المرابطاتُ في المسجدِ الأقصى يصنعنَ كيمياءَ الرباطِ في عالمِ الخذلانِ

الثريا_ إسراء أبوزايدة
في ظِلِّ التمادي المقصودِ الذي تمارسُه قواتُ الاحتلالِ بالاعتداءِ على المرابطاتِ والمصلّينَ داخلَ المسجدِ الأقصى المبارك، و لا تزالُ المرأةُ المقدسيةُ خطَّ الدفاعِ الأول عن المسرَى، ولا يَخفى على أحدٍ الدورَ الملحوظَ الذي لعِبتْهُ النساءُ المَقدسياتُ في إحباطِ محاولاتِ اقتحامِ المسجدِ الأقصى، وتدنيسِه من قِبلِ جماعاتِ المستوطنينَ، التي تُخططُ للاستيلاءِ على المسجدِ، وإقامةِ الهيكلِ المزعومِ مكانَه.
فالمتابعُ لسلسلةِ الأحداثِ المتتاليةِ؛ يلحظُ أنّ مشهدَ المرأةِ المقدسيةِ في الدفاعِ عن المسجدِ الأقصى لم يَغِبْ حتى في أحلكِ الظروفِ.
المرابطةُ “خديجة خويص” تسعَى إلى التواجدِ على أبوابِ المسجدِ الأقصى، رغمَ المنعِ وما تعرضتْ له من إبعادٍ، واصفةً ما يدورُ في الأقصى بجريمةِ حربٍ، بكلِّ ما تَعنيهِ الكلمةُ، لاسيّما في ظِلِّ سياسةِ التهويدِ التي تستهدفُ الحجرَ والشجرَ والبشرَ، في محاولةٍ من الاحتلالِ للسيطرةِ الكاملةِ على الأقصى، وليس مجردَ تقسيمِه.
وتوضّح بأنّ السببَ الرئيسَ خلفَ الحملةِ المسعورةِ، التي يتعرّضُ لها الأقصى؛ يَكمنُ في تحقيقِ حُلمِ “بن غوريون” بأقصى سرعةٍ، والذي يهدفُ إلى السيطرةِ الكاملةِ على المدينةِ المقدّسةِ، وما تحويهِ من هيكلِهم المزعومِ.
خُطةُ التهويدِ
وتقولُ خويص لـ”الثريا:” الجرمُ الوحيدُ الذي نلاحَقُ ونعاقَبُ عليه أننا أحرار”، مضيفةً:” المرابطاتُ على أبوابِ المسجدِ الأقصى صنعنَ كيمياءَ الرباط، وصنعنَ لأنفسهِنَّ أرقاماً صعبةً في عالمٍ لوّثَه الخذلانُ والصمتُ اللعين”.
وتتابعُ بالقول:” ما نتعرضُ له هو جزءٌ من خُطةِ التهويدِ من أجلِ تفريغِ الأقصى، كونَهم يَعلمونَ جيداً دورَ المرأةِ في عرقلةِ وفضْحِ مشاريعِ التهويد”، مشيرةً إلى حملاتِ الملاحقةِ ضدَّ النساءِ المَقدسياتِ، وإبعادهنَّ بالجملةِ عن المسجدِ، خاصةً في فترةِ احتفالِهم بأعيادِهم المشؤومةِ.
وحولَ ما تتعرّضُ له النساءُ على أبوابِ الأقصى، من وسائلِ قمعٍ وتنكيلٍ، تجيبُ:” يتمُ الاعتداءُ علينا بالضربِ، ورَشُّنا بالغازِ، والركلِ، والضربِ، إضافةً إلى الاعتقالِ بطريقةٍ مهينةٍ على مسمَعِ العالمِ، إضافةً إلى إصدارِ قرارٍ جائرٍ بحظْرِ الرباط”، في محاولةٍ منهم لإيجادِ ذريعةٍ للتنكيلِ بالنساءِ بطريقةٍ غيرِ مسبوقةٍ.
وتؤكّدُ “عمرو” على بقاءِ المرأةِ المقدسيةِ صامدةً ثابتةً مرابطةً متمسّكةً بحقِّها في الأقصى، رغمَ ما تتعرّضُ له من ملاحقةٍ وإبعادٍ، مستنكِرةً انشغالَ العربِ عن قضيةِ المسلمينَ الأولى، والاقتصارِ على قضاياهم الداخليةِ، تاركينَ الأقصى يواجِهُ مصيرَه وحيداً، معتبرةً أنّ تخاذُلَ الحكامِ جعلَ الاحتلالَ يستبيحُ حرمةَ المُقدّساتِ. وتكشفُ “عمرو” النقابَ عن الدورِ الذي يلعبُه التنسيقُ الأمنيُّ، والذي يسمحُ للمحتلِّ بأنْ يمضيَ قدماً في مخططاتِه، مشيدةً بالدورِ الذي تلعبُه حرائرُ الأقصى، ومبيِّنةً بأنَّ صمودَهنَّ سيكشفُ القناعَ عن وجهِ الاحتلالِ الغاشمِ، وعن وجهِ كلِّ متخاذلٍ وعميلٍ ومتواطئٍ، وسيكشفُ النقابَ عن المؤامرةِ التي تتعرضُ لها مدينةُ القدسِ وأقصاها وأهلِها.
ملاحقةٌ مستمرةٌ
وفي لقاءٍ مع الصحفيةِ المرابطةِ “زينة قطميرة” تبيِّنُ أنّ الأحداثَ في الأقصى بلغتْ ذروتَها، وأصبح التواجدُ من قبلِ المرابطينَ يقتصرُ على أبوابِه، جرَّاءَ منعِهم من الدخولِ للأقصى، مشيرةً إلى قِلّةِ أعدادِ المرابطينَ؛ نتيجةَ التصعيداتِ، وما يتعرضونَ له من ضربٍ وشتمٍ وإبعادٍ، والتعرُّضِ لقنابلِ الصوتِ، إضافةً إلى ملاحقةِ المرابطاتِ في أنحاءِ البلدةِ القديمةِ، حتى الوصولِ إلى الأبوابِ الخارجيةِ.
وتَذكرُ “قطميرة” بأنّ الملاحقةَ لا تقتصرُ على المرابطينَ؛ بل تَشملُ الصحافيينَ والناشطينَ، وتكسيرَ كاميراتِ المصوّرينَ، منوّهةً إلى تعرُّضِ كلِّ مَن يتواجدُ على أبواب المسجدِ الأقصى إلى الإصابةِ المباشرةِ.
أخواتُ الرجالِ :
بدورِها تقولُ مدرّسةُ القرآنِ الكريمِ في المسجدِ الأقصى هنادي حلواني لـ “الثريا”،:” الدفاعُ عن المسجدِ الأقصى هو تشريفٌ من اللهِ، ودفاعٌ عن شرفِ هذه الأُمة”، مبيّنةً أنّ الأقصى في هذه الأوقاتِ يشهدُ حملةً شرسةً من قِبلِ مؤسسةِ الاحتلالِ الصهيوني، بتصعيداتٍ واضحةٍ على أهلِه وحرائرِه على وجهِ الخصوصِ.
وتشيرُ “حلواني” إلى أنّ التكبيرَ أصبح تهمةً، يتمُ اعتقالُ المرأةِ المقدسيةِ عليها؛ كونَ صوتُها يرعبُ المستوطنينَ، لافتةً إلى أنه يتمُ معاملةُ المرأةِ كالرجالِ، وأصبح الاعتداءُ عليها من قبلِ قطعانِ المستوطنينَ ملحوظاً في أحياءِ مدينةِ القدس، وما تتعرّضُ له من سَحلٍ، ونزعِ حجابٍ، وزجٍّ في السجونِ للقاصراتِ، والكبيراتِ في السنِّ، وحرقٍ للجسدِ، مُرجعةً السببَ في ذلك للضغطِ على النساءِ بإبعادِهنَّ عن الأقصى وتخويفِهنَّ.
وتَعدُّ “حلواني” بأنّ الاحتلالَ ينظرُ للمرأةِ بعينِ الخطرِ، نظراً للدورِ الفاعلِ الذي تلعبُه.. في عرقلةِ الكثيرِ من المخططاتِ، إضافةً إلى أنّ وجودَها يشكلُّ سداً منيعاً أمامَ الطغاةِ، فيحاولونَ إبعادَهنَّ بإجراءاتِهم القمعيةِ.
وترى “حلواني” بأنّ السببَ الذي دفعَ المرأةَ المقدسيةَ للوقوفِ جَنباً إلى جنبٍ مع الرجلِ في الدفاعِ عن المسجدِ الأقصى، يكمُنُ في تكثيفِ حملاتِ الاعتقالِ ضدّ الرجالِ، ما جعلَ المرأةَ تأخذُ على عاتقِها همَّ الدفاعِ عن الأقصى، وتحمُّلَ المسئوليةِ، وصدَّ الاقتحاماتِ، واعتراضَ طريقِها بالتكبيراتِ، ومنعَ زياراتِ المستوطنينَ.
وتؤكّدُ حلواني بالقول:” رغمَ صدورِ قراراتِ الإبعادِ؛ إلاّ أننا سنبقَى صامدينَ، ونرسلُ لهم رسائلَ من خلالِ تواجُدِنا على أقربِ نقطةٍ للبواباتِ، بأنه مَهما أبعدْتني لن تبعدَ حبّي للأقصى”.
وُيشارُ إلى أنّ محكمةَ الصلحِ الصهيونية، أصدرتْ قراراتِ إبعادٍ جديدةً مَطلعَ أكتوبر الحالي، حيثُ قرّرتْ إبعادَ السيدةِ المقدسيةِ “نجود مطير” عن المسجدِ الأقصى لمدةِ ثلاثينَ يوماً.
وفي السياقِ ذاتِه، سلّمتْ مخابراتُ الاحتلالِ الشابَّ المَقدسيَّ “محمد الرازم” قراراً بالإبعادِ عن المسجدِ الأقصى لمدة سِتّينَ يوماً، بعدَ دَهمِ مكانِ عملِه في المدينةِ،ـ واستجوابِه لعدّةِ ساعاتٍ.