عين على القدس

المسجد الأقصى يشتعلُ.. والمرابطونَ يُخمِدون حريقَه

الثريا_ إسراء أبو زايدة
شهد المسجدُ الأقصى في الأيام الأخيرةِ ملحمةً حقيقيةً؛ إثرَ اقتحامِ المئاتِ من قواتِ الاحتلالِ باحاتِه، واعتدائها بالقوةِ المفرِطةِ على المُصلّينَ العُزّلِ، والشبانِ المعتكفين في المصلّى القِبلي، الذين تصدّوا لهم بصدورِهم العاريةِ، وما تناولتْهُ أيديهِم.

وكانت قواتُ الاحتلالِ طوّقتْ البلدةَ القديمة بالحواجزِ العسكريةِ، ونشرتْ عناصرَها بالمئاتِ في محيط البلدةِ، ومنعتْ دخولَ المصلّينَ، ووصولَهم إلى المسجدِ الأقصى المبارك؛ تهيئةً لاقتحاماتِ المستوطنينَ، تزامُناً مع رأسِ السنةِ العبرية.

رباط رغم الحواجز
وكان للمرابطاتِ حضورٌ مهيبٌ؛ بشجاعةٍ وجرأةٍ ليس لها مَثيلٌ، واعتدتْ قواتُ الاحتلالِ عليهنّ في المسجدِ الأقصى.. وفي شهادةٍ لإحداهُنّ تقولُ لـ”لثريا” المرابطةُ “زينة عمرو”؛ بأنه تمَّ الاعتداءُ على إحدى الأخواتِ، وإلقاؤها من مكانٍ مرتفعٍ، ورغمَ جراحِها وآلامِها؛ أبتْ إلاّ أنْ ترابطَ خلفَ البوابةِ المُغلقةِ، بالإضافةِ إلى تعرُّضِ الفنانةِ والرسامةِ المقدسيةِ المرابطةِ “آلاء الداية” للضربِ المُبرحِ، والاعتقالِ عند بابَ السلسلةِ.

وذكرَ شهودُ عِيان أنّ قواتِ الاحتلالِ اعتدتْ –بوحشيةٍ- على النساءِ والرجالِ المتواجدينَ عند أبوابِ الأقصى، خاصةً بابَ السلسلةِ، بالإضافةِ إلى استعمالِ الجنود قنابلَ الصوتِ والغازِ، والهراواتِ، ما أوقعَ عدداً من الجرحَى في صفوفِ الرجالِ والنساءِ.

وفي سياقٍ متّصلٍ، استهدفتْ قواتُ الاحتلالِ الصحافيينَ الذين تَواجدوا عندَ بابِ السلسلةِ، ومنعتْهم من أداءِ عملِهم، واعتدتْ عليهم بالضربِ المُبرحِ، وسلّمتهم أوامرَ استدعاءٍ للتحقيقِ.

وحاصرتْ قواتُ الاحتلالِ مبنى المُصلَّى القِبلي واعتلتْ سطحَه، وقامتْ بتحطيمِ نوافذِه المزخرّفةِ وأبوابِه، وأطلقتْ قنابلَ الصوتِ والغازِ، والرصاصَ المطاطيّ على المُعتكفينَ، ما أدّى إلى اشتعالِ حريقٍ داخلِه، وإصابةِ العشراتِ بحالاتِ اختناقٍ وكسورٍ؛ جرّاءَ إلقاءِ القنابلِ عليهم بشكلٍ مباشر.

فيما اندلعَ حريقٌ آخَرُ جنوبيَّ المصلّى القِبلي، ومنعتْ قواتُ الاحتلالِ رجالَ الإطفاءِ من إخمادِه، وصادرتْ عناصرُه مُعدّاتِ الإطفاءِ والسلالمِ، وأصيبَ رجلُ إطفاءٍ برصاصةٍ مطاطيةٍ؛ نُقلَ على أثرِها إلى المستشفَى لتلقّي العلاجِ.

اعتداءٌ على الحراسِ :
وأخرجتْ قواتُ الاحتلالِ حراسَ المسجدِ الأقصى من ساحاتِه بالقوةِ، ومنعتْ باقي الحراسِ، وموظفي الأوقافِ من الدخولِ، واعتدتْ عليهم بالقوةِ، وأصيبَ الحارسُ “صالح الرفاعي” برضوضٍ في جسدِه.. ويرقدُ حالياً في مستشفى المقاصدِ لتلقّي العلاجِ.

واعتقلتْ قواتُ الاحتلالِ الحارسَ “صالح الصالحي” الذي تعرّضَ للضربِ المُبرحِ، إضافةً إلى مديرِ المسجدِ الأقصى الشيخ “عمر الكسواني” الذي تعرّضَ للاعتداءِ من قواتِ الاحتلالِ.

وبدَورِه، يفيدُ رئيسُ قِسمِ الإسعافِ في جمعيةِ الهلالِ الأحمرِ الفلسطيني” د.أمين أبو غزالة” أنّ عددَ المصابينَ بلغ (110) مصابين؛ منهم سبعينَ داخلَ المسجدِ الأقصى، والباقي أمامَ بابِ حِطّة والسلسلة، مشيراً إلى أنه تمَّ نقلُ عشرينَ مصاباً للمستشفى؛ لتلقّي العلاجِ، وتمَّ معالجةُ الباقي ميدانياً، ووقعتْ حوالي خمسُ إصاباتٍ متوسطةٍ بالرأسِ والصدرِ.

موقفٌ حازمٌ
ومن جانبه، يدعو الشيخ “عكرمة صبري”- رئيسُ الهيئةِ الإسلاميةِ العليا في القدس- الزعماءَ والحكوماتِ العربيةَ، إلى اتخاذِ مواقفَ حازمةٍ وقويةٍ بشأنِ جرائمِ الاحتلالِ في المسجدِ الأقصى المباركِ.

ويطالبُ “صبري” بحِراكٍ سياسيّ دبلوماسيّ تجاريّ واقتصاديّ، يردعُ الاحتلالَ عن بطشِه وعُنجهيتِه تُجاهَ المسجدِ الأقصى والمرابطينَ فيه، واصفاً المواقفَ العربيةَ التي صدرتْ إزاءَ جرائمِ الاحتلالِ بحقِّ الأقصى “بالهزيلةِ”.

الخطرُ باقٍ.. والأملُ قريبٌ

فيما أعلنتْ سلطاتُ الاحتلالِ بأنّ البلدةَ القديمةَ في القدسِ المحتلةِ منطقةٌ مغلَقةٌ حتى صباحِ الثلاثاء؛ من أجلِ تأمينِ اقتحاماتِ المستوطنينَ في المسجدِ الأقصى، ومنعِ وصولِ المصلّين إليه.

ويتوقعُ مراقبونَ تَكرارَ السيناريو، وإنْ كان بوتيرةٍ أخفَّ وطأةً، إلا أنهم شدَّدوا على أنّ الخطرَ على المسجدِ الأقصى يسيرُ في دالةٍ تصاعديةٍ، سيُحبِطُها المرابطونَ بصمودِهم، والتفافِ الفلسطينيينَ والعالمِ العربيّ والإسلاميّ حولَ مسرَى رسولِهم.

وأضافوا أنّ تصعيدَ قواتِ الاحتلالِ من اعتداءاتِها على المسجدِ الأقصى والمصلّين، يدلُّ على المأزِقِ الذي وصلتْ إليه سلطاتُ الاحتلالِ، وتخبُّطِها في كيفيةِ التعاملِ مع صمودِ المرابطينَ في مواجهةِ ممارساتِ الاحتلالِ وقراراتِه العنصريةِ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى