من حقي أنْ أَحصُلَ على ثقةٍ عاليةٍ بنفسي وبقُدراتي، من حقي أنْ أتخلََّصَ من هذا الجانبِ السلْبيّ في حياتي.
ثِقتُك بنفسِك تَكمُنُ في اعتقاداتِك:
في البدايةِ احرِصْ على أنْ لا تتفوَّهَ بكلماتٍ يُمكِنُ أنْ تدمِّرَ ثِقتَك بنفسِك، فالثقةُ بالنفسِ فكرةٌ تُولِّدُها في دماغِك، وتتجاوَبُ معها؛ أيْ أنكَ تَخلِقُ الفكرةَ “سلبيةً كانت أمْ إيجابيةً” وتغيِّرُها وتشكِّلُها وتُسيِّرُها حسَبَ اعتقاداتِك عن نفسِك، لذلك ابنِى عباراتٍ وأفكاراً تَشحنُكَ بالثقةِ، وحاوِلْ زرْعَها في دماغِك.
وتَذكَّرْ: انظُرْ إلى نفسِك كشخصٍ ناجحٍ وواثقٍ! واستمِعْ إلى حديثِ نفسِك جيداً! واحذِفْ الكلماتِ المُحمَّلةَ بالإحباطِ!، إنَّ ارتفاعَ روحِك المعنويةِ مسئوليتُكَ وحدَك، لذلكَ حاوِلْ دائماً إسعادَ نفسِك… واعتَبِرْ الماضي بكلِّ إحباطاتِه قد انتهى، وأنتَ قادرٌ على المُسامحةِ أاغفِرْ لأهلِك!، لأقاربِك لأصدقائك… أغفِرْ لُكلِّ مَن أساءَ إليك! لأنك لستَ مسؤولاً عن جَهلِهم وضعفِهم الإنساني.
ابتعِدْ كلَّ البعدِ عن المقارَنةِ! أيْ لا تسمحْ لنفسِك _ولو من قبيلِ الحديثِ فقط_ أنْ تُقارنَ نفسَك بالآخَرين!، حتى لا تكسِرَ ثِقتََك بقدرتِك! وتذَكََّرْ إأنه لا يوجدُ إنسانٌ عبقريٌّ في كلِّ شيء، فقط ركِّزْ على إبداعاتِك وعلى ما تَعرِفُ أإبرزَه، وحاوِلْ تطويَر هواياتِك الشخصية، وكنتيجةٍ لذلك حاوِلْ أنْ تكونَ ما تريدُه أنتَ؛ لا ما يريدُه الآخَرون، ومن المُهمِّ جدّاً أنْ تقرأَ عن الأشخاصِ الآخَرينَ، وكيف قادتْهم قوةُ عزائمِهم إلى أنْ يحصلوا على ما أرادوا، واختَرْ مَثَلاً أعلَى لكَ، وادرُسْ حياتَه وأسلوبَه في الحياةِ.
بَنكُ الذاكرةِ:
يقودُنا النقصُ الزائدُ في الثقةِ بالنفسِ مباشرةً إلى ذاكرةٍ غيرِ منتظَمةٍ، فالعقلُ يشبِهُ البنكَ كثيراً، إنك تودِعُ يومياً أفكاراً جديدةً في بنكِكَ العقلي، وتنمو هذه الودائعُ، وتكوِِّنُ ذاكرَتَك، حين تواجِهُ مشكلةً، أو تحاولُ حلَّ مشكلةٍ ما؛ فإنك في واقعِ الأمرِ تسألُ بنكَ ذاكرتِكَ: ما الذي أَعرِفُه عن هذه القضيةِ؟ ويزوِّدُكَ بنكُ ذاكرتِك (أوتوماتيكيا) بمعلوماتٍ متفرِّقةٍ تتصِلُ بالموقفِ المطلوبِ، بالتالي مخزونُ ذاكرتِك هو المادةُ الخامُ لأفكارِك الجديدةِ، أيْ أنك عندما تواجِهُ موقفاً ما صعباً، فكِّرْ بالنجاحِ، لا تفكّرْ بالفشلِ! استدعِي الأفكارَ الإيجابيةَ، والمواقفَ التي حقََّقتَ فيها نجاحاً من قبلُ.
لا تَقُلْ : قد أفشلُ كما فشلتُ في الموقفِ الفلاني!، نعمْ أنا سأفشلُ، بذلك تتسلّلُ الأفكارُ السلبيةُ إلى بنكِك، وتصبحُ جزءاً من المادةِ الخامِ لأفكارِك، حين تَدخُلُ في منافَسةٍ مع آخَرَ قُلْ: “أنا كُفءٌ لأكونَ”.
لذلك احرِصْ على إيداعِ الأفكارِ الإيجابيةِ فقط في بنكِ ذاكرتِك، واحرِصْ على أنْ تَسحبَ من أفكارِك الإيجابيةِ! ولا تَسمحْ لأفكارِك السلبيةِ أنْ تتخِذَ مكاناً في بنكِ ذاكرتِك.
عواملُ تزيدُ ثقتَك بنفسِك:
عندما نضعُ أهدافاً ونُنفِّذُها؛ تزيدُ ثقتُنا بأنفسِنا مَهما كانت هذه الأهدافُ، سواءٌ على المستوى الشخصيّ، أو على صعيدِ العملِ.
اقْبَلْ تَحمُّلَ المسؤوليةِ، فهي تجعلُك تَشعُرُك بأهميتِك، تَقدَّمْ ولا تخَفْ، اقهَرْ الخوفَ في كلِّ مرةٍ يَظهرُ فيها، افعلْ ما تخشاهُ يختفِي الخوفُ،وكنْ إنساناً نشيطاً، اأشْغِلْ نفسَك بأشياءٍ مختلفةٍ، استخدِمْ العملَ لمعالجةِ خوفِكَ تكتسبْ ثِقةً أكبرَ.
حدّثْ نفسَك حديثاً إيجابياً، في صباحِ كل يومٍ، وابدأْ يومَك بتفاؤلٍ وابتسامةٍ جميلةٍ، واسألْ نفسَك ما الذي يُمكِنُني عملُه اليومَ؛ لأكونَ أكثرَ قيمةً؟ تكلَّمْ! فالكلامُ فيتامين بناءِ الثقةِ، ولكنْ تَمرَّنْ على الكلامِ أولاً.
حاوِلْ المشاركةَ بالمناقشاتِ، واهتمّ بتثقيفِ نفسِك من خلالِ القراءةِ في كل المجالاتِ، كلّما شاركتَ في النقاشِ؛ تضيفُ إلى ثِقتِك، وكلّما تحدَّثتَ أكثرَ، يسهلُ عليك التحدّثُ في المرةِ التاليةِ، ولكنْ لا تنسَى مراعاةَ أساليبِ الحوارِ الهادئِ والمُثمِر.اأشغِلْ نفسَك بمساعدةِ الآخَرينَ، وتذكَّرْ أنّ كلَّ شخصٍ آخَرَ، هو إنسانٌ مِثلُك تماماً؛ يمتلكُ نفسَ قدراتِك، رُبما أقلُّ ولكنْ هو يُحسِنُ عَرْضَ نفسِه، وهو يثِقُ في قدراتِه أكثرُ منكَ.
ولا تنسَ أنْ تهتمَّ في مَظهرِكَ، ولا تُهمِلْهُ، فالمَظهرُ هو أولُ ما يقعُ عليه نظَرُ الآخَرِينَ.
المصدر: كتاب التنمية البشرية للكاتب د. إبراهيم الفقي