هجمةٌ مسعورةٌ يتعرّضُ لها الأقصى في ظِلِّ صمتٍ عربيٍّ مُخزٍ

الثريا_ إسراء أبوزايدة
إنّ ما يتعرّضُ له الأقصى من تدنيسٍ، واعتداءٍ سافرٍ وواضحٍ، من قِبلِ القواتِ الصهيونيةِ؛ يمثّلُ في حقيقةِ الأمرِ صورةً مؤلمةً لِما آلتْ إليه أمورُ الأُمةِ الإسلاميةِ، وبات اليومَ الأمرُ مكشوفاً للجميعِ.. في ظِلِّ الصمتِ المُطبِقِ من قِبلِ الحكامِ العربِ، وشعوبِهم، ورؤيتِهم للاعتداءاتِ المتكررةِ على مقدّساتِ المسلمينَ، دونَ أنْ يحرّكوا ساكناً!!.
في هذه الأثناءِ تشهدُ المدينةُ المقدسةُ حالةً من التوترِ الشديدِ في أحياءِ البلدةِ القديمةِ في القدسِ المحتلة، عقبَ عملياتِ الطعنِ المتتابعةِ من أُسودِ فلسطين، ورفضِ سلطاتِ الاحتلالِ الإسرائيليّ تسليمَ جثمانَي الشهيدينِ- “مهند حلبي”، مَنفّذِ عمليةِ الطعنِ النوعيةِ في القدسِ أمسَ، “وفادي علون” الذي أعدمتْه الشرطةُ الصهيونيةُ بدمٍ باردٍ- لعائلتَيهما.
ولم تَسلمْ طواقمُ الإسعافِ من الاعتداءِ عليها، من قِبلِ قواتِ الاحتلالِ، وكذلك الحالُ مع الشبانِ المَقدسيينَ، بعدَ تحويلِ القدسِ لثكنةٍ عسكريةٍ، وإخراجِ عددٍ كبيرٍ من المعتكِفينَ خارجَ أسوارِ البلدةِ القديمة، وبعدَ عمليةِ الطعنِ الأخيرةِ؛ نجَمَ عن ذلك دعواتٌ صهيونيةٌ لتأديةِ صلواتٍ على أرواحِ قتلاهم في المسجدِ الأقصى.
وفي أعقابِ ذلك فرضتْ قواتُ الاحتلالِ حصاراً كاملاً على البلدةِ القديمةِ، وأغلقتْ مداخلَها، ومنعتْ الخروجَ منها أو الدخولَ إليها، كما أجبرتْ أصحابَ المحلاتِ التجاريةِ على إغلاقِها، وما زال التوترُ سيدَ الموقفِ حتى اللحظةِ.
ويذكرُ المرابطُ في المسجدِ الأقصى “رضوان عمرو” بأنّ قواتِ الاحتلالِ تفرضُ -للأسبوعِ الثاني على التوالي- قيوداً وتشديداتٍ على دخولِ المصلّينَ للمسجدِ الأقصى، كما أوقفتْ حافلاتٍ كانت تُقِلُّ مُصلّينَ من الداخلِ الفلسطينيّ إلى المسجدِ الأقصى، وقامت بإرجاعِها دونَ مبرِّرٍ قانونيّ، وعزّزتْ ذلك بإلقاءِ قنابلِ الغازِ والصوتِ على الشبانِ؛ لتفريقِهم وإبعادِهم عن بابِ الأسباطِ.
ويقولُ عمرو:” المسجدُ الأقصى المباركُ مُفرّغٌ من المصلّينَ بشكلٍ لم أعهدْهُ من قبلُ ، وحسبَ تقديري.. بأنّ ملفَ بواباتِ الأقصى ستُركّزُ عليه سلطاتُ الاحتلالِ حتى نهايةِ العامِ الحالي، في محاولةٍ منها لخنقِ المسجدِ، وإثباتِه كأمرٍ واقعٍ جديدٍ في الأقصى”.
ويوضّح “عمرو” سلسلةَ الإجراءاتِ التي تتّبِعُها أجهزةُ الأمنِ الصهيونيةُ في الميدانِ، ومنها تثبيتُ بواباتِ فحصٍ دوّارةٍ وإلكترونيةٍ على الممراتِ الخارجيةِ الموصِلةِ إلى أبوابِ الأقصى، وتثبيتِ الحواجزِ العسكريةِ الموجودةِ مؤقّتاً؛ كحواجزَ دائمةٍ على غرارِ المسجدِ الإبراهيمي، والعملِ على تقليصِ فتراتِ فتحِ البواباتِ الغربيةِ للأقصى؛ كونَها تربطُ المسجدَ بشكلٍ حيويٍّ مع البلدةِ القديمةِ، وترفدُه بمعظمِ المصلينَ وأهلِ البلدِ.
ويضيفُ عمرو :” كذلك عزلُ بابِ “الغوانمة” بشكلٍ تامٍ منذُ أسابيعَ ماضيةٍ، ومنعُ الدخولِ منه، وبابُ السلسلةِ أصبح خلالَ المئةِ يومٍ الماضيةِ من أقلِّ الأبوابِ رفداً للأقصى بالمسلمينَ، بعدما كان أكثرَها حيويةً.. واصفاً ذلك “بالتجفيفِ القَسريّ” الذي تسعى له المؤسساتُ الصهيونيةُ، إضافةً إلى مواصلةِ الضغطِ التصاعدي على حرسِ المسجدِ؛ لمحاولةِ إنهاءِ صلاحياتِهم بالكاملِ، وتحييدِ دورِهم نهائياً عن البواباتِ، وتهديدِهم بالسلاحِ من قِبلِ القواتِ الخاصةِ؛ ما تَسبّبَ بتوتُرٍ شديدٍ في المسجدِ.
وكانت قواتُ الاحتلالِ نصبتْ عشراتِ السواترِ الحديديةِ في شوارعِ مدينةِ القدسِ، ومداخلِ البلدةِ القديمةِ، والمسجدِ الأقصى، ومنعتْ الشبانَ من دخولِ المسجدِ الأقصى.
وفي خطوةٍ وصفَها مصلّونَ بعملياتِ “قرصنة” ذاتِ تداعياتٍ خطيرةٍ، أوقفتْ الشرطةُ الإسرائيليةُ حافلاتٍ؛ انطلقتْ من مناطقَ مختلفةٍ من الداخلِ الفلسطيني، منها “الطيرة، وكفر كنّا”، وقامت بإرجاعِ الحافلاتِ، وعدمِ السماحِ لها بالوصولِ إلى القدسِ والمسجدِ الأقصى المبارك، دونَ أيِّ مبرِّرٍ لهذا الإجراءِ التعسُّفي.
وتأتي هذه الخطوةُ استمراراً لاستهدافِ سلطاتِ الاحتلالِ الإسرائيليّ للحافلاتِ المتوجِّهةِ من الداخلِ الفلسطينيّ إلى القدسِ والمسجدِ الأقصى؛ لعزلِهما عن محيطِهما الفلسطينيّ بالقوة.
وفي خطوةٍ جريئةٍ، تجوبُ البلدةَ المقدسةَ صباحَ اليومِ مسيرةٌ حاشدةٌ؛ يتقدَّمُها قياداتٌ من الداخلِ الفلسطينيّ؛ تنديداً بإجراءاتِ الحصارِ على المسجدِ الأقصى .
ويُذكرُ أنّ نحوَ عشرةِ آلافِ عنصرٍ احتلاليٍّ؛ اقتحموا ودنّسوا المسجدَ الأقصى، منذُ بدايةِ العامِ الجاري” 2015 ” حتى الآن، فيما تعرّضَ المسجدُ الأقصى إلى أربعةِ اقتحاماتٍ عسكريةٍ كُبرى من ضِمنِها الجامعُ القِبلي المسقوفِ، حصلتْ جميعُها خلالَ “الأعيادِ اليهودية”، وتخلَّلها اقتحامٌ للجماعاتِ اليهوديةِ، وحاخاماتٍ، ووزيرِ الزراعةِ الإسرائيليّ “أوري أريئيل”.