عين على القدسفلسطينيات

عائلة أبو رجب.. صمودٌ في وجه وحش”البؤَر الاستيطانية”

الثريا_ إسراء أبوزايدة
تتصاعدُ وتيرةُ الانتهاكاتِ الإسرائيليةِ يوماً بعدَ يوم،  فتقومُ ترسانةُ الاحتلالِ بجنودِها ومستوطنيها بالاعتداءِ على كلِّ ما هو فلسطينيٌّ بالضفةِ المحتلة، و عملتْ على مصادرةِ الأراضي، وهدمِ المنازلِ بحُججٍ أمنيةٍ واهية،  وبناءِ المستوطنات،وكان لكلِّ حجرٍ نصيبٌ في عملياتِ التهويدِ، التي باتت تهدِّدُ القدسَ بخطرٍ دائمٍ ومستمر، في محاولاتٍ للاستيلاءِ على الأرضِ، وطردِ سكانِها منها.

وكانت آخِرُ الاعتداءاتِ والممارساتِ التعسفيةِ بحقِّ عائلةِ “أبو رجب”، فمنذُ عشرينَ يوماً يتعرّضُ منزلُهم لهجماتٍ منظّمةٍ من قِبلِ المستوطنينَ الإسرائيليين، محاولينَ -بِشتَّى الطرُقِ- ترهيبَ العائلةِ، وترحيلَها عن المنزلِ المكوَّنِ من طابقينِ، بغرَضِ تحويلِه إلى بؤرةٍ استيطانيةٍ، تمهيداً لتهويدِ حيٍّ فلسطينيٍّ بكاملِه، الذي لم يتبقَّ فيه سِوى بعضِ العائلاتِ التي رفضتْ الرحيلَ.

يقعُ منزلُ عائلةِ “أبو رجب” في مكانٍ استراتيجيٍّ؛ يطلُّ على باحاتِ الحرمِ الإبراهيمي، وتحديداً في جوارِ ما يسمَّى بحاجزِ “أبو الريش العسكري” المُقامِ في الجهةِ الجنوبيةِ من المدينةِ،  ويطمعُ فيه المستوطنونَ، وجيشُ الاحتلالِ الإسرائيلي، لاسيّما أنه سيكونُ مقدِّمةً للاستيلاءِ على عددٍ من المنازلِ الفلسطينيةِ؛ التي تقعُ في حيٍّ يسيطرُ عليه المستوطنونَ.

لا للخضوعِ ..

غيرَ أنّ عائلةَ “أبو رجب” ترفضُ الرحيلَ عن المنزلِ، وترابطُ فيه منذُ عدّةِ أيامٍ؛ بمساعدةِ ناشطينَ فلسطينيينَ، اتفقوا معهم على عدمِ إخلاءِ المنزلِ؛ حتى ولو استخدمَ جيشُ الاحتلالِ الإسرائيليّ القوةَ بحقِّهم، مَهما كلَّفهم الثمن.

ويقولُ “حازم أبو رجب”، صاحبُ الطابقِ الأولِ المُهدَّد،:” في ثالثِ أيامِ عيدِ الفطرِ، منتصفِ الشهرِ الماضي، حاولتْ مجموعةٌ من المستوطنينَ طرْدَ عائلتي من المنزلِ، بمساعدةِ ما يُسمَّى “تنظيم الإدارة المَدنية الإسرائيلي”،وفشلَ الأمرُ بسبب رفضِ العائلةِ.

ويضيفُ:” إنّ الإدارةَ المَدنيةَ عادت من جديدٍ، وسلّمتْ العائلةَ أمراً عسكرياً؛ يقضي بإخلاءِ المنزلِ، وفشلَ بسببِ اعتراضِ محامي العائلةِ عليه في المحكمةِ الإسرائيلية”.
ويتابع :”يومَ الخميس الماضي، عادت مجموعةٌ كبيرةٌ من المستوطنينَ المتطرّفينَ، تحتَ حمايةٍ وحراسةٍ أمنيةٍ من القواتِ الصهيونيةِ، وبمرافقةِ عناصرَ من تنظيمِ الإدارةِ المدنيةِ الإسرائيلي، لإخلاءِ المنزلِ بالقوةِ، لكنّ العمليةَ فشلتْ من جديدٍ؛ بسببِ تصدِّي أفرادِ العائلةِ لتلكَ المحاولةِ، ورفضِها الخروجَ”.

غطاءٌ أمنيٌّ :

وبحسبِ “أبو رجب”، فإنّ جيشَ الاحتلالِ الإسرائيلي، سمحَ للمستوطنينَ بالاعتداءِ على المنزلِ، ومهاجمتِه دونَ أنْ يكونَ هنالك أيُّ تدخُلٍّ يمنعُهم من ذلك، مشيراً إلى أنّ الاحتلالَ وفّرَ غطاءً أمنياً لاعتداءاتِ المستوطنينَ المتطرّفةِ بحقِّ العائلةِ؛ بغرضِ السيطرةِ على المنزلِ .

وعادت الإدارةُ المدنيةُ يومَ السبتِ، وسلّمتْ العائلةَ قراراً عسكريّاً؛ يقضي بإخلاءِ المنزلِ وتسليمِه للمستوطنينَ، وأمهلتْهُم حتى ساعاتِ المساءِ للرحيلِ عنه، لكنّ الأمرَ لم ينجحْ؛ بسببِ تواجدِ عددٍ من أفرادِ عائلةِ “أبو رجب” فيه، هذا ما بيَّنه “أبو رجب” في حديثه لـ”الثريا”.

ويؤكّدُ أبو رجب بالقول: “يستحيلُ أنْ نخرجَ من المنزلِ، مَهما كلَّفنا الثمن”، مُطالباً المسؤولينَ في السلطةِ الفلسطينيةِ بضرورةِ التدخلِ، ومنعِ المستوطنينَ من الاستيلاءِ على منزلِهم، وتحمُّلِ مسؤولياتِهم تُجاهَ اعتداءاتِ المستوطنينَ المتكرّرةِ على الفلسطينيينَ في الضفةِ الغربيةِ المحتلّة.

ويبقى موضوعُ العائلةِ مؤجَّلاً، مع إصرارِ قادةِ الاحتلالِ الإسرائيليّ العسكريينَ على تنفيذِه، فيما تنتظرُ العائلةُ ردَّ المحكمةِ الإسرائيليةِ على الاعتراضِ؛ الذي قدّمتْهُ حولَ القرارِ العسكريّ غيرِ القانونيّ.

إنّ ما يَحدثُ من عملياتِ طرْدٍ قسرِيِّ للسكانِ؛ يُعَدُّ أُنموذجاً على إصرارِ الكيانِ الصهيونيّ على تحقيقِ ما يسمَّى “بالحسمِ الديموغرافي” لصالحِ اليهودِ، حيثُ تتسارعُ وتيرةُ عملياتِ الهدمِ، والإخلاءِ لمنازلِ الفلسطينيينَ، ويرافقُها صمتٌ دوليٌّ منذُ ما يزيدُ عن الستينَ عاماً.. والنتيجةُ واضحةٌ: الحسمُ الديموغرافي !.

والمطلوبُ من حكوماتِنا العربيةِ والإسلاميةِ؛ العملُ ضِمنَ استراتيجيةٍ واضحةٍ ومحدَّدةٍ لحمايةِ القدسِ ومقدَّساتِها، ووجودِ المسلمينَ في أحيائها، وتنسيقُِ جهودِ المؤسساتِ والجهاتِ الداعمةِ والمسؤولةِ، والمؤسساتِ الدوليةِ والإسلاميةِ؛ لتكثيفِ نشاطاتِها ودعمِها للمدينةِ وسكانِها، وتطويرِ برامجَ ماليةٍ لدعمِ ومساعدةِ الأُسرِ التي ترغبُ في ترميمِ أو توسيعِ مساكنِها؛ للتقليلِ من حدّةِ الازدحامِ، واستثمارُ الطاقاتِ وتسخيرُها لتوفيرِ فُرصِ العيشِ الكريمِ لأهلِه، ولتمكينِهم في رباطِهم على تلكِ الأرضِ المقدّسةِ بكفالةِ اليتيمِ، وحلقاتِ العِلمِ، والمشاريعِ الإنتاجية.ِ

ما يجري مع عائلةِ “أبو رجب” ليس حدَثاً استثنائياً، فحياةُ أهالي البلدةِ في حالةِ توَتُرٍ دائمٍ؛ جرّاءَ اعتداءاتِ المستوطنينَ المتكرّرةِ، بفرضِ  سيطرتِهم على أحياءٍ وشوارعَ بأكملِها في البلدةِ القديمةِ لمدينةِ الخليلِ، والتي تخضعُ للسيطرةِ العسكريةِ الإسرائيليةِ الكاملةِ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى